ماذا يقدم صندوق التنمية الزراعية بعد إقرار نظامه الجديد..؟ تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل وحماية الاقتصاد الوطني من الأزمات العالمية

متابعة: صُبرة

أصدر مجلس الوزراء، اليوم، 13 قرارا، أبرزها الموافقة على نظام صندوق التنمية الزراعية، وهذا يعد تطورا واعدا، لمزيد من الاهتمام بالمزارعين وتطوير حجم الإنتاج وزيادة الصادرات الزراعية المتنوعة في المستقبل.

وهو النهج الذي تبنته رؤية المملكة 2030 حين وضعت الاستراتيجية الوطنية للزراعة، حيث حددت منتجاتها الزراعية في 4 مرتكزات، الاستزراع السمكي، والبيوت المحمية، ومشاريع الدواجن، وسلاسل الإمداد.

واستطاعت انطلاقا من هذه الرؤية أن تحقق نجاحات عدة مكنتها من عبور أزمات عالمية تركت تأثيراتها على إمدادات الغذاء، بدءا من جائحة كوفيد-19 التي عانى منها العالم منذ مارس 2020، وصولا إلى الأزمة الروسية الأوكرانية التي بدأت في فبراير الماضي 2022، فقد كان للجهود والسياسات والبرامج المتنوعة التي وضعتها المملكة أثر إيجابي فيما حققه القطاع الزراعي من قفزات نوعية في مختلف المجالات، تدلل على ذلك عديد المؤشرات الاقتصادية.

ومن هذا المنطلق، تستعرض “صُــبرة” في هذا التقرير ما حققته المملكة من نجاحات وما تشهده من تطورات.

استراتيجية 2030

بحسب الاحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة البيئة والمياه والزراعة فقد شهدت تلك الاستراتيجية تحديثات عدة لمواكبة التوجهات والبرامج الجديدة المعتمدة للنهوض بالقطاع الزراعي، من أهمها: الاستراتيجية الوطنية للبيئة، الاستراتيجية الوطنية للمياه، استراتيجية الأمن الغذائي، كما تم الاعتماد كذلك على عدة برامج ودراسات ذات علاقة بالقطاع، من أهمها: برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة، وبرنامج إعادة توجيه الإعانات الزراعية.

وعليه فقد تحدد الإطار العام للاستراتيجية الوطنية للزراعة شاملا أربعة عناصر رئيسية على النحو الآتي:

الأهداف، حيث تم تقييم أداء القطاع وصياغة أهدافه من خلال خمسة محاور، هي: استدامة الموارد الطبيعية (الموارد المائية، الموارد الأرضية، التأثير البيئي)، الأمن الغذائي (الوفرة والقدرة على النفاذ، الاستقرار)، رفاه المجتمع والمزارعين (دخل المزارعين، التنمية الاجتماعية)، المساهمة الاقتصادية (فرص العمل، الإنتاجية، المساهمة في الناتج المحلي)، الوقاية (الوقاية من الآفات، الوقاية من العدوى، منتجات زراعية آمنة). وفي ضوء ذلك تحددت الأهداف الكلية للاستراتيجية فيما يأتي:

 1-حماية وتحسين استخدام واستدامة الموارد الطبيعية للمساهمة في تحقيق الأمن المائي والحفاظ على البيئة.

2- تعزيز الأمن الغذائي في جميع أنحاء المملكة أثناء الظروف العادية وحالات الطوارئ.

3- خلق فرص عمل والمساهمة في تنمية ريفية مستدامة وتوفير ظروف العيش الملائمة لصغار المزارعين.

4-رفع الكفاءة الإنتاجية والقدرة التنافسية والبيئة الاستثمارية للمنتجات والخدمات الزراعية وتعزيز مساهمتها في الاقتصاد.

5- تعزيز صحة وسلامة النبات والحيوان والحماية ضد الأمراض وعدوى الآفات وضمان سلامة المنتجات.

6- المنتجات الزراعية، حيث شملت الاستراتيجية ثلاثة محاور رئيسية، هي: المنتجات النباتية (الحبوب، الخضراوات والفاكهة، الأعلاف الخضراء)، الثروة الحيوانية (الحيوانات الحية، لحوم الدواجن، اللحوم الحمراء، الحليب والبيض)، الثروة السمكية (المصايد، الاستزراع السمكي).

7- العرض والطلب، حيث تتم مراجعة الوضع الحالي وتحديد التوجهات المستقبلية للطلب (الاستهلاك والهدر) والإنتاج المحلي (عوامل الإنتاج، مزيج الإنتاج المحلي)، والميزان التجاري (الصادرات والواردات) لكل المنتجات الزراعية.

8- ممكنات التنفيذ، وتشمل دراسة المتطلبات والممكنات الأساسية لتحقيق أهداف الاستراتيجية الزراعية، وتتضمن هذه الممكنات الجوانب الحرجة لتطوير قطاع زراعي مستدام في المملكة، وهي: الإطار المؤسسي (هيكلية القطاع، الشركات، القطاع الخاص)، التنظيمات (السياسات، الأنظمة واللوائح، الاتفاقيات الدولية)، القدرات (الموارد البشرية، الدعم التقني، التكنولوجيا، البحث والتطوير)، سلاسل القيمة (النقل، التخزين والتوزيع، الصناعات الغذائية)، الري (تقنيات الري، تنمية موارد المياه)، التنمية الريفية (المزارع الصغيرة، التربية المكثفة، الصيد)، الجمعيات التعاونية (تعظيم دور التعاونيات الزراعية)، المنظمات الاقتصادية (إعادة توجيه الدعم، الحوافز، التمويل).

نجاحات حقيقية

في ضوء الإطار العام للاستراتيجية الوطنية للزراعة، يمكن استخلاص عدد من الركائز الرئيسية عكست ما حققه هذا القطاع من نجاحات حقيقية وإسهامات وطنية، يمكن رصدها، أبرز هذه الركائز على النحو الآتي:

الركيزة الأولى: تعزيز استدامة الموارد الطبيعية، والتي هدفت إلى تطوير قطاع الري وإدارة المخلفات الزراعية وتحسين استخدام الأراضي، إذ شهد القطاع خلال العام المنصرم (2021) نجاحات في هذا الخصوص، من أبرز مؤشراتها: 

استهلاك المياه الجوفية غير المتجددة في القطاع الزراعي للميـاه الجوفيـة، حيث تقلص حجم الاستهلاك مـن (17) مليار متر مكعب عام 2016 إلى (8.5) مليار متر مكعب عام 2020، فضلا عن رصد شهري لمراقبة التغيـر فـي مناسـيب المياه الجوفيـة فـي الطبقـات الحاملـة للميـاه مـن خلال (414) بئرا، ويجـري زيادتهـا إلى ما يقارب (650) بئرا، إضافة إلى زيادة إنتاج المياه المحلاة بنسبة تتجاوز 68 في المائة من 3.5 مليون متر مكعب إلى 5.9 مليون متر مكعب يوميا، إلى جانب زيادة سـعة منظومات نقل المياه المحلاة بنسبة تجاوزت 120 في المائة وزيادة أطوالها بنسبة 57 في المائة، وزيادة سـعة منظومات الخزن للمياه المحلاة بنسبة 72 في المائة. وكذلك خفض التكاليف الرأسمالية لمنظومات الإنتاج بنسبة 30 في المائة، وتحقيق رقم قياسي لأقل وحدة إنتاج في استهلاك الطاقة عالميا بواقع 2.27 كيلوواط/ساعة لكل متر مكعب.

رفع المياه المخصصة للري من المياه المتجددة بـ500 ألف متر مكعب.

الركيزة الثانية: تحسين الإنتاجية الزراعية، والتي هدفت إلى استخدام أحدث التقنيات وتبني أحسن الممارسات وتعزيز البحث والتطوير في قطاعات الثروة النباتية والحيوانية والسمكية لزيادة الكفاءة الإنتاجية، من أبرز مؤشراتها ما يأتي:

-رفع حجم إنتاج الاستزراع المائي (الأسماك والروبيان المستزرع) إلى 100 ألف طن سنويا وسد الحاجة من الاكتفاء الذاتي بـ55 في المائة، وتعزيز النفاذ لمنتجات الاستزراع المائي للأسواق العالمية بتوقيع عدة اتفاقيات مع بعض الدول، ورفع حجم صادرات التمور إلى 215 ألف طن، وحجم إنتاج الخضراوات في البيوت المحمية إلى 584 ألف طن.

-رفع عدد المزارعين الراغبين في التحول للإنتاج العضوي للخضر بنسبة 155 في المائة.

تحقيق المملكة نسبًا مرتفعة من الاكتفاء الذاتي في عدد من المنتجات الغذائية، كما أشار إلى ذلك وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة لشؤون الزراعة المهندس أحمد العيادة في كلمته على هامش فعاليات أعمال “الحوار الوطني للنظم الغذائية المستدامة في المملكة العربية السعودية” الذي نظمته الوزارة بمشاركة قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية 2021، حيث أوضح أن المملكة حققت اكتفاء ذاتيا من بعض المنتجات، منها: المنتجات الحيوانية مثل الحليب بنحو 12 في المائة، وبيض المائدة بنسبة 116 في المائة، ولحوم الدواجن بنسبة 65 في المائة‏، والأسماك بنسبة 45 في المائة، واللحوم الحمراء بنسبة 42 في المائة، والمنتجات النباتية والمحاصيل الزراعية مثل التمور، بنسبة 111 في المائة، والخضراوات بنسبة 87 في المائة، والفواكه بنسبة 38 في المائة.

الركيزة الثالثة: الحفاظ على صحة النبات والحيوان، والتي هدفت إلى تطوير منظومة متكاملة لتعزيز سلامة وجودة المنتجات الزراعية والثروة الحيوانية، ومن أبرز مؤشراتها ما يأتي:

-خفض معدلات إصابة النخيـل بسوسة النخيل الحمراء بـ40 في المائة.

-رفع مستوى تقديم الخدمات البيطرية إلى 55 في المائة، ورفع تغطية تقديم الخدمات البيطرية المتنقلة بنسبة 100 في المائة، إلى جانب تطوير منظومة الحجر البيطري بنسبة 90 في المائة للحد من الأمراض الحيوانية العابرة للحدود.

الركيزة الرابعة: هيكلة القطاع وبناء القدرات وتطوير التسويق، والتي هدفت إلى تطوير الإطار المؤسسي وتطوير قدرات الرقابة والرصد وبناء قواعد بيانات شاملة، فضلا عن العمل على تعزيز كفاءة الخدمات الزراعية وتطوير الأسواق الزراعية وتفعيل دور الجمعيات التعاونية، ومن أبرز مؤشراتها ما يأتي:

-زيادة الطاقات التخزينية لصوامع الغلال لتعزيز منظومة الأمن الغذائي من 2.51 مليون طن بداية 2015 إلى نحو 3.43 مليون طن بنسبة 37 في المائة.

-تخصيص المرحلة الأولى من قطاع المطاحن ومصانع الأعلاف بتأسيس أربع شركات للمطاحن مستقلة، واستكمال تخصيص المرحلة الأولى ببيع شركتين للقطاع الخاص.

-زيادة نسبة التمويل للقطاع الزراعي بـ36 في المائة، والاستحواذ على 6 شركات عالمية جزئيا وكامل الحصص لشركات منتجة للغذاء في العالم.

خطط توسعية

وفي نهاية ديسمبر 2022 اعتمد وزير البيئة والمياه والزراعة عبد الرحمن الفضلي، الخطة التوسعية في قطاع الثروة النباتية والبيوت المحمية باستثمارات قيمتها 4 مليارات ريال حتى 2025.

وقال الفضلي وقتها إن الخطة التوسعية ستسهم في إنتاجية إضافية تقدر بنحو 430 ألف طن لتصل الطاقة الإنتاجية للبيوت المحمية إلى أكثر من مليون طن سنويا.

وأوضح الفضلي أن الخطة التوسعية تأتي امتدادا لدعم غير محدود حظي به القطاع الزراعي في المملكة، حيث تجاوزت قيمة القروض التي قدمها صندوق التنمية الزراعية للقطاعات الإنتاجية خلال 2022 نحو 5 مليارات ريال.

البيوت المحمية

ويأتي إعداد الخطة التوسعية في البيوت المحمية باستخدام التقنيات الحديثة، قد بدأ منذ وقت مبكر؛ حيث استخدم هذا النوع من الزراعة في المملكة منذ أكثر من (30) عاماً، كما شهدت الزراعة في البيوت المحمية تطوراً ملحوظًا في كل مجالاتها التقنية، والإنتاجية والوقائية، إذ تساعد البيوت المحمية في إنتاج المحاصيل في غير مواعيدها وإطالة مواسم توفرها، كما تعد عاملا رئيسيا لنجاح الإنتاج الزراعي المتخصص، كالزراعة العضوية، وتوفر الحماية من تأثيرات الظروف المناخية المختلفة، مثل موجات الحرارة العالية والمنخفضة على السواء، والأمطار والرياح، كما تحد من انتشار الآفات الزراعية.

وقد أظهرت نتائج البحوث والدراسات العلمية التي نفذتها وزارة البيئة والمياه والزراعة، أن استخدام التقنيات الحديثة في القطاع الزراعي والبيوت المحمية أسهم في توفير مياه الري بنسبة تصل إلى 60%، بالإضافة إلى رفع الإنتاجية، وتقليل التكاليف، وتحسين الجودة، وزيادة أرباح المزارعين.

الشورى يوافق

وفي 6 فبراير 2023 عقد مجلس الشورى جلسته العادية الـ19 من أعمال السنة الثالثة للدورة الثامنة، برئاسة عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وناقش المجلس خلال جلسته مشروع نظام صندوق التنمية الزّراعية، المعاد إلى المجلس لدراسته استناداً للمادة (17) من نظام المجلس، بحضور وزير الدولة عضو مجلس الوزراء لشؤون مجلس الشورى عصام بن سعد بن سعيد.

ووافق المجلس على تعديل عددٍ من مواد مشروع نظام صندوق التنمية الزّراعية، المُعاد إلى المجلس لدراسته استناداً للمادة (17) من نظام المجلس.

الفضلي يشكر القيادة

واليوم الثلاثاء وبمناسبة موافقة مجلس الوزراء على نظام صندوق التنمية الزراعية الذي يؤكد مواصلة تحقيق أهداف التنمية والأمن الغذائي رفع وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الزراعية المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، الشكر وبالغ الامتنان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-، بمناسبة صدور قرار مجلس الوزراء بالموافقة على نظام صندوق التنمية الزراعية.

وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي

 وأوضح الوزير أن موافقة مجلس الوزراء على النظام المعدل، تأتي تجسيدًا للدعم والاهتمام الذي توليه القيادة الحكيمة للقطاع الزراعي، بما يسهم في استدامته، وتعظيم موارده وخدماته من خلال تقديم العديد من المنتجات التمويلية، وأدوات وأساليب التمويل والدعم المتنوعة، وزيادة إجمالي التمويل للأنشطة الزراعية المختلفة، وتعزيز الشراكة مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص؛ لتحقيق التنوع في تقديم المنتجات والحلول التمويلية، بما ينعكس إيجابًا على تطوير أداء القطاع الزراعي في المملكة، ورفع اقتصاداته، وزيادة نموه، حيث زادت القروض التمويلية من (455) مليون ريال عام 2016م، إلى ما يقارب (7) مليارات ريال خلال العام المالي الحالي.

 وأكد أن هذا النظام جاء ليواكب استراتيجيات الأمن الغذائي والزراعة والمياه، وبما يتوائم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، وما يتصل بها من برامج ومبادرات، بهدف دعم التنمية الزراعية المستدامة، والإسهام في تحقيق الأمن الغذائي، والمحافظة على البيئة، وترشيد استخدام المياه، من خلال تقديم القروض والتسهيلات الائتمانية وغيرها من الأدوات وأساليب التمويل المناسبة.

 وأشاد المهندس الفضلي، بما يحظى به القطاع الزراعي من دعم واهتمام من قبل الدولة -وفقها الله-، مؤكدًا أن صندوق التنمية الزراعية سيواصل العمل على تحقيق أهدافه، ومساندة النشاط الزراعي للإسهام في التنمية الاقتصادية وتحقيق الأمن الغذائي.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×