لهجة القطيف العامية من الشعر الفصيح: استدراك على الألف [2]

إبْرِيسَم

الإبْرِيسَم معربٌ، وفيه ثلاث لغات، والعرب تخلط فيما ليس من كلامها؛ قال ابن. السكيت: هو الإبريسَم، بكسر الهمزة والراء وفتح السين، وقال: ليس في كلام العرب إفْعِيلِل مثل إهْليلَج وإبْريسَم، وهو ينصرف، وكذلك إن سمَّيت به على جهة التَّلْقيب، انصرف في المعرفة والنَّكِرة؛ لأن العرب أَعَرَبَته في نَكِرَته، وأَدْخَلَت عليه الألف واللامَ، وأَجْرته مجْرى ما أَصلُ بنائهِ لهم، وكذلك الفِرِنْدُ والدِّيباجُ والرَّاقُودُ والشِّهْريز والآجُرُّ والنَّيْرُوزُ والزَّنْجَبِيل، وليس كذلك إسحق ويعقوب وإبراهيم؛ لأن العرب ما أَعربتها إلاّ في حال تعْريفها، ولم تنطِق بها إلا مَعارفَ، ولم تنقُلْها من تَنْكِير إلى تَعْريف. قال ابن بري: ومنهم من يقول أَبْرَيْسَم، بفتح الهمزة والراء، ومنهم من يكسر الهمزة ويفتح الراء.

 (ابن منظور – لسان العرب).

في التمهيد لهذه الحلقات، أتيت بشواهدَ كثيرةٍ على نقصانِ المعاجم العربية، لأسبابٍ وعللٍ أوضحتُها في محلها، وهنا شاهدٌ آخرُ أضيفه إلى ما تقدم، فهذا التفصيل المسرف من ابن منظور في هذه شرح الكلمة، لم يوصلنا إلى معرفة معناها، فلم يقل لنا ما هو الإبريسم، بل لم يقل إنَّ الكلمة معربة من أي لغة وأي لفظ مع أنه نقل عن ابن بري، وابن بري نصَّ على أنها معربة عن: إبريشم، وتعني الحرير، أو الخام خاصة([1]). 

الإبريسم: الحرير، عند أهل القطيف، ومما جاء فيه شعرًا

قول ذي الرمة:

كأَنَّما اعْتَمَّتْ ذُرَى الأَجْبالِ    

بالقَزِّ، والإبْرَيْسَمِ الهَلْهالِ([2])

وقول البحتري:

أَتَحجُبُ طاقَةُ إِبرَيسَمٍ  

هَوى الصَبِّ مِنهُم عَنِ الصَبَّه

إِذا الساقِياتُ حَمَلنَ الكُؤو     

سَ دَوراً عَلى القَومِ أَو نُخْبَه([3]).

وقول الطغرائي:

نارنْجُنَا في لونِه      

وشَكلِه المُدَوَّرِ

يحكي كُراتِ سُفُنٍ      

مصبوغةٍ بالعُصْفُرِ

ملفوفةً في خِرَقٍ      

من الحريرِ الأخضرِ

أو كَنهودٍ ظَهَرَتْ      

من تحت لاذٍ أحمَرِ

حِقاقُ تِبْرٍ ضُمِّنَتْ      

حشواً بديعَ المنظرِ

أبريسَمٌ كبَّتُه      

مبلولةٌ لم تُعْصَرِ([4]).

وقول الغشري الخروصي:

وأنالَها الإبريز معْ إبريْسمٍ      

فَفَرَتْه من أيدي الرَّدَى أظفار([5]).

وقول الهمشري:

وَشَّعَ المَوتُ جانِبَيها اِصفِراراً      

فَأَفادَت مِنهُ ضِياءَ المَساءِ

في شُفوفٍ إِبرَيسَمٍ سابِحاتٍ      

بِشِراعٍ مُرَقرَقٍ مِن ضِياءِ([6]).

إبريق

الإبريق: إناءٌ من خَزف، أو مَعدِن، له عُروة، وفم (مصب)، وبُلبلة، والجمع: أباريق. فارسية معرَّبة من (آب ريز). (محيط المحيط – بطرس البستاني).

ومما جاء فيه شعرًا قول عَدِي بنِ زَيْدٍ العبادي:

باكرتهنَّ قرقفٌ كدم الجَوْ      

فِ تُريكَ القذى كُميتًا، رحيقُ

صانَها التاجرُ اليهوديُّ حوليـ  

ـنِ، فأذكى من نشرها التعتيقُ

ثم فُضَّ الختامُ عن حاجبِ الد 

نِّ، وحانت من اليهوديِّ سُوقُ

فاستباها أشَمُّ، خِرْقٌ، كريمٌ    

أريحيٌّ، غمندرٌ، غرنيقُ

ثم نادوا على الصبُوح فجاءت        

قينةٌ فِي يَمِينِها إِبرِيقُ([7]).

وقول أبي زبيد الطائي:

وَخَوان مُستَعمِلٍ أَدجَنتهُ      

كُلَّ يَومٍ شيزي رَجوفٌ دَلوفُ

وِدنانِ خُصِيَّةٍ مُسنِداتٍ      

فَعَبيطٌ بِالطَعنِ أَو مَقلوفُ

بأبارِيقَ شبْهِ أَعْناقِ طَيرِ الـ      

ـماء َقَدْ جِيبَ فَوْقَهنَّ خَنِيفُ

صادِراتٍ وَوارِداتٍ إِلى أن      

تَحسَب الشَربَ صَرعَتهُم نَزوفُ

أَصبَحَ البَيتُ بيتُ آلَ أَياسٍ      

مُقشَعِرّاً وَالحَيُّ حَيُّ خُلوفُ([8]).

الخنيف: ثوب أبيض من الكتان، أبيضُ غليظ. (محيط المحيط)، يريد الخرقة التي تُلف بها الزجاجة.

وقول عبد الله بن شُبْرُمَةَ الضَّبِّيّ:

ويوم شديد الحرِّ قصر طوله  

دم الزقِّ عنا واصطكاك المزاهر

لدن غدوةٍ حتى أروح وصحبتي       

عصاةٌ على الناهينَ شمُّ المناخر

كأنَّ أَبارِيقَ الشَّمُولِ عَشِيَّةً        

إِوَزُّ بأَعْلَى الطَّفِّ عُوجٌ الحَناجِرِ([9])

وقول عَلْقَمةُ بنُ عَبَدَةَ الفحل:

ظلت ترقرق في الناجود يصفقها      

وليد أعجمَ بالكتان مفدوم

كأَن إِبْرِيقَهُم ظَبْيٌ على شَرَف        

مُفَدَّمٌ بِسَبا الكَتّانِ مَلْثوم([10]).

بعض نواحي القطيف، مثل سيهات، ينطقون القافَ جيمًا، فالإبريق في لسانهم: ابريج، ويسنده من الشعر قول أحد الشعراء:

لقَدْ تَمَخَّضَ في قَلْبِي مَوَدَّتُها        

كما تَمَخَّضَ في إِبْرِيجِه اللَّبَنُ([11])

([1]) انظر: تاج العروس، السيد مرتضى الزبيدي، اليمني، تحقيق عبد العليم الطحاوي، مراجعة د. حسين محمد شرف، ود. خالد عبد الكريم جمعة، نشر، التراث العربي، سلسلة تصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، دولة الكويت، الطبعة الأولى، 1421هـ 2000م، جـ31/275 – 276.

([2])ديوانه، شرح الباهلي، ورواية ثعلب، وتحقيق عبد القدوس أبو صالح، نشر مؤسسة الإيمان، جدة، الطبعة الأولى، 1402هـ، 1982م، جـ1/278.

([3])الشاهد غير موجود في ديوانه المطبوع، انظر: ديوانه، موقع موسوعة الشعر العربي، الرابط: https://goo.gl/y1TJ7t.

([4])ديوانه، تحقيق د, علي جواد الطاهر، ود. يحيى الجبوري، مطابع الدوحة الحديثة، الطبعة الثانية، 1406هـ، 1986م،  ص: 176.

([5])ديوانه،ة موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/8PvR9v.

([6])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/9xJGMt.

([7])ديوانه، حقه وجمعه، محمد جبار المعيبد، إصدار وزارة الثقافة والإرشاد، سلسلة كتب التراث، نشر شركة دار الجمهورية للنشر والطبع، بغداد، 1965م، ص: 76 – 77.

([8])ديوانه، تحقيق د. نوري حمودي القيسي، مطبعة المعارف، بغداد، 1967م، ص: 117 – 118.

([9])شرح ديوان الحماسة لأبي تمام، شرح المرزوقي، علق عليه وكتب حواشيه، غريد الشيخ، وضع فهارسه العامة إبراهيم شمس الدين، نشر دار الكتب العلمية، بيروت، جـ4/890.

([10])ديوانه، قدم له ووضع هوامشه وفهارسه حنا نصر الحتي، نشر دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1414هـ 1993م، ص: 46.

([11])تاج العروس: (برج).

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×