في صفوى.. دمعة “زكية” ما زالت ساخنة المعلمة الخطيبة الشاعرة
صفوى: أمل سعيد
ليس من السهل أن تكتب عن فقيد لم تبرد جمرة فقده بعد، وما يزيد الأمر صعوبة أن يكون ذلك الفقيد اجتماعياً يتحلق حوله الأحبة، ويجتمع عنده الأصحاب.
وفي هذا التأبين المقتضب، يتكلم لسان الحال أكثر ليرسم الذكرى التي تتزاحم في أذهان الفاقدات، وربما كانت الكلمات المختزلة المتقطعة، والجمل المبتورة نهايتها بدموع المفجوعات هو ما يصف حقيقة الوضع.
اجتمعت الصديقات، كل الصديقات هنا يا زكية، في المجلس المنصوب ليواسين بعضهن بفقدك.
حرارة الدمع، وارتجاف الكلمات يوصلك حتماً إلى لحظة سماع الخبر الذي يبقى عصياً، بمقدار حقيقته، على التصديق.
زكية السيد محمد الزين، المعلمة، الخطيبة، المثقفة والشاعرة، البسيطة والعفوية، رحلت عن الدنيا وتركت خلفها عبق الذكرى.
ماتت زكية
“ماتت رفيقة الصبا، وشقيقة الضحكات.. ماتت الفريدة، النادرة الملاك، الزاهدة المثقفة، المتواضعة الحنونة، الحبيبة (الخيّة)، الأم، ماتت التي ليس لها مثيل في هذه الأرض. أنا لم أفقد أختاً بل فقدت روحي”.
بهذه الكلمات وبصوت مبحوح منهك ابتدأت المعلمة منى الأحمد حديثها عن رفيقة دربها.
وتصف الأحمد حالها “أصبتُ قبل 4 سنوات بجلطة، ومنذ تلك الإصابة، بدأتُ أتخلى عن بعض الممارسات الاجتماعية، ومنها أني لم أدخل (فاتحة) قط؛ إلا أني اليوم أجدني غير قادرة على مغادرة (فاتحتها)، وكأنه آخر المكوث بحضرتها”.
وتسترسل في حديثها “حاولت قبل أيام من رحيلها أن أمدها ببعض القوة التي كانت تهبها للجميع، علّها تقلع عن فكرة الرحيل، قلت لها: قومي من رقودك، أنت أقوى مني وأفضل، قومي فأمامنا الكثير لنفعله، أنا قمت وأنت تستطيعين، وضعت يدها بيدي فامتلأت عيناها بالدموع، ورسمت على محياها ابتسامة رضا ونظرات مودع”.
هكذا عرفها الناس
“لم أعرف أحداً غضب منها، ولم أجد شخصاً عرفها واستاء من تصرف فعلته، أو تضايق من كلمة قالتها، كانت زكية نسمة الجلسات الجماعية، وملجأ الجلسات الخاصة.
كان مبرر الآخر حاضراً على لسانها دائماً، وجملتها التي تكررها وراء كل موقف قد تجد منه في نفسك: أم تسنيم عادي، لا تشيلي في نفسك.
إذا احتاجت منك مساعدة، فثق أنها تحتاجها لسواها، وإن طلبت منك شيئاً فيقينا هي تطلبه لآخر، ما في يديها له وجهات كثيرة ومتعتها الشخصية آخر تلك الجهات”.
أم الأطفال
“بعد تخرجنا من الجامعة، عملنا في روضة أطفال، ومن شدة حنانها ورأفتها، كانت لا تستطيع ضبطهم أحيانا، فتناديني أم تسنيم تعالي قولي (لليهال) يقعدوا، ما أصخي أزقر عليهم، وهكذا بقيت صورتها في أذهان من درّستهم، سواء في الروضة أو حتى في المدرسة.
كانت تجمع أطفال العائلة والأحبة والجيران وتأخذهم لمزرعتها، مكلّفة نفسها همّ رعايتهم، وجهد الاعتناء بهم، وهي ممتلئة رضا وسعادة بهذا العمل”.
أبله زكية
وتقول فاطمة التركي “هنا الكل يبكيها وينعاها، الحاضرات في عزائها كلهن معزِياتٌ وكلهن معزَيات، الكل يعزي الكل ويبكي بحرقة، فإن عرفتها فهي حتما ستكون لك أماً، أو حبيبة، أو صديقة”.
تكمل التركي “مرات عديدة قالت لي، لا تناديني أبله قولي زكية، أجبتها: لا أستطيع أنت معلمتي وستبقين معلمتي، ورغم علاقتنا القوية، ولقاءاتنا المستمرة، بقي اسمها على لساني.. أبله زكية”.
تضيف “عرفتها وعمري 6 سنوات، كنت أتردد على حسينية أم علي المرهون وكانت هي من المسؤولات هناك، وابتدأت علاقتي بالأم زكية، ولوجود بيت جدي بجانب بيت أهلها فقد حظيت بنزهة معتادة وشبه يومية إلى المزرعة، حيث تمر على الصغار في بيت أهلها وتأخذني معهم”.
“كبرت وأصبحت معلمتي في المرحلة الثانوية، ويا لها من معلمة، فرغم كل هدوئها إلا أنها تخُجل الطالبات المشاغبات بطيب أخلاقها، وبتجاوزها”.
المعلمة الصديقة
“وما لبثت المعلمة أن تحولت إلى صديقة مقربة، فهي بكل بساطة وعفوية تتسرب في تفاصيلك، وتدخلك في عالمها، وها هي اليوم ترحل وقد تركت منها جزءاً في حياتنا جميعاً”.
تحكي التركي موقفاً للراحلة “بقيت سنوات طويلة محرومة من الإنجاب، وكانت في كل مرة تسليني وتصبرني، وتكرر.. فاطمة: لا تيأسي، سيعطيك الله حتى ترضي، فهو الكريم.
وبعد 17 سنة حملت بطفلي الأول، كانت فرحتي أكبر من أن أبقيها في صدري، فذهبت لأم تسنيم وأخبرتها وما إن دخلت علينا أبله زكية حتى أخبرتْها: فطوم حامل، ولشدة فرحتها وقبل أن تجلس توضأت وسجدت لله شكراً، عانقتني، وقالت: ألم أحدثك عن كرم الله وعطفه؟!!”.
تتدحرج الذكريات في صدر التركي “ماذا نقول عنها، وماذا نترك، فكل الذكريات معها حية ودافئة، ورحيلها يشعل الذكرى ويجعلها حارقة، رحم الله معلمتي وصديقتي أبله زكية”.
صديقة المجتمع
وبانسيابية واضحة تتدفق الكلمات على لسان صديقتها المعلمة زهراء المطرود “زكية هي التواضع الجمّ، والقلب الرؤوف، البياض والطهر، ملاذ كل من عرفها.
تتساوى عندها أو ربما تهوي إليها كل الطبقات، الطبقة الراقية والطبقة الفقيرة وحتى المعدمة، تجد عندها أنواع الأرجل، وتصاحب حتى العمق أصنافاً لا تتشابه.
هي أم من ليس لديه أم، وهي صديقة وأخت لكل من احتاج السند والمعونة.
أظن أني عرفتها منذ وعيت على الدنيا، كان لقاؤنا الأول في احتفال في منزلها وبقيت حاضرة في المناسبات الدينية والاجتماعية، احتوتني وكثير غيري من الفتيات في سنوات كنا في أشد الحاجة إلى الاحتواء.
في كل لقاء معها موقف، وكل لقاء بها يمثل خلق”.
سقطة بسيطة
تصف المطرود حال المرحومة “لم تحب المستشفيات قط، ولا تحب الذهاب إليها، وكان الطب الشعبي هو البديل الأفضل عندها، لكنها في الفترة الأخيرة كانت منهكة جداً، ورغم أنها لم تكن تشكو من شيء محدد، إلا أن الضعف والوهن كانا ملازمين لجسدها، فطلبت الذهاب إلى المستشفى التعليمي، وكم استغربنا الأمر، لكنها أصرت ولم توفق للحصول على موعد هناك”.
تكمل “مضت فترة بسيطة، وفي منتصف نوفمبر الماضي تزحلقت ووقعت على رأسها، لم تتأذى كثيراً، لكنها وجدت في ذلك حجة للدخول من الطوارئ إلى التعليمي، وهذا عين ما حدث”.
العناية المركزة
“دخلت المستشفى على قدميها بوهن تريد أن تعرف علته، متذرعة بسقوط لم يبدُ أنه شديد، وإذ بالمستشفى يتحفظ عليها ويدخلها غرفة العناية المركزة فوراً. كان الأمر صاعقاً بالنسبة لنا، لم العناية المركزة؟!، زكية ما فيها شي..!
وبعد 3 أيام غادرت العناية لكن الأمر لم ينته، فالأطباء يحتملون حدوث جلطة، وكتلة دموية كبيرة في الدماغ.
حسم الأمر وتقرر إجراء عملية لها، خرجت من العملية، لكنها لم تغادر المستشفى إلا عندما غادرت روحها”.
حفرة في القدم
“لم تكن زكية من النوع الهلوع، بل كانت راضية قانعة مسلمة أمرها لله، فبعد خروجها من العناية أرسلت صورة لقدمها، مع تعليق “شوفوا يحفروا آبار النفط”، وذلك بعد أن تبين وجود ورمة غائرة في القدم، ولأنها مريضة سكر، خشي عليها منها، فحفرت لتنظيفها، وكم كانت الصورة مخيفة، اتصلت لها وأنا مرعوبة مما رأيت، سألتها: زكية وشو ده؟!، كيف تخليهم يسووا لك كده؟!، أجابتني: سمي على عمرك بالرحمن، الله بيجبره.
فكانت هي من تصبرني، وتواسيني”، تعود المطرود إلى اللحظة وتكمل “وها نحن اليوم نواسي بعضنا بذكر محاسنها التي سنفتقدها كثيراً”.
اقرأ أيضاً
الله يرحمها برحمته الواسعه ويسكنها فسيح جناته ويجعل قبرها روضة من رياض الجنة ويجعل مثواها الجنه ويصبر قلوب محبيها على فراقها يارب
رحمها الله واسكنها فسيح جناته والهم أهلها وذويها ومحبيها الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه
الله يرحمها ويسسكن روحها الجنة ويحشرها مع محمد وال محمد اللهم صل ع محمد وال محمد
ابله زكية هي المعلمة الوحيدة والنادرة التي جمعت كل اللخلاق والمثل العليا والقيم السماوية هي انسسان في زمن البشر هنيئا لها وجمعنا الله بها بحق محمد وال محمد اللهم صل ع محمد وال محمد وعجل فرجهم ي كريم
استاذة زكية والمبدعة زكية
من الاشخاص الذين يرحلو من الدنيا لكن يظلو ساكنين قلبك طول العمر
كانت معلمتي
ثم اصبحت زميلتي في نفس المدرسة
وهي ذات الروح لا تتغير الا للاطيب والانقى
حبيبة وطاهرة وموالية قوية
ودائما متسامحة
الله يرحمك يا زكية وحشرك مع آل البيت الي ديما مباركة بيتك بافراحهم واتراحهم
استاذتي الغاليه ابله زكيه الف رحمه ونور تنزل عليش ويرحمش برحمته يارب في الجنه باذن الله
افجعتينا برحيلش
الف رحمه ونور عليها