أمريكا “تفكر” في حجب الشمس لتخفيف حرارة الأرض ليس خيالاً علمياً والنتائج تنعكس على الزراعة والاقتصاد والبنى التحتية
المنظمة العالمية للطقس: 56.7 درجة هي المستوى المطلق للارتفاع
متابعة: صُبرة، ووكالات
تحولت أجزاء كبيرة من أوروبا وأميركا إلى مناطق مشتعلة بسبب الحر، مع عودة فصل الصيف وموجات الحرارة غير المسبوقة، ومع تفاقم أزمة التغير المناخي، وتحذيرات الخبراء من أن موجات الحر ستصبح أمراً اعتيادياً في أوروبا والولايات المتحدة، وأنها ستزداد ضراوة، وأصدرت عدة دول أوروبية وولايات أميركية إنذارات للسكان، محذرة من موجات الحر الشديد في الأيام المقبلة.
الأيام الحارة المزعجة
وحذرت دراسة جديدة واسعة النطاق، من أن المملكة المتحدة وسويسرا ستكونان الأكثر تضرراً على مستوى العالم من الزيادة النسبية في “الأيام الحارة المزعجة”.
وفي الولايات المتحدة، تتوقع وكالات حكومية أن ترتفع درجات الحرارة في ولايات تكساس وأريزونا ونيفادا وكاليفورنيا إلى درجات خطيرة، فيما تواجه دول أوروبية، مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا واليونان، موجات حر شديد يتوقع أن تصل معها درجات الحرارة في بعض الأماكن إلى 48 درجة مئوية.
منطقة الخليج
وهذا الأمر مماثل في كل أنحاء الخليج. في البحرين، قد يحطّم متوسط درجات الحرارة الرقم القياسي البالغ 51 درجة مئوية كما هو الحال في العراق والكويت التي دائما ما تسجّل أعلى درجات الحرارة في العالم، يحذر خبراء من أن الحرارة قد تتجاوز 50 درجة مئوية في الأسابيع المقبلة، بالإضافة إلى تصنيف الأسبوع الماضي الأكثر حراً على الإطلاق في كل أنحاء العالم، تخنق موجة رطوبة منطقة الخليج.
وقال أحمد حبيب المتخصص في الأرصاد الجوية في المركز الوطني للأرصاد في الإمارات خلال الأسبوع الماضي، كانت الحرارة مرتفعة إلى حدّ ما وتراوحت في المناطق الداخلية بين 45 إلى 49 درجة مئوية لكن الشعور بدرجات الحرارة جعل الناس تتساءل ما إذا كانت درجات الحرارة أعلى (من المعدل)”.
وأضاف “أسباب الشعور بأن درجات الحرارة عالية هي الارتفاع في الرطوبة النسبية أي كميات بخار الماء، فارتفاع الرطوبة النسبية إلى جانب درجات حرارة عالية أصلًا تعطي شعورًا بأن الحرارة أكثر ارتفاعًا مما هي فعليًا”.
وأوضح “الكتلة الهوائية القادمة من بحر عمان أو من الخليج العربي كانت محملة ببخار الماء نتيجة مرورها فوق مسطحات مالية وهذا الأمر يزيد نسبة الرطوبة على الدولة بشكل عام. وصلت الحرارة المحسوسة إلى أكثر من 55 أو حتى بين 55 و60 درجة مئوية في بعض المناطق”.
وتعد الحرارة الشديدة في الخليج والرطوبة العالية مزيجا خطيرا، ففي مثل هذه الظروف يكافح جسم الإنسان لتبريد نفسه عن طريق تبخير العرق على الجلد.
وقال حبيب “ننصح المواطنين بتعويض السوائل وألا يتعرضوا لأشعة الشمس بشكل مباشر”.
تعد منطقة الخليج واحدة من الأماكن القليلة التي سجّلت مرارا درجات حرارة فوق 35 درجة مئوية بمقياس ترمومتر البُصيلة المخضّلة، وهي عتبة بقاء الإنسان التي يمكن بعدها أن يكون الإجهاد الحراري قاتلا في غضون ساعات، بغض النظر عن العمر والصحة واللياقة البدنية.
ولهذا السبب يحذّر الخبراء من أن التغير المناخي المتسارع سيجعل أجزاء من منطقة الخليج غير صالحة للعيش بحلول 2050.
ارتفاع الرطوبة
من جهة أخرى، قد تصل الرطوبة إلى 90 في المئة في البحرين بحلول نهاية الأسبوع، مع درجات حرارة قصوى تتراوح بين 42 و44 درجة مئوية وفقا للتوقعات الجوية الرسمية.
ويتوقع خبراء الطقس أن ترتفع درجات الحرارة في الخليج إلى مستويات مدمرة إذا ترك احترار المناخ دون رادع.
وفي العاصمة الإماراتية أبوظبي، سيرتفع عدد الأيام التي تزيد فيها درجات الحرارة عن 40 درجة مئوية بنسبة 98 في المئة بحلول العام 2100 إذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية 3 درجات مئوية.
وأظهرت النتائج أيضا أن ارتفاع درجات الحرارة 3 درجات مئوية ستجعل الكويت والبحرين والسعودية تشهد 180 يوما في السنة درجات حرارتها تزيد عن 40 مئوية بحلول نهاية القرن.
وتعد منطقة الخليج واحدة من الأماكن القليلة التي سجّلت مرارا درجات حرارة فوق 35 درجة مئوية بمقياس ترمومتر البُصيلة المخضّلة، وهي عتبة بقاء الإنسان التي يمكن بعدها أن يكون الإجهاد الحراري قاتلا في غضون ساعات، بغض النظر عن العمر والصحة واللياقة البدنية.
وتمتد موجات الحر كذلك إلى مناطق شمال أفريقيا حيث أصدر المغرب، مثلاً، إنذاراً أحمر في عدة أقاليم تشهد موجات حر خطيرة، وكذلك في الجزائر ووتونس وليبيا ومصر.
ووصلت موجات الحر هذا العام إلى الصين، حيث أعلنت إحدى كبرى شركات الكهرباء تسجيل مستوى قياسي في توليد الكهرباء اليومي، بسبب زيادة الطلب المرتبط بارتفاع درجات الحرارة. ومع عودة موجات الحر هذا الصيف، يتوقع أن تزداد كذلك أعداد الوفيات المرتبطة بارتفاع الحرارة.
مخاطر وفيات وحرائق
في الصيف الماضي، سجلت أوروبا، التي تشهد أسرع ارتفاع في درجات الحرارة، نحو 60 ألف وفاة مرتبطة بالحر الشديد. وفي العقدين الماضيين، ارتفعت درجة الحرارة في أوروبا بنسبة نصف درجة مئوية لكل عقد، بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية. والآن، يتوقع الخبراء أن تستمر درجات الحرارة في العالم بالارتفاع بمعدل درجتين مئويتين بحلول عام 2050.
لكن الخبراء يحذرون من أن ارتفاعا آخر في درجات الحرارة التي ستشهدها أوروبا سيكون أعلى من ذلك.
حجب أشعة الشمس
وتدرس الولايات المتحدة، على نحو جاد، حجب أشعة الشمس عن الكرة الأرضية كحل أخير لكبح تغير المناخ نتيجة الاحترار العالمي، في تصور فاق حدود الخيال العلمي.
ووفقًا للتقرير الصادر عن مكتب سياسة العلوم والتكنولوجيا في البيت الأبيض، بدا أن الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن منفتحة على دراسة إمكانية حجب ضوء أشعة الشمس؛ لتثبيط تسريع ظاهرة الاحتباس الحراري، ويتحدث التقرير عن نقل هذا المفهوم “بحذر شديد” من الخيال العلمي إلى الواقع.
ولفت التقرير انتباه العلماء والمتحمسين للعلوم في جميع أنحاء العالم إلى فكرة كانت محصورة سابقًا في تقنيات الهندسة الجيولوجية للخيال العلمي، والتي يُجري الآن استكشافها عمليًا، بما في ذلك آثارها المحتملة بعيدة المدى.
وفي السنوات الأخيرة، تسربت هذه التقنيات إلى المناقشات المناخية السائدة كخيار سياسي أخير، وحظيت بالاهتمام والتمويل؛ ففي عام 2019، منح الكونغرس الأمريكي الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) ملايين الدولارات لأبحاث الهندسة الجيولوجية الشمسية.
وفي مارس 2021، دعت الأكاديميات الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب البلاد إلى إنفاق مبلغ إضافي يتراوح بين 100 و200 مليون دولار.
وتكمن فكرة “حجب الشمس” أو تعديل الإشعاع الشمسي (SRM) في تغيير ضوء الشمس بشكل مصطنع من أجل التحكم في تبريد الكوكب.
هذا، ويعرّف العلماء «الهندسة الجيولوجية الشمسية» بأنها «تدخل متعمد واسع النطاق في النظم الطبيعية للأرض لمواجهة تغير المناخ».
ووفقاً للتقرير، فإن أنواع أساليب الهندسة الجيولوجية التي تبحث إدارة بايدن استخدامها لتبريد الكوكب تكمن في: حقن الهباء الجوي في طبقة الستراتوسفير في الغلاف الجوي (SAI)؛ لتغيير أنماط السحب يدويًا والحد من كمية ضوء الشمس التي توجه إلى الأرض، وبالتالي إيقاف بعض أسوأ آثار تغير المناخ.
أوروبا تعاني
كشفت تقارير إعلامية أن القارة الأوروبية تترقب موجة حر حارقة يتوقع أن تسبب عددًا كبيرًا من الوفيات، وسط توقعات بأن تسجل درجات الحرارة مستويات قياسية مرتفعة لم يسبق أن شهدتها القارة الأوروبية، وهو ما استدعى السلطات في أكثر من دولة أوروبية إلى إصدار التحذيرات للسكان بتوخي الحيطة والحذر من موجة الحر القاتلة القادمة التي يتوقع أن تضرب عدة دول في أوروبا.
وبحسب الصحافة البريطانية، فإن السلطات في إيطاليا تتوقع أن تصل درجات الحرارة إلى 48.8 درجة مئوية، لتكون بذلك قد سجلت مستوى قياسيًّا غير مسبوق، كما أن الحرارة قد تتجاوز مستوى الـ40 درجة مئوية في بلدان أوروبية أخرى.
وأصدرت السلطات في عدة دول أوروبية بالفعل عددًا من الإنذارات الحمراء مع ارتفاع درجة الحرارة، بينما كشفت الأنباء المقلقة عن وفاة رجل في الأربعينيات من عمره في شمال إيطاليا من جراء الحرارة الشديدة.
تحذيرات صحية
وسارعت وسائل الإعلام المحلية في بريطانيا وأوروبا إلى نشر التحذيرات من موجة الحر المتوقعة. وخاطبت جريدة (Metro) واسعة الانتشار في لندن القراء عبر تقرير لها قالت فيه: إن “الذين يتعرضون لموجات الحر يواجهون أمراضًا شديدة الخطورة”.
وذكرت الصحيفة في سياق تقريرها التوعوي أن “هناك آليتان رئيسيتان يستخدمهما الجسم للحفاظ على البرودة، الأول هو توسع الأوعية، حيث تتسع الأوعية الدموية الصغيرة، أو الشعيرات الدموية، تحت الجلد مباشرة. ويؤدي هذا إلى تعريض المزيد من الدم إلى السطح”.
وبحسب الصحيفة، أما الآلية الثانية، فهي من خلال التعرق، الذي يسحب الحرارة من الجلد أثناء تبخره، ومع ذلك يحتوي العرق على الأملاح التي تعتبر حيوية في حركة العضلات، وهذا يعني أنه إذا كان الجسم يتعرق دون أن يتم تعويض الأملاح فهذا يمكن أن يؤدي إلى تشنج العضلات.
ويقول الأطباء: إن هذين الإجراءين يساعدان في الحفاظ على درجة حرارة الجسم الداخلية عند 37 درجة مئوية، والمعروفة باسم التنظيم الحراري.
ومع ذلك، عندما تتجاوز درجات الحرارة الخارجية هذا المستوى يصبح من الصعب على أنظمة الجسم منع ارتفاع درجة الحرارة الأساسية.
وهذا يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالإنهاك الحراري، بالإضافة إلى التعرق الشديد، وكذلك الشعور بالإغماء أو الدوار، كما يمكن أن يؤدي هذا أيضًا إلى نبض ضعيف وسريع، فكل ارتفاع بمقدار 0.5 درجة مئوية في درجة الحرارة الأساسية للجسم يؤدي إلى ارتفاع معدل ضربات القلب حوالي عشر ضربات في الدقيقة.
وتقول الصحيفة: إنه “يجب على أي شخص يعاني من هذه الأعراض التوقف عن كل نشاط، والراحة التامة، والانتقال إلى مكان أكثر برودة وشرب الماء أو أي مشروب رياضي”.
وتضيف: “إذا استمرت درجة حرارة الجسم الأساسية في الارتفاع فوق 40 درجة مئوية، فإن المرض الثالث والأخير هو ضربة الشمس. وهذا هو أشد أشكال الإجهاد الحراري ويمكن أن يكون قاتلًا”.
يشار إلى أن دراسة جديدة نشرت مطلع الأسبوع الحالي أظهرت أن أكثر من 61 ألف شخص لقوا حتفهم في أوروبا، بسبب درجات الحرارة المرتفعة خلال صيف العام الماضي الذي حطم الرقم القياسي، ودعت الدراسة إلى بذل المزيد من الجهود للحماية من موجات الحر الأكثر فتكًا المتوقعة في السنوات المقبلة.