“نشوة” غير شرعية.. وشريفة…! موروث النظر إلى مجهول الأصل حين تجعله المصالح محترماً
كتب: حبيب محمود
تقف في الصورة البارزة نخلة صغيرة؛ من صنف لا يُمكن لأحد من الفلاحين تحديده. والسبب هو أنها لا تجمع صفاتِ صنفٍ من أصناف النخيل المعروفة محلياً. النخلة موجودة في نخل شمالي القديح اسمه “الحامضي”، وقال القائم على النخل؛ إنها زُرعت فسيلة، ولكن لا يعرف من أين جاءت تحديداً..!
لذلك؛ قال عنها “نشوة”، أي مجهولة الصنف. ولكنّ هناك علاماتٍ يمكن وصفها في ثمرة النخلة، ومع ذلك؛ ليست أي من العلامات دليلاً على الصنف.
الشكل
أولى العلامات هي نضوج ثمرها في بداية الموسم. وفي هذه الأيام تنضج الأصناف التالية في القطيف:
- ماجي: أحمر طويل.
- بكيرة: أصفر قصير أسطواني.
- غُرة: أصفر طويل أسطواني.
- خصبة باب: أصفر بيضاوي.
- فيراني: أصفر مخضرّ بيضاوي.
- بدراني: أصفر أسطواني.
وثمرة النخلة “النشوة” أصفر مخضر بيضاوي، وهذا يعني أن الثمرة تجمع صفتي “البكيرة” و “الفيراني”.
الطعم
ومن ناحية الطعم؛ لا تُشبه الثمرة أياً من هذه الأصناف. لكنّ فيها قواماً يُشبه قوام صنف لم ينضج بعد، هو صنف “الشبيبي”. كما فيه نكهة تُشبه نكهة “الشيشي”. وهذا الأخير لم يحن وقت نضجه بعد أيضاً.
القوام
من ناحية قوام الثمرة؛ فهو أقرب إلى مضغة “البكيرة”، وهي تجفّ بسرعة إذا تُركت بعد النضوج.
نخيل غير شرعية
إذن؛ ماذا يكون هذا الصنف..؟
في الموروث الزراعي القطيفي، كما في موروث حضارات النخيل عموماً، هذه النخلة ليست صنفاً اكتسب الاحترام الكافي. قد تكون ثمرة النخلة طيبة، ولذيذة، وقد تتحوّل إلى سلعة تجارية في المستقبل غير القريب. إلا أنها ـ حتى الآن ـ تُوصف بـ “نشوة”.. أي نخلة بذرية، نشأت من نواة تمرة، وحين كبرت أنتجت ثمراً طيباً.. فقط.
وهذا وحده لا يمنحها حقّ وصف الصنف..!
البرحي.. اصله دقل.. لكنه اكتسب شهرة عالمية فصار من الأصناف الأكثر جودة
تُوصَف النخيل النابتة من بذور؛ بأنها “نغول”، خاصة ذلك النوع من النخيل الذي يتكاثر في الصحراء أو في الأماكن الزراعية المهملة. إنها أشجار تنمو على طبيعتها الوحشية، ولا يمكن إصلاح حالها ـ كشجرة معتبرة ـ إلا حين يتدخل الإنسان في شأنها ويرعاها.
ولذلك يكاد يكون هذا النوع من النخيل بأبناء غير شرعيين. لكنّ الغريب في الأمر؛ هو أنه حتى النخلة مجهولة الأم والأصل؛ يمكن أن تتحوّل مع الزمن إلى نخلة “شرعية”؛ فينسى الناس أصولها المجهولة، ويحترمونها في حياة الزراعة، إذا حقق إنتاجها مصالحهم الزراعية والتجارية.
والنخلة الشرعية في الموروث الزراعي التاريخي؛ هي التي تنبت في رأس أمها، ثم تُقطع منها، لتُغرس في مكان آخر.
خصبة رزيز.. صنف قطيفي رديء الثمر.. لكنه وفير الدبس
نخيل الدقل
المصطلح الأكثر انتشاراً للدلالة على النخيل البذرية في اللغة العربية هو “الدقَل”. فكلُّ نخلةٍ تنبت من نواة تُوصَف بأنها “دقَل”. ولكل إقليم نخيل اصطلاحات الخاصة بتسمية نخيل الدقل.
- في شرق السعودية والبحرين يقولون: خُصبة. وهذا اصطلاح خاص بأهل البحرين كما يقول اللغويون.
- في نجد والقصيم يقولون: نبتة..
- في المدينة المنورة يقولون: لون ونبتة.
- في عُمان والإمارات يقولون: جَشْ
- في إيران يقولون بالفارسية: خاروك..!
- وفي العراق يقولون: دقل.
وفي استقصائه لأصناف النخيل؛ رصد عبدالجبار البكر عشراتٍ من أنواع “الدقل، الخصبة، الجش، الخاروك” في أقاليم مختلفة، بينها:
- العراق ـ دقلة: 103 أنواع من الدقل من أصل 627 نوعاً من النخيل. 16.4%.
- القطيف والأحساء ـ خُصبة: 7 أنواع خصبة من أصل 76 نوعاً. 9.2%
- نجد والقصيم ـ نبتة: 15 من أصل 104. 14.4%.
- المدينة ـ لون، نبتة: 7 من أصل 207. 3.38%.
- عُمان ورأس الخيمة ـ جش: 21 من أصل 93. 22.5%.
- إيران ـ خاروك: 12 من أصل 301. 3.9%.
خصبة وسلس وفحّال
- في القطيف؛ إذا نبتت نخلة من بذرة، وشبّت؛ فإنها تكون على 3 أنواع:
- خصبة: حين تكون ثمرتها طيبة، وقد يُعتنى بها، وتُؤخذ بناتها للتكاثر.
- سِلس: حين تكون ثمرتها رديئة، وغالباً ما يكون الثمر علفاً.
- فحّال: حين تكون النخلة ذكراً، وقد يُستفاد منه لتلقيح النخيل الإناث في موسم الربيع.
سلس شرْيَة.. صنف قطيفي كان معروفاً عند الفلاحين