من العالم] بعد كارثتي المغرب وليبيا.. هناك 5 أنواع من الزلازل يصنعها البشر؟ هل تدل نظريات المؤامرة مع الكوارث الطبيعية عن جهل.؟؟

متابعة: صُبرة، ووكالات، ووسائل اعلام

في السادس من فبراير الماضي، ضرب زلزال مدمر كلاً من تركيا وسوريا بلغت شدته 7.8 درجات على مقياس ريختر، وخلّف ما يزيد على 41 ألف قتيل و85 ألف مصاب، وأدى إلى انهيار نحو 7 آلاف بناية سكنية، وأحدث شقوقا أرضية، ونجم عنه انزياح الأرض عدة أمتار ناحية الغرب، الأمر الذي دفع العديد من المشككين إلى القول إن هذا الزلزال من صنع البشر.

 وكذلك الحال بعد الزلزال الذي ضرب المغرب مطلع سبتمبر الجاري، وقال التلفزيون الرسمي المغربي إن الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة وضرب جبال الأطلس الكبير حصد أرواح 2901 شخص وتسبب في إصابة 5530، وهذا الزلزال هو الأكثر فداحة من حيث عدد القتلى في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، منذ عام 1960، والأقوى منذ أكثر من قرن.

زلزال تركيا

ولم تمر بضعه أيام حتى من زلزال المغرب حتى هب إعصار “دانيال” على مدينة درنة الليبية، ودمر الأخضر واليابس وتجاوز عدد القتلى 6 آلاف، بينما شردت أكثر من 20 ألف مواطن بعد انهيار منازلهم بالكامل.

وانتشرت “نظريات مؤامرة” تروج لكون تلك الظواهر الطبيعية “مصطنعة” أو حدثت بـ”فعل فاعل”، بينما يكشف مختصون عدم صحة ذلك، ويقدمون أدلة علمية حول حقيقة تلك الادعاءات.

وقد يتساءل أحدهم: وهل يصنع البشر الزلازل؟ الإجابة السريعة هي نعم.

وبعض هذه الزلازل يكون محدودا في تأثيره، في حين إن البعض الآخر يتفوق على زلازل الطبيعة، وعلى سبيل المثال وقع زلزال في الصين قبل 17 عاما يفوق بقوته زلزال شرق المتوسط الذي ضرب تركيا وسوريا.

زلزال تركيا المدمر

ويعتمد الأمر على قوة النشاط البشري، فإذا كان أبسط تعريفات الزلزال الطبيعي هو أنه طاقة هائلة منطلقة من باطن الأرض، فإن البشر بإحداث طاقة في المكان ذاته، مثل التفجيرات النووية يوفرون الطاقة اللازمة لحدوث الزلزال.

وبخلاف الزلازل الطبيعية التي تحدث منذ قديم الزمان، فإن الزلازل البشرية عمرها قرن ونصف القرن فقط، بحسب موقع “nationalgeographic”.

وفي حين تقع أقوى الزلازل الطبيعية عند التقاء الصفائح التكتونية، فإن الزلازل التي يصنعها البشر تحدث في أماكن بعيدة عنها، وهناك 5 نشاطات بشرية تؤدي إلى حدوث الزلازل وهي على النحو التالي بحسب موقع “worldatlas” المتخصص في الجغرافيا.

الزلازل البشرية:

يمكن القول إن هناك 5 أنشطة بشرية قد تسبب ما يطلق عليه وصف “الزلازل البشرية” وهي: (التفجيرات النووية، مشاريع المناجم، بناء السدود، التكسير الهيدروليكي، التخلص من مياه الصرف الصحي).

التفجيرات النووية:

التفجيرات النووية التي تُجرى في أعماق الأرض تؤدي إلى حدوث تموج عنيف في القشرة الأرضية، وعلى سبيل المثال في سبتمبر 2017 أجرت كوريا الشمالية تجربة نووية أدت إلى حدوث زلزال بلغت قوته 6.3 درجة على مقياس ريختر، وظلت الهزات الارتدادية لهذا الزلزال تتكرر على مدى 8 أشهر.

التفجير النووي يؤدي إلى حدوث زلزال

وساد اعتقاد لدى جهات عدة أن “بيونغ يانغ” أجرت تجربة على قنبلة هيدروجينية (أقوى من نظيرتها النووية)، لكن كوريا الشمالية ذكرت أن ما حدث أقوى تجربة نووية ناجحة في تاريخها، وفي عام 2017، بينما أجرت كوريا الشمالية 7 اختبارات نووية.

مشاريع المناجم:

حفر المناجم بحثا عن المعادن الثمينة نشاط قديم، لكن الشركات التي تتولى هذه المهمة باتت تحفر بشكل أعمق من السابق، بحيث تُزال الكثير من الصخور والمواد، وهو ما يؤثر في استقرار الأرض، وفي النهاية تقع الزلازل.

ووفقا لدراسة نشرت في دورية ” the journal Seismological Research Letters”، فإنه خلال الـ150عاما الأخيرة، وقع 730 زلزالا بشريا، غالبيتها بفعل أنشطة مرتبطة بالمناجم، وفي عام 2017، وقع زلزال بقوة 4 درجات تقريبا في ولاية يوتا الأميركية، وتبين أنه ناتج عن انهيار في منجم فحم.

بناء السدود:

أدت السدود إلى وقوع عدد من أكثر الزلازل ضخامة على صعيد الخسائر البشرية، وفي الصين، على سبيل المثال، حدث زلزال مدمر بلغت قوته 7.9 درجة (أقوى من زلزال تركيا وسوريا) في مقاطعة سيتشوان، جنوب غربي البلاد عام 2008.

ويعتقد أن الزلزال، الناجم عن تجميع 320 مليون طن من المياه فوق خط صدع في باطن الأرض، أدى إلى خسائر بشرية قدرت بنحو 80 ألفا بين قتيل ومفقود.

التكسير الهيدروليكي:

تحدث عمليات التكسير الهيدروليكي في صناعة النفط والغاز، حيث يتم ضخ كميات ضخمة من السوائل بضغط عال في الصخور الجوفية، على أمل تكبير الشقوق الموجودة في الصخور، بغية استخراج النفط والغاز.

ورفع العديد من المواطنين الأميركيين، الذين يعيشون بالقرب من مواقع التكسير الهيدروليكي، دعاوى قانونية تطالب بوقف هذه العمليات، خاصة بعدما ألحقت إصابات بهم وأضرارا بممتلكاتهم.

وعزيت الكثير من الزلال الضخمة في مقاطعتي ألبرتا وكولومبيا البريطانية الكنديتين إلى التكسير الهيدروليكي بحقول الغاز الموجودة هناك.

التخلص من مياه الصرف الصحي:

تؤدي عملية التخلص من مياه الصرف الصحي تحت الأرض إلى حدوث تكسير، يؤدي بدوره إلى وقوع الزلازل، ويفضي الضغط الكبير في هذه العملية إلى إحداث انزلاق في الصدوع وتشققات في الصخور، وهو ما يؤدي إلى حدوث الزلازل.

زلزال “مفتعل”؟

ونعود مرة أخرى إلى السؤال الذي يتردد في الشارع العربي بعد زلزال تركيا وسوريا، ثم المغرب واعصار دانيال الذي ضرب مدينة درنة، فقد انتشرت نظريات مؤامرة زعم مروجوها أن هذه الحوادث ليست طبيعية بل “مفتعلة” ومن صنع الإنسان، وقد لاقت بعض تلك الادعاءات رواجا بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.

زلزال المغرب

ومن بين هذه النظريات اتهام برنامج “هارب” (HAARP)، وهي الأحرف الأولى بالإنكليزية لبرنامج علمي أميركي متخصص في دراسة الغلاف الأيوني، بافتعال الزلزال، وقد أطلقت بعض المنشورات على البرنامج اسم “سلاح هارب” قيل انه وراء حدوث الزلازل لأن الحركات البطيئة والمستقرة للصفائح “التكتونية” تتسبب في تراكم الضغوط على طول الصدوع في القشرة الأرضية، وفقا لموقع “ساينتيفيك أميركان”.

والصدوع هي “مستويات تمتد لأميال داخل الأرض”، والاحتكاك الناتج عن الضغط الهائل بسبب وزن الصخور المغطاة يفاقم الحالة، ويبدأ الزلزال في بقعة صغيرة على الصدع، وهنا يتغلب الضغط على الاحتكاك، ثم ينزلق الجانبان من بعضهما البعض.

ويؤدي احتكاك الجانبين ببعضهما البعض على مستوى الصدع إلى إرسال موجات من حركة الصخور في كل اتجاه، وعندما يحدث الزلزال يطلق الطاقة في موجات تنتقل عبر القشرة الأرضية وتسبب الاهتزاز الذي نشعر به، وفقا لـ”هيئة المسح الجيولوجي الأميركية”.

ولذلك يؤكد أستاذ الجيولوجيا، عباس شراقي، استحالة “تصنيع أو تخليق الزلازل” من منظور علمي، وفي الحالة المغربية يوجد “فالق كبير” يبدأ من مدينة أغادير مرورا بإقليم الحوز ومراكش وممتد شرقا حتى الحدود الجزائرية، ويسمى بالفالق الجنوب أطلسي.

ويتساءل مستنكرا “إذا كان الزلزال مفتعلا فكيف يكون مركزه الفالق؟!”، ويوضح أن مركز الزلزال يقع على عمق قرابة 18.5 كيلو متر، وقوته تعادل 2 مليون طن من الديناميت، ما يؤكد “استحالة تخليق ذلك”.

عاصفة “مصطنعة”؟

وفقا لخبير الأرصاد الجوية والتغيرات المناخية، وحيد سعودي، لا يوجد ما يسمى بـ”العاصفة المصطنعة أو المخلقة”، ومن المستحيل علميا “القيام بذلك”، وهناك “تطرف مناخي”، تسبب في ارتفاع درجة حرارة البحر المتوسط، وبذلك تحولت المياه إلى “بخار ماء”، وهو ما أدى لنشوب العاصفة.

ويشير”سعودي” إلى أن العاصفة بدأت تتحرك فوق مسطح البحر المتوسط من اليونان نحو السواحل الشرقية لليبيا، وتحولت إلى “منخفض شبه حراري”، وبذلك أصبح نصف العاصفة فوق مسطح البحر المتوسط والنصف الآخر فوق مسطح الصحراء الغربية، واتخذ “المنخفض شبه الحراري” مسار من الغرب إلى الشرق نحو مصر، ومن المستحيل أن يكون ذلك “من صنع البشر أو بفعل فاعل.

هل توجد علاقة بين الزلزال والعاصفة؟

وفي سياق نظريات “المؤامرة” ادعى البعض ارتباط زلزال المغرب بعاصفة دانيال، وهو ما ينفيه شراقي، قائلا “لا يمكن للزلازل التسبب في نشوب أي عواصف”، ولا تؤثر الاهتزازات الناتجة عن الزلزال على “الكتل الهوائية” بالغلاف الجوي، حسبما يؤكد أستاذ الجيولوجيا، ويتفق معه سعودي الذي يؤكد أن “الزلازل لا يمكن أن تتسبب في اندلاع عواصف”.

لماذا ترتبط “نظريات المؤامرة” بالكوارث؟

يشير رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة حلوان في مصر، خالد عبد الفتاح، إلى عدة أسباب لظهور “التفسيرات الغيبية ونظريات المؤامرة” بالتزامن مع الكوارث الطبيعية.

درنة

وتظهر “التفسيرات الميتافيزيقية” داخل المجتمعات نتيجة نقص المعرفة والقصور العلمي في فهم أو تفسير الظواهر الطبيعية، وبسبب “نقص المعلومات والمعرفة” تظهر الشائعات والتوصيفات المغلوطة، وتنتشر بين بعض الناس، وعلى جانب آخر يلجأ البعض إلى “التفسيرات الغيبية” لتوضيح بعض الظواهر الكونية الكبرى التي لا يوجد لها “تفسير علمي”، حسب أستاذ علم الاجتماع.

ويشير عبد الفتاح إلى أن “نظريات المؤامرة والتفسيرات الميتافيزيقية”، تظهر وتنتشر بين بعض المجتمعات التي تعاني من “انتشار الأمية وضعف التعليم، ونقص التوعية وقصور المعرفة العلمية”.

ويوضح أن البعض “يستفاد” من رواج التفسيرات “غير العلمية” للظواهر الطبيعية، ويستخدم ذلك لتحقيق “مكاسب ومنافع خاصة” بهدف تكريس “سلطتهم ونفوذهم” على بعض البسطاء.

ويحذر أستاذ علم الاجتماع من التعاطي مع “التفسيرات غير العلمية” وتداولها وتناقلها، لكون ذلك “يكرس الجهل ونقص المعرفة” في المجتمعات، ويبعد الناس عن “الاعتماد على العلم” لتفسير الظواهر الطبيعية المختلفة.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×