بعد ربع قرن على رحيله.. الشيخ الطنطاوي يظهر في التواصل الاجتماعي صاحب أطول برنامج ديني تلفزيوني في الإعلام العربي

الرياض: صبرة

في أواخر حياته؛ أدركه ما يُدرك المسنّين من سهو ونسيان. وراح يظهر في برنامجه الأسبوعي يوم الجمعة، وهو يتحدث في موضوعات مليئة بالاستطرادات والتفرّعات.. وحين ينتبه إلى أنه نسي ما كان يتحدث فيه يخاطب المشاهدين بعبارة تكررت حدّ الشهرة: خذوني على علّاتي.

إنه الشيخ علي الطنطاوي، صاحب أطول برنامج ديني تلفزيوني في الإعلام العربي، شاغلاً قرابة ربع قرن في برنامجه الرمضاني “على مائدة الإفطار”، فضلاً عن برنامجه الذي يُبثّ عصر كل جمعة، وهو يسجّله بجهاز تسجيل قبل أن يبدأ.

عُرضت أولى حلقات برنامجه عام 1967م، أي بعد سنتين فقط على تأسيس التلفزيون السعودي. وبقي على ذلك حتى التسعينيات، حيث صار أضعف من أن يستمرّ في الظهور التلفزيوني، بسبب العقبات الصحية.

في هذا العام، وتحديداً في هذا الشهر، راح وجه الشيخ علي الطنطاوي يظهر في مقاطع فيديو قديمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مرتبطة بمقاطع تحدثت فيها ابنته عنه، وعن حياته، وعن طباعه داخل المنزل، وبالذات في شهر رمضان المبارك.

نشأته وأسرته

وُلِد الشيخ علي الطنطاوي عام 1909م، في مدينة دمشق، ينحدر من أسرة عُرفت بشغفها للعلم، والده الشيخ مصطفى الطنطاوي، الذي كان من العلماء المعدودين في بلاد الشام، اسم والدته رئيفة بنت الشيخ أبي الفتح الخطيب، وأصلهم من بغداد.

منذ أن بلغ الشيخ علي الطنطاوي سن الدراسة، اختارت له عائلته أن يتلقى العلم على يد المشايخ المعروفين، بالإضافة إلى التعلم في المدارس النظامية، وتنقل بين المدارس حتى تخرجه من الثانوية الوحيدة في مدينة دمشق في عام 1928م، وارتحل إلى مصر طلبًا لإكمال مسيرته العلمية، ودخل دار العلوم العليا.

عاد إلى مسقط رأسه دمشق ليدرس الحقوق في جامعتها، واستطاع إنهاء المرحلة الجامعية الأولى فيها سنة 1933م، وفي أثناء عودته إلى دمشق عمل على تطبيق التجربة التي أعجبته بمصر، وهي تأليف العديد من لجان الطلبة، وشكل اللجنة العليا لطلاب سورية، وانتُخِب رئيسًا لها، وكان لهذه اللجنة تحت قيادته دور كبير في مقاومة الاحتلال الفرنسي في سورية.

حياته العملية

عندما أُتيحت الفرصة للشيخ علي الطنطاوي أصبح كاتباً في العديد من الصحف التي كانت تصدر في عصره، وأهم الصحف التي تهافتت إلى الشيخ ليكون كاتباً فيها جريدة المقتبس، والفتح، والزهراء، وفتى العرب، وتولى إدارة تحرير العديد من المجلات المشهورة ومنها جريدة الأيام، والنصر.

ومن أهم الأعمال التي عمل بها الشيخ علي الطنطاوي، مهنة التعليم، توجه إلى العراق ليكون مدرسًا في الثانوية المركزية في بغداد، ودار العلوم الشرعية، عاد بعدها إلى دمشق ليعمل في أكبر مدارسها الثانوية، وفي أثناء زيارته لمدينة دير الزور، قام بإلقاء خطبته المشهورة، محرضًا السكان على الثورة ضد الاحتلال الفرنسي، الذي منعه من ممارسة مهنة التدريس،.

وبعد منعه؛ توجه للعمل في مجال القضاء، واستمر فيه قرابة 25 سنة، بعدها أصبح مستشارًا لمحكمة النقض في الشام، وبعدها تولى نفس المنصب في مدينة القاهرة، في أيام الوحدة بين سورية ومصر.

انتقاله إلى السعودية

في عام 1963م سافر علي الطنطاوي إلى الرياض مدرّساً في “الكليات والمعاهد”، وكان هذا هو الاسم الذي يُطلَق على كلّيتَي الشريعة واللغة العربية، وقد صارت من بعد جامعة الإمام محمد بن سعود.

وانتقل علي الطنطاوي إلى مكة ليمضي فيها 35 عاماً، فأقام في أجياد مجاوراً للحرم 21 سنة من عام 1964م إلى عام 1985م، ثم انتقل إلى العزيزية، فسكنها 7 سنوات، ثم إلى جدة فأقام فيها حتى وفاته في عام 1999م، بحسب ما ذكر موقع البحث ويكيبديا.

بدأ علي الطنطاوي هذه المرحلة الجديدة من حياته بالتدريس في كلية التربية بمكة، ثم لم يلبث أن كُلف بتنفيذ برنامج للتوعية الإسلامية فترك الكلية وراح يطوف على الجامعات والمعاهد والمدارس في أنحاء المملكة لإلقاء الدروس والمحاضرات، وتفرَّغَ للفتوى يجيب عن أسئلة وفتاوى الناس في الحرم -في مجلس له هناك- أو في بيته ساعات كل يوم، ثم بدأ برنامجيه “مسائل ومشكلات” في الإذاعة و “نور وهداية” في الرائي، الذين قُدر لهما أن يكونا أطول البرامج عمراً في تاريخ إذاعة المملكة وتلفزيونها، بالإضافة إلى برنامجه الأشهر “على مائدة الإفطار”.

اعتزل الشيخ علي الطنطاوي الناس في منزله، إلا قليلًا من أقاربه وأصدقائه وبعض طالبي العلم؛ لأن المرض أنهك جسده، وبقي على هذا الحال سنوات عديدة، وأمضى بعض وقته في المستشفى، إلى أن حانت ساعة الوداع، وكان ذلك عام 1999م، في قسم العناية المركزة بمستشفى الملك فهد بجدة، وتم دفنه في مقبرة العدل.

مؤلفاته

قضى الشيخ علي الطنطاوي معظم حياته بين الكتب، قارئاً ومؤلفاً، حيث أنه ترك العديد من المؤلفات الغنية، ومن أهم هذه المؤلفات:

– تعريف عام بدين الإسلام.

– صور وخواطر.

– من حديث النفس.

– الجامع الأموي.

– هتاف المجد.

– مباحث إسلامية.

– فصول إسلامية.

– نفحات من الحرم.

– صور من الشرق.

– تحقيق صيد الخاطر لابن الجوزي.

– فكر ومباحث.

– بشار بن برد.

– مع الناس.

– رسائل الإصلاح.

– مسرحية أبي جهل.

– ذكريات علي الطنطاوي، وهو في ثمانية أجزاء.

– أخبار عمر.

– عمر بن الخطاب، وهو في جزأين.

– أبو بكر الصديق.

– بغداد.

– حكايات من التاريخ.

– أعلام التاريخ، وهو عبارة عن سلسلة هدفها التعريف بأهم أعلام الإسلام.

– في إندونيسيا.

– في بلاد العرب.

– في سبيل الإصلاح.

– رسائل سيف الإسلام.

– رجال من التاريخ.

– الهيثميات.

– التحليل الأدبي.

– من التاريخ الإسلامي.

– دمشق.

– مقالات في كلمات.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×