زكية الزين.. القصيدة الهامسة
سوسن افريد
آه منك يا وجعي !
آه منك ياحزني !
تمر لأيام وتتوالى، وأُفجع برحيل جديد نكأ الجرح العميق الغائر في قلبي!
فبعد رحيل “اللطيفة” أُفجع برحيل “الزكية” !!!
رحيل أظهر أخاديد الحزن التي توارت في جدار القلب، رحيل أثار كوامن الشجن، وأيقظ غوافي الألم ونبه مارد الحزن الذي تقوقع داخل محارة الصمت..!!!
زكية التي كانت كقصيدةٍ هامسة رائعة حالمة تنبض بالطهر والنقاء وتتفجر ألقاً وصفاءً، رقيقةٌ كنسمة تحتضن غصناً أهيفا، شفافة كقطرة ندى تتوسد بُرعمة صفراء، دائمة التفكير كثيرة التأمل بعيدة النظر نافذة البصيرة.
تحتضن بين حناياها العالم بأسره بهمومه وآلامه، بأحزانه ومعاناته، كأنها خُلِقت لعالمٍ غير عالمها ودنيا غير دنياها أو كغيمة أمطرت في غير زمانها ومكانها، تأسُر القلبَ بصدقها ووضوحها، وتمتلك مجامع النفس بعفويتها وبساطتها.
في محياها براءة الطفل وفي منطِقها حكمة الشيخ، تُحسِن الإنصات بنفس البراعة التي تُحسن فيها الحديث، فتكسب ود من يخالطها واحترام من يجادلها.
لينة الجانب رقيقة الحاشية، خافضة الجناح وهي مع ذاك قوية في الحق صلبةُ عند الشدائد، هي للمحزون سلوى وللمحروم خير عطاء، ولليائس أمل ورجاء !!
كانت كمن يحرث أرضا ويملؤها بالبذار ويسقيها من كل قلبه ثم لا يفكر أبدا بالثمار.
رحلت زكية ! ولكن بقيت ذكراها كقنديل وهّاج لا يخبو نوره، رحلت ولكن سيبقى صوتها صدى لذلك الشيء الجميل دائما والذي يربت على أرواحنا كلما أفزعتنا قسوة الحياة، ليقول لنا: حنانيك.. حنانيك أيتها الأرواح المُتعبة اللاهثة في الحياة تنشد العيش الهنيء، فلا شيء دنيوي له صفة الكمال كل شيء معرض للنقصان !
حتى الأحبة في اجتماعاتهم، يأتي يوم ويقل عددهم
يغادرهم عزيز كانوا لا يشعرون بروعة الاجتماع دونه !، فلا تمر على مخيلتهم أبدا فكرة فقده، لكنه يودعهم الوداع الأخير تاركا في قلوبهم ندوب لا تندمل، وتصبح ذكراه كملح يصيب مكان الجرح ويوقظه موقظا معه تلك اللحظات التي نقشت في الذاكرة كختم أبدي لذلك الأثر العظيم الذي تركه في النفوس …
ما كان ظني بالأيام تبعدنا
حتى تفرّق شملٌ كان متفقا
فلك يا عظيمة نقول: طيب الله البقاء، عظّم الله الأثر..
رحمك الله وجعلك في منازل الشهداء والصالحين وجمعك بمن هام قلبك في حبهم محمد وآله الأطهار.
انالله وانااليه راجعون
يرحلون سريعا من كانوا انقياء اتقياء صابرين محتسبين
يرحلون ويتركون ورائهم طيب الأثر وجميل العطاء
يرحلون لان مسكنهم ليس في هذه الفانيه ..هناك بالجنه ان شاءالله مع محمد وال محمد…
رحمك الله أيتها المربيه الفاضله والأخت النقيه …