قلة حياء أقرب إلى الصدق
حبيب محمود
في عام 2010 جمع العراقي سعيد الكعبي 140 مثلاً مكشوفاً من فلكلور وطنه ونشرها في 56 صفحة. وقال الكعبي في ذيل كتيّبه الصغير إنه اعتمد على ذاكرته في الجمع والترتيب.
والآداب المكشوفة موجودة في كلّ زمان ومكان. والآداب الشعبية منها، بالذات، هي الأشدّ قرباً للواقع، والأهم انعكاساً لأنماط السلوك والتفكير الاجتماعيين. إنها إشارات إلى جزء من السلوك العام، والتفكير العام، في زمنٍ ما، ومكانٍ ما.
وهذا يُفضي بنا إلى فهمٍ أعمق لسذاجة فكرة “زمان الطيبين”. لا يوجد زمان للطيبين وآخر للسيئين. كلّ زمانٍ له طيبوه، وسيّؤوه. ومن خليط الطيب والسوء يتشكّل السلوك العام الذي يُنتجُ تفكيراً عاماً أيضاً، وهذا بدوره يُنتج أدباً عامياً.
الجنسُ ذاته؛ إنما هو سلوك بشريّ طبيعي. وهو يُمارَس بأشكاله المنضبطة وغير المنضبطة في كلّ زمان ومكان. والحديث عنه يدخل ضمن تضادّ “الانضباط” و “غير الانضباط”.
وهذا التضادّ يجعل منه أدباً “مسكوتاً عنه” في الحديث العام. أما الحديث الخاصُّ فهو وسيطٌ خصبٌ لتناوله. وليس أدلّ على ذلك من وفرة مضامينه في أمّهات الكتب من تراث العرب؛ وشحّها في الشعر والخطب والآداب المطروحة أمام الجماهير.
وفي كلّ الأحوال؛ يبقى الأدب المكشوف شاهداً مجتمعياً أميناً. وعلينا ألاّ نستنكف من تناوله، فهو من أشدّ المفردات الأدبية التصاقاً بجزءٍ أساسيّ من نمط حياة الناس.
وأظنّ أن سعيد الكعبي أدّى جزءاً جديراً بالإعجاب من المهمة في شأن اللسان العراقيّ.