لهجة القطيف العامية من الشعر الفصيح: حرف الحاء [3]

حاف

سَوِيقٌ حافٌّ: يابِسٌ غير ملتوت، وقيل: هو ما لم يُلَتَّ بسمْن ولا زيت.

(لسان العرب – ابن منظور).

وللحافِّ عند أهل القطيف معانٍ، وتصاريف، منها:

الحاف: الرزُّ الجاف، لا إدام فيه ولا دهن، ومما جاء فيه شعرًا قول علي بن الحجاج:

يا سيد الناس عشت في نعم 

تأوي إليها ممالك العجم

بديهتي في الخصام حاضرها 

أشهر في الفيلقين من علم

والخط خطي كما تراه ولا

الزهرة  بين القرطاس والقلم

هذا وخبزي حافٌّ بلا مرق

فكيف لو ذقت ثردة الدسم([2])

فإذا جاءوا به في صيغة الفعل (حافَ) عَدَّوه فقالوا: (حاف عليه الدهر)، يعنون: جار عليه، وهو من الحيف، ومما جاء في هذا المعنى من الشعرِ قول ابن الرومي:

لم يظلم الدهرُ في أن حاف مجتهداً عليكم آلَ عيسى حيْفَ مُضطغِنِ

كنتم شَجاهُ فلم يصمد لغيركُمُ

ولم يَمْلِ سهمُهُ عنكم إلى سَننِ([3])

وقول الشريف الرضي:

لا كُنتُ مِن رَيبِ الزَمانِ بِسالِمٍ

إِن كُنتَ تَسلَمُ مِن يَدَيَّ كِفافا

بَل لا اِلتَذَذتُ مِنَ الزَمانِ بِشَربَةٍ

إِن لَم أُعِضكَ مِنَ الزُلالِ ذُعافا

إِن حافَ لي دَهرٌ عَلَيكَ فَطالَما

مالَ الزَمانُ عَلَيَّ فيكَ وَحافا([4])

وقول ابن حيوس:

مَواهِبُ لا أَدرى إِذا أَنا شِمتُها

أَصَوبَ بَنانٍ شِمتُ أَو دِيَماً وُطفا؟

فَلا يُلزِمَنّي شُكرُها حَملَ ثِقلِهِ

فَمَن لي بِشِعرٍ حامِلٍ مِنهُ ما خَفّا

وَقَد حافَ دَهرٌ أَلحَقَ الأَبعَدينَ بي

وَعَدلُكَ لا يَرضى وَفَضلُكَ بي أَحفا([5])

ومن عباراتهم المعبرة عن الندم والتأسف: آخ، يا حيف: ومما ورد فيه شعرًا قول صفي الدين الحلي:

قالَ لَنا الديكُ حينَ صَوَّت

وَالجَفنُ بِالغَمضِ قَد تَفَوَّت

وَالغُصنُ بِالزَهرِ قَد تَجَلّى

وَالأَرضُ بِالقَطرِ قَد تَرَوَّت

يا حَيفَ مَن في الصَباحِ أَغفى

وَغَبنَ مَن لِلصَبوحِ فَوَّت([6])

أما بصيغة المفعول (محيوف) فهو الأكل المكشوف وقع فيه في شيء فسممه، ولم أجد شعرًا في هذا المعنى. 

حاه

صوت زجر للحمار، وفي معناه خلاف، ففي بعض النواحي يقال: (حاه) لزجره عن الحركة، وفي بعضها لحثه على المشي، ويتسع الخلاف عليه إلى الصورة، ففي بعضها النواحي يقال: (حاه)، وفي بعضها يقال: (حيه). قال الزبيدي: (يُقَال للضَّأْنِ: الحَيْهِ. أَنشدَ ابن الأَعْرَابيّ:

شَمْطَاءُ جاءَتْ مِن بلادِ البَرّ

قد تَرَكَتْ حَيْهِ وقالت حَرِّ.

ثمّ أَمالَتْ جانِبَ الخِمِرِّ

عَمداً على جانِبِها الأَيْسَرِّ)،

السيد مرتضى الزبيدي – تاج العروس)

ومما جاء فيه شعرًا قول علي الحصري القيرواني:

نَصبتُ الفخّ ثمَّ قَعدتُ عنه

بعيداً كيْ أَرى فيه فلاحا

إذا قِرْدِي مقيمٌ عندَ رأسي

يَقولُ لمُقبلاتِ الطيرِ حاحا([7])

حبل

الحِبالة: التي يصاد بها، وجمعها حَبائل، قال: ويكنى بها عن الموت؛ قال لبيد: يصاد بها من أَيّ شيء كان، وفي حديث ابن ذي يَزَن: ويَنْصِبون له الحَبائل. والحَابِل: الذي يَنْصِب الحِبالة للصيد. والحِبالة: المِصْيَدة مما كانت، وحَبَل الصيدَ حَبْلاً واحْتَبَله: أَخذه وصاده بالحِبالة أَو نصبها له، وحَبَلَته الحِبالةُ: عَلِقَتْه، وجمعها حبائل. (ابن منظور – لسان العرب).

هذه المعاني كلها دارجة في القطيف. يقولون: (حبل له)، أي ختله، واحتال عليه، والصيد بالحبالة معروف عندهم، ومما جاء في المعنى شعرًا قول حارثة بن بدر الغداني:

إذا ما قتلتَ الشيء علماً فقلْ به

وإياكَ والأمرَ الذي أنتَ جاهلهْ

وقلْ للفؤادِ إنْ نزا بكَ نزوة

من الرّوعِ أفرخْ أكثرُ الروع باطلهْ

ولا تجعلنْ سرًّا إلى غير كاتمٍ

فتقعد إنْ أفشى عليك تجادلهْ

أرى المالَ أقباءَ الظلال فتارةً

يؤوبُ وأخرى يحبِلُ المالَ حابلهُ([8])

وقول ابن دَغْماء العِجْلي:

لعمرك، ما أدري وإني لسائلٌ

سويد بن حطانٍ يمتُّ وما أدري

سوى أنكم دُرِّبْتُم فجريْتم

على دُرْبةٍ والضّبُّ يُحْبَلُ بالتّمْر

فما أنتم منا ولا نحن منكم

دعاوة كذبٍ أنتم آخر الدهرِ([9])

حجامة

الحَجْمُ: المَصّ. يقال: حَجَمَ الصبيُّ ثَديَ أُمه إذا مصه، وثَدْيٌ مَحْجوم، أَي ممصوص، والحَجَّامُ: المَصَّاص. قال الأَزهري: يقال للحاجم حَجَّامٌ لامْتِصاصه فم المِحْجَمَة. المِحْجَمَةُ والمِحْجَمُ: ما يُحْجَم به. قال الأَزهري: المحْجَمَةُ قارُورَتُهُ، وتطرح الهاء فيقال مِحْجَم، وجمعه مَحاجِم) (ابن منظور – لسان العرب).

هذه المفردة دارجة في لهجة أهل القطيف، بجميع التصاريف، عدا الحاجم، فهو غير مسموع، ومما جاء فيه شعرًا:

[يُتبع غداً في الثامنة صباحاً]

([1])الأعلام من الأدباء (النابغة الجعدي، حياته وشعره)، المؤلف أحمد حسن بسج، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1994م، ص: 50 – 51 .

([2])أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين، حقه وأخرجه السيد حسن الأمين، مكتبة التعارف للمطبوعات، بيروت، 1403هـ، 1983م، جـ5/440.

([3])ديوانه، مرجع سابق، جـ6/253.

([4])ديوانه، مرجع سابق، جـ2/25.

([5])أدب ابن حيوس، موقع الموسوعة العالمية للشعر العربي، الرابط: https://goo.gl/g9HFoA.

([6])ديوانه، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1403هـ 1983م، ص: 549.

([7])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/XJubjM.

([8])التذكرة السعدية، محمد بن عبد الرحمن العبيدي، تحقيق عبد الله الجبوري، مطابع النعمان، النجف الأشرف، 1391هـ 1972م، ص:    333 – 334.

([9])كنى الشعراء وألقابهم، محمد بن حبيب، تحقيق د. محمد صالح الشناوي،    دار الكتب العلمية، بيروت، نسخة إلكترونية بدون تاريخ، ص: 62.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×