مهرجان الكُتّاب والقُرّاء يناقش الفجوة بين الأدب والسينما الاستعانة بالأدب والرواية السعودية محل تجاذبات بين الأدباء والسينمائيين

الرياض: واس

تلقى الأفلام المقتبسة من الأدب والروايات نجاحا باهرا حول العالم، إلا أن البعض منها أيضا يأتي مخيبا لآمال القراء، وهو ما يعد أحد أبرز أسباب الهوة المتسعة بين الأدب والسينما حيث لم تعد شركات الإنتاج تلجأ إلى الأدب مخافة الفشل في نقله من عالم الورق إلى عالم الشاشات. وفي السينما السعودية، حديثة الولادة، لا يزال الحديث عن الاستعانة بالأدب والرواية السعودية محل تجاذبات بين أدباء يدعمون ذلك وسينمائيين يتخوفون من هذه الخطوة.

في هذا السياق، خصص مهرجان الكُتّاب والقُراء الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة بالسعودية، في دورته الثانية جانبا مهما في فعالياته للمناظرات والندوات الفكرية، وتحديدا للسينما، مواكبا التطور الكبير الذي تشهده السينما السعودية، حيث نظم مناظرة بين النقاد والسينمائيين حول الأدب والفن، في محاولة لتشخيص العلاقة التبادلية بينهما وسبل سد الفجوة المتفاقمة بينهما.

ضمت المناظرة التي جاءت بعنوان “الأدب والفن.. أيهما جنى على الآخر؟”، وأدارها الإعلامي محمد بازيد فريقين؛ الأول فريق الأدب وضم الأديب والشاعر والروائي شتيوي الغيثي، والناقد أحمد العياد، والناقد فراس الماضي، فيما ضم الفريق الثاني الخاص بالسينما الممثل والمنتج عبدالعزيز المزيني، ورئيسة جمعية السينما السعودية هناء العمير، ومؤسسة منصة “ميم” السينمائية مها سلطان.

ناقشت المناظرة التي تم بثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي في محورها الأول فكرة أن العمل على كتابة نص سيناريو جديد يعد أكثر مرونة من تحويل الأعمال الأدبية إلى عمل سينمائي. وفي مداخلته، عبّر المنتج السينمائي عبدالعزيز المزيني عن أنه لا يفضل الاعتماد على الرواية المكتوبة لاسيما الروايات الناجحة، لأن القارئ قد يكون رسم فكرة في مخيلته الخاصة تخالف منظور المخرج، وقد تسيء الأفلام للرواية الأصلية، إلا في حالات قليلة، مشددا على أن من الأفضل أن يؤلف الكاتب فيلما من العدم.

وأوضح المزيني أن أحد أهم أسباب فشل الأفلام المقتبسة من أعمال روائية هو الميزانية المحدودة التي قد تدفع المنتج والمخرج إلى التخلي عن أحداث وديكورات وشخوص، وهو ما يحدث تغييرات كبيرة على النص الأصلي.

في هذا السياق، رأى الروائي شتيوي الغيثي أن المشكلة تنحصر في الإنتاج وليس في الأدب، فهناك أعمال روائية جاهزة كي تتحول إلى أفلام سينمائية، لا ينقصها سوى الإنتاج. أما الناقد فراس الماضي فذكر بأن أفضل الأفلام العالمية هي في حقيقتها مقتبسة من روايات. وناقشت المناظرة في محور ثان الحديث عن ضرورة وجود كتاب السيناريو بين الأدباء، ومعرفتهم بكواليس الكتابة الأدبية وضوابطها، ولم لا تبادل الأدوار كي يتعلم كل منهما حرفة الآخر.

وشددت الكاتبة مها سلطان على ضرورة تشجيع الكُتاب على تجريب مجال الكتابة السينمائية، بدلا من الحديث عن وجود هوة بين الأدب والسينما، لكنها رأت أن تحويل العمل الروائي إلى فيلم في هذه المرحلة من تاريخ السينما السعودية ليس بالأمر الضروري، فمهنيو السينما في المملكة لا يزالون في مرحلة الحديث عن تأسيس صناعة سينمائية.

وفي الجولة الثالثة من المناظرة، ناقش المتدخلون التعددية الثقافية في عصر التكنولوجيا ومدى تسببها في تراجع الأدب عن مواكبة الإنتاج السينمائي. ورأت هناء العمير أن الأفلام وسيلة أقرب للجيل الجديد، كما أن التعبير الفني اليوم يميل أكثر إلى استخدام الصورة والفيديو والسينما فن جماهيري مقارنة بالأدب.

أما الناقد أحمد العياد فشدد على أن الأفلام السعودية المقتبسة من الأدب ساعدت على زيادة مبيعات الروايات وشجعت المشاهدين على قراءة النسخة الروائية من الفيلم، وهو ما حدث مع فيلم “حوجن” السعودي الذي دفع المشاهدين إلى البحث عن الرواية، وكذلك الأمر بالنسبة للأفلام المقتبسة عن روايات الأديب المصري نجيب محفوظ، والتي أعادت إحياء رواياته.

والفيلم السينمائي “حوجن”، مقتبس عن رواية بالعنوان نفسه للكاتب إبراهيم عباس وتعد الأكثر مبيعا في السعودية. يذكر أن مهرجان الكُتّاب والقُراء قد أفسح المجال أيضا للحضور في هذه المناظرة الفكرية، للتفاعل عقب كل جولة من جولات المناظرة، والتصويت لصالح آراء أحد الفريقين، حيث مالت كفة الجمهور لفريق الأدب.

وحرص المهرجان الذي ينعقد في الفترة ما بين الرابع والعاشر من يناير الجاري، على استقطاب أبرز المثقفين السعوديين والعالميين، لتقديم إنتاجهم لجمهور منوع من مختلف شرائح المجتمع، وعلى تعزيز التعاون والشراكات في مجالات الأدب والنشر والترجمة مع مختلف الجهات، مع ما يتضمنه ذلك من إتاحة المجال للقطاعين الخاص وغير الربحي للإسهام في إثراء الحراك الأدبي.

كما اهتم المهرجان بتقديم برنامج ثقافي شامل ينطلق من الأدب إلى مختلف القطاعات الثقافية لتشجيع الزوار على تجربة ثرية ومثيرة إلى جانب الأنشطة الإبداعية التي تشمل جلسات حوارية، وقصائد بين الطرق، ومنصة الفن والأقصوصة، وتحديات وتجارب تفاعلية أدبية.

ويجسد المهرجان قيمة ثقافية تنطلق من المملكة العربية السعودية إلى العالم، ويحتفي بالأدباء المحليين والعالميين بصفتهم الأكثر تأثيرا في سلسلة الإنتاج الثقافي والحضاري للإنسانية كافة عبر رحلة ملهمة ثرية بالمعرفة والمتعة تحتضن جميع أطياف المجتمع، وتقدّم فعاليات مثرية تجمع بين الأدب والتفاعل والترفيه، تشمل اللقاءات الأدبية، الحفلات الغنائية، الفنون الأدائية، المعارض الفنية والعروض التفاعلية.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×