رسالة أم: طفلتي مختلفة.. وليست مريضة نظرة المجتمع تؤذينا بدعاء "الله يشفيه" لحالة "غير مرَضية"

لدي طفلة مثل القمر، ابتسامتها تشع نوراً وفرحاً، يصل مداه إلى كل من يراها. ومع ذلك فأغلب الناس يعاملونها ويرونها كمريضة فقط لأنها تختلف عن أطفالهم.. هذه المعاملة تؤذيني، وتؤذي كلّ أم في مثل وضعي.

أنا حورية ابراهيم الخويتم أم الطفلة زينب الحمد، ذات الأعوام الثلاثة، وهي من ذوي الإعاقة تم تشخيصها بحالة نادرة، سأتطرق لشرح حالتها.

حالة صغر الرأس

هي مشخصة بحالة ما يسمي صغر الرأس (مايكروسيفالي) و (متلازمة داندي ووكر)، وأؤكد على مصطلح حالة لأنها لا تعتبر مرضاً، بل هو عيب خلقي من أصل تكوينها، تحديداً لعدم اكتمال نمو الدماغ، ولذلك سميت بصغر الرأس لأن حجم الجمجمة يكون أصغر من الحجم الطبيعي بسبب صغر الدماغ وذلك بسبب عدم اكتمال نموه.

بالإضافة إلى ذلك يوجد تشوهات بالدماغ وكما نعرف فالدماغ هو العضو المسؤول عن كافة أعضاء الجسم لذلك عندما يصاب بعطب تكون الأعراض كثيرة وكبيرة ومنها التشنجات، وتأخر شديد بالمهارات، وصعب الإدراك، وضعف الإحساس، ورخاوة أو شد بالعضلات، والكثير من الأعراض.

ولمن لا يستطيع أن يتقبل رفضي لكلمة “الله يشفيها” ولا يفهم لماذا حالتها دائمة ولا تعتبر مرضاً مؤقتاً تأملوا هذا التشبيه: حالتها تماماً مثل من وُلد بأطراف ناقصة فهل تقولون له (الله يشفيك يمكن بكره تنمو لك أطراف جديدة)..؟

وضعها كذلك، ولكن العضو الناقص هو الدماغ.

بين المرض والحالة

لن أدخل أكثر في الشرح العلمي للفرق بين المرض والحالة والمتلازمة والاضطراب والحالات الجينية، لأن هذا ليس مجال تخصصي، ولكن كأم وبلسان الكثير من الأمهات أقول لكم: أطفالنا مختلفون وليسوا مرضى، هم فقط يأكلون بطريقة مختلفة، يفكرون بطريقة مختلفة، ربما يتنفسون بطريقة مختلفة، ويحتاجون لأجهزة مساعدة، ولكن في الأخير هم أطفال وأغلبهم في صحة وعافية بالرغم من الاختلافات التي لديه.

فلو أحببت أن تدعو له؛ فنتمنى أن تكون دعاؤك بقلبك وليس بصوت مسموع من شأنه أن يضايقنا أو يضايق أطفالنا، فأغلبهم مدركون ويتضايقون كثيراً فيسألون أمهاتهم: “ماما ليش قالي الله يشفيك..؟ أنا مو مريض.

هل بإمكانكم أن تجيبوا هم سؤال هذا الطفل؟ “ليش قلتو الله يشفيه؟ ليش قلتوها كذا بوجهه؟ ليش الطفل الثاني أسعدتوا أهله بدعاء الله يحفظه ويبارك له فيه بينما طفلي نظرتوا له كمرض فقط وقلتوا الله يشفيه”..؟

استيعاب المجتمع لحالة أطفالنا دائمة وليست مؤقتة، ومن شأنه أيضاً حفظ حقوقهم وتعاون المجتمع معهم، لأن الحالة المرضية يقابلونها فقط بدعاء شفاء مع اخلاء مسؤوليتهم المجتمعية بمساعدتها ولكن الحالة الدائمة تحتاج إلى تعاون من جميع أفراد المجتمع.

نظرات الفضول

أحد الأمور التي تضايق الكثير من الأمهات هي نظرات الفضول والشفقة والتحديق. نحن نعلم أن أطفالنا حالة نادرة وربما شكلهم غريب بعض الشيء أو لديهم جهاز غريب، صدقوني نحن نعلم بذلك ونتفهم نظرة الاستغراب المبدئية/ ولكن هذا ليس عذراً لإطالة النظر كما أنه ليس عذراً لبعض الدعوات المسموعة مثل: الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا…!

وحتماً ليس عذراً لأن تطرح أسئلة فضولية جارحة خصوصاً عندما يكون المكان والزمان غير مناسب لمثل هذه الأسئلة.

من أراد المساعدة فليسأل: كيف بإمكاني أن أساعدك؟ أما أن تتعدى على خصوصياتنا أو أن تطرح نصائح لم نطلبها وخلطات علاجية لم نسألك عنها فهذا تصرف مزعج كثيراً.

فلتعلموا أن النصيحة تُطلب ولا تُعطى، وللأسف؛ فإن أغلب النصائح فيما يخص الحالات الصحية تضر ولا تنفع، والخوف من بعض الأمهات التي لا يمتلكن كمية وعي كافية فتطبق كل ما تسمع ويكون الطفل هو الضحية.

النظرة القاصرة

ما يهمني أن أتحدث عنه هو نظرة المجتمع القاصرة عن ذوي الإعاقة وعدم مراعاة حقوقهم، فكم يؤسفني أن تضيع جهود الحكومة في وضع قوانين واضحة من شأنها أن تساعد وتسهل حياة الأشخاص ذوي الإعاقة، ولكن هذه القوانين غير مُطبقة من قبل الجميع، ولذلك نحن ـ كأمهات لأطفال من ذوي الإعاقة  ـ نواجه الكثير من الصعوبات والمعوقات فوق إعاقة أطفالنا.

ومن أبسط هذه الحقوق تسميتهم بمصطلح شامل واضح يضمن حقوقهم فقد نصَ التوجيه الملكي الكريم باعتماد استخدام مصطلح الأشخاص من ذوي الإعاقة، وهو المصطلح المعتمد عالمياً، وفقاً لاتفاقية حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة.

وإلى الآن يوجد فئة من المجتمع ترفض هذا المصطلح الصحيح وتصدر الكثير من المصطلحات مثل ذوي القدرات الخارقة، وبالتالي هذه الفئة لا تعي الصعوبات التي نواجهها ولا تساعدنا في تخطيها، لأن ذا القدرة الخارقة يستطيع أن يتدبر أمره بنفسه، ولكن من لديه إعاقة تعيقه عن ممارسة الحياة بشكل طبيعي فهو يحتاج إلى مساعدة.

مثال لأحد حقوق ذوي الإعاقة؛ هو تيسير وصولهم للأماكن العامة فعلى جميع المنشآت التجارية توفير منزلق عند المدخل وللأسف الكثير من أصحاب المحلات لا يتعاون معي ويرد: ارفعيها، لماذا أرفعها؟ وهناك قانون يضمن سهولة دخولها، فمن حقها الدخول بيسر وسهولة وكرامة مثل أي زبون آخر.

والكثير من الأمثلة الأخرى والمواصفات الدقيقة التي تضمن سهولة حركة وتنقل الأشخاص من ذوي الإعاقة مثل المواقف الخاصة بهم وأهمية احترام خصوصية هذي المواقف لمن يحتاجها وعدم التعدي عليها، كذلك دورات المياه الخاصة والمصاعد.

يؤسفني ازدحام الناس عند المصاعد ومزاحمة مستخدم الكرسي المتحرك بالرغم من توفر سلم سواء كان عادياً أو حتى كهربائياً.

ختاماً

إنني أتفهم استغرابكم من الحالة كونها نادرة، كما أتفهم بعض التصرفات التي تصدر عن حسن نية، ولذلك فمن واجبي التثقيف بحالة صغيرتي، وأتمنى أن تتفهموا مشاعرنا وتساعدونا في تذليل المعيقات لهذه الفئة.

متابعة: فاطمة ال محمود 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×