مسرحية “زفاف الأربعاء”.. مشهدية رائعة ووعي رصين
بثينة الشيخ
لا يبدو توقيت المسرحية مصادفة، بل مقصوداً في موعده الذي سبق الذكرى الرابعة والعشرين بأيام فقط. لذلك من الواضح أن تحويل كارثة حريق القديح التي وقعت سنة 1999، ربيع ثانٍ 1420؛ إلى عمل فني صعدت على خشبة مسرحية محلية، وعلى بعد بضعة كيلومترات قليلة من بلدة القديح نفسها.
عرض مسرحية “زفاف الأربعاء” مشارك في عروض مهرجان الرياض للمسرح، وقد أقيمت عروض له في مدينة القطيف، مدة خمسة أيام. والمسرحية تتناول حادثة حريق القديح في سياقها الدرامي، في “ليلة الحنة” التي سبق الزفاف بثلاث ليالٍ جرياً على عادة أهل الخليج. وما يصاحب ذلك من تحضيرات العائلة لهذه الليالي السعيدة وقلوبهم تكاد تخرج من مكانها من شدة الفرح.
دار الحوار المدروس بعناية وسلاسة بين الأم وابنتها العروس “فاطمة”. تغنت الأم بأجمل الأهازيج الحية لتعبر للعروس التي ستفارق حضنها إلى حضن عريسها.
عن تمنياتها لابنتها العروس بحياة مليئة بالسعادة والفرح.
كان دور الأب والأخت حاضراً ليكتمل المشهد بترابط العائلة في عرس ابنتهم. بعدها بدأت تتصاعد المشاهد بتنبؤات العروس التي لا تبشر بخير.
وقد استطاع الكاتب والمخرج وضع رؤيتيهما لنسج تلك الحكاية المشؤومة، وذلك عبر الرمزية في نقش الحناء على يدي العروس وكأنها ترى وتتنبأ بما سيحدث في ليلة الزفاف من مأساة، ورمز الدم مرسوم بوضوح في كفيها.
دار الحوار بين الشخصيات بشكل رائع وأداء متمكن في تصاعد وتوتر للأحداث، لتنتهي عند ذروتها بحريق يودي بحياة ثلاث وسبعين ضحية وافتهم المنية ومن ضمنهم العروس نفسها.
أبدع طاقم العمل، بداية بكتابة النص الدرامي المتماسك، وتخلل المشاهد الموسيقى التصويرية، والأهازيج المحلية التي تحمل مشاعر الشجن والحزن والفرح، هذا المزيج من الأحاسيس والانفعالات شاهد على قدرات الممثلات والممثلين الرائعة.
وأيضاً هناك المؤثرات الصوتية والمرئية؛ فقد كان لها دور كبير في نجاح العرض، وهذا ما توجه مخرج العمل في عمل يحفل بالمشهدية الطاغية ونقل الصورة بوعي إبداعي رصين.