متحف دار المدينة.. 4 آلاف قطعة من تاريخ الهجرة إلى العهد السعودي
المدينة المنورة: زينب العرفات
تطوير وتحرير: ديسك صُبرة
أمضى سعودي عاشق للمقتنيات الأثرية 35 عاماً، لجمع تاريخ وتراث المدينة المنورة تحت سقف، في متحف متخصص يعتبر الأول من نوعه في تاريخ وتراث حضارة المدينة المنورة ومعالم السيرة النبوية الشريفة، حيث يجسد تاريخها عبر المعروضات النادرة، والمجسمات والصور والمؤلفات، ليعاصر فيها الزائر ماضيها ومسيرة أهلها منذ نشأتها وحتى اليوم.
ومتحف “دار المدينة” الذي تم افتتاحه في عام 2011، يكشف معالم المدينة المنورة، عبر إرثها وحضارتها الضاربة في عمق التاريخ، عبر الكثير من المعروضات النادرة، والمجسمات القيمة، وصور ومؤلفات تتيح للزائر فرصة التعرف على تفاصيل دقيقة وشاملة من معالم السيرة النبوية والإسلامية والثقافة العمرانية والحضارية للمدينة المنورة.
طريق الهجرة النبوية
ويكشف المتحف الذي صمم وفق أحدث المعايير العالمية للمتاحف معالم إرث مدينة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، وحضارتها الإسلامية، مستعرضا صفحات من تاريخها وتفاصيل دقيقة وشاملة من معالم السيرة النبوية والإسلامية والثقافة العمرانية والحضارية للمدينة المنورة.
ويستعرض المتحف الذي يقع في الجهة الشرقية للمدينة المنورة بمقر مدينة المعرفة الاقتصادية أمام محطة سكة قطار الحرمين مجهودات أجيال متوالية من أبنائها جعلوا لها طابعا تاريخيا وحضاريا وعمرانيا فريدا يحمل في أعماقه فلسفة تنبثق من رؤية إسلامية للحياة وللجمال عبر المجسمات والصور والمؤلفات والمعروضات النادرة، ليعاصر فيها الزائر ماضي المدينة المنورة العريق ومسيرة أهلها منذ الهجرة النبوية الشريفة وحتى العهد السعودي الزاهر.
طريق الهجرة النبوية
ويتيح المتحف الذي تقصده الوفود الرسمية والعائلات وطلاب الجامعات والمدارس من خارج المدينة وداخلها أمام زواره التعرف على تاريخ المدينة المنورة، ابتداء بمعالم السيرة النبوية وطريق الهجرة النبوية وكيفية تأسيس المدينة على يد النبي صلى الله عليه وسلم والمآثر المرتبطة بسيرته الشريفة، مرورا بمرحلة تأسيس المسجد النبوي الشريف ومراحل التطور العمراني لها على مدى التاريخ الإسلامي، ثم تفاصيل الحجرة النبوية الشريفة ودور الصحابة الكرام، وأحداث وتفاصيل غزوتي أحد والخندق العظيمتين، انتهاء بمعالم المدينة المنورة وأسوارها وثقافتها الحضارية والعمرانية حتى اليوم.
وينقسم متحف “دار المدينة” للتراث العمراني والحضاري إلى ثلاث قاعات رئيسة، وهي قاعة السيرة النبوية وقاعة التراث العمراني والحضاري، وقاعة المتحف المفتوح “حديقة المتحف”، فيما تعد قاعة السيرة النبوية أولى قاعات متحف دار المدينة للتراث العمراني والحضاري وتؤدّي إلى قاعات العرض الأخرى، ومساحتها 500 متر مربع، حيث تشمل هذه القاعة مجموعة من المجسمات والصور النادرة للمدينة المنورة، وتشرح معالم السيرة النبوية الشريفة بأسلوب مشوق ودقيق.
تطور مكة
وقد رتب العرض في هذه القاعة على عدة مراحل وهي مرحلة تاريخ وتطور مكة المكرمة وتحتوي على مجموعة مجسمات تحكي تاريخ مكة المكرمة منذ نزل فيها سيدنا إبراهيم عليه السلام حتى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته إلى المدينة المنورة، ثم مرحلة مسار طريق الهجرة النبوية الشريفة، وهو عبارة عن مجسم ضخم يشرح مسار رحلة الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ويقارنه بطريق القوافل القديمة، مع ذكر جميع المعالم والمواقع والمحطات التي ارتبطت بمسار الهجرة الشريفة كخيمة أم معبد الخزاعية وقصة سراقة بن مالك وغيرهما، إضافة إلى مرحلة استعراض الحرات ومواقع البراكين التي ظهرت في شرق المدينة والتي أنبأ عنها النبي صلى الله عليه وسلم، ومحطات وصول الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة.
مصور جوي
ويشتمل المتحف على مجسم دور الصحابة – رضوان الله عليهم – موضحة به مواقع دور الصحابة حول المسجد النبوي الشريف كيف كانت وأين أصبحت اليوم بعد توسعة الملك الراحل فهد بن عبد العزيز آل سعود، كما أن هناك مجسما يعنى بمواقع المساجد المأثورة، فيما يوضح هذا المجسم عبر مصور جوي شامل للمدينة المنورة الحالي مواقع المساجد المأثورة التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم مرتبة حسب الجهات الجغرافية سواء القائم منها أو المزال.
أما قاعة التطور العمراني والحضاري فهي القاعة الثانية في متحف “دار المدينة” للتراث العمراني والحضاري من حيث ترتيب القاعات وتدرّجها، وتبلغ مساحتها 500 متر مربع، وهي تمثل الفترة التاريخية السابقة للمدينة المنورة والتطور العمراني والتراثي لها.
مرجع وثائقي
وتضم هذه القاعة المجسم العام للمدينة المنورة مطلع العهد السعودي وهو أهم وأضخم مجسمات المتحف، ويقف على مساحة 100 متر مربع، ويعد المرجع الوثائقي الوحيد والمهم لمنطقة المدينة المنورة للفترة حتى عام 1345هـ لما يحتويه ويوثقه من معالم التراث العمراني والحضاري والاجتماعي في تلك الفترة، إذ كانت المدينة تتميز بنمط عمراني فريد في تلك الفترة على مستوى دول الشرق كونها مدينة صغيرة في وسط الصحراء وبها جميع مقومات الحياة من مكتبات تضم الغالي والنفيس من المخطوطات والكتب القيمة ومدارس تنشر العلم وتصدح به في كل الأرجاء ومساجد عظيمة ارتبطت بسيد الأمة عليه الصلاة والسلام وقلاع وحصون وأربطة ودور وقصور وأسبلة وحمامات عامة، وغير ذلك الكثير من المعالم العمرانية والحضارية التي تحكي تاريخ مهد الحضارة الإسلامية.
كما أن هذا المجسم يحتوي على أكثر من 4000 معلم، واستغرق العمل على إعداده وبنائه أكثر من 8 سنوات، واشترك في تصحيحه وتوثيقه أكثر من 400 خبير من سكان المدينة الذين عاشوا في تلك الفترة.
مقتنيات نادرة
ويمتاز المتحف بعرضه لمجموعة من المقتنيات النادرة والجميلة التي ارتبطت بثقافة وتاريخ المدينة المنورة، من أهمها العملات النادرة التي استخدمت في المدينة المنورة على مدى عصورها المختلفة منذ العهد النبوي وتتابعاتها عبر التاريخ الإسلامي حتى يومنا الحاضر، كما يستعرض المتحف مجموعة من القطع الفخارية التي تعود إلى العهد الثامن الأموي، وبعض المخطوطات الإسلامية والمجوهرات والمقتنيات النادرة التي تعود لفترة ما قبل الإسلام، ومجموعة أخرى من التحف والمجوهرات والملابس والقطع التي تميز بها تراث المدينة المنورة القديم.
جوائز عديدة
يذكر أن المتحف حصل على العديد من الجوائز، منها جائزة الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني – فرع البحوث العمرانية، وجائزة المدينة المنورة – فرع البحوث العمرانية، وجائزة توثيق التراث العمراني والمعماري للمناطق التراثية والحضرية بالمدينة المنورة، في حين أصدرت الدار موسوعة معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ من 9 أجزاء، وبعض الدراسات والكتب والأبحاث التي تخدم معالم المدينة وتراثها العمراني، إضافة إلى جمع وحفظ بعض المقتنيات والنماذج النادرة والمختلفة لوحدات التراث العمراني والحضاري للمدينة المنورة، فضلا عن تنفيذ المجسمات والنماذج التوثيقية للمعالم العمرانية والحضارية والتاريخية للمدينة المنورة.