[2 من 4] قبل استلام شهادة وفاة علاقتكم الزوجية

نعيمة آل حسين

ما هي العلاقة الزوجية؟

    هي “علاقة إنسانية، علاقة وجدانية، علاقة روحية ” وهذه الكلمات: “إنسانية ووجدانية وروحية” كلمات رقيقة وحساسة لا تحتمل أن تعيش في أجواء الصراعات الدامية ولا تصبر كثيراً في أجواء الإهانات المتبادلة أو التجريحات القاسية أو الإهمال المُميت.

كما أن التأخر في التدخل والإصلاح قد ينتج عنه آثار مستديمة في البناء النفسي للأطفال الذين عايشوا أجواء الصراع لفترات طويلة دون مساعدة ودون حماية.

وإذا كان الطرفان المتنازعان قد فقدوا البصيرة أو الحكمة أو التحكم في نزعاتهما، فإن المجتمع المحيط بهما يتحمل مسؤولية تخفيف هذا النزاع أو ضبط إيقاعه مع تقليل آثاره على الأبناء في الوقت المناسب، والهدف هنا ليس منع الآثار والتداعيات الضارة على كل الأطراف، فهي واقعة واقعة، وإنما هو تخفيف تلك الآثار قدر الإمكان.

وفي حال عجزت الآليات العائلية عن الإصلاح بين الزوجين:

 قد ينتقل الأمر كمرحلة تالية إلى أحد المتخصصين النفسيين أو الاجتماعيين لمساعدة الطرفين المتصارعين على الاستبصار بطبيعة الصراع وأسبابه وأدواته، ثم محاولة الاستفادة من هذه البصيرة في إطفاء بؤر الصراع لدى وبين الطرفين، أو على الأقل إدارة الصراع بطريقة متحضرة على أمل الوصول في وقت ما إلى مرحلة حل الصراع.

والشخص المتخصص هنا سواء كان طبيباً نفسياً أو اختصاصياً نفسياً أو اجتماعياً أو أسرياً يتميز بالخبرة والحيادية وعدم التحيز “أو يجب أن يكون كذلك”، إضافة إلى احتفاظه بأسرار الطرفين، وإدراكه لحساسية موقف الأطفال وضرورة رعايتهم في وقت احتدام الصراع.

ومن هذا المنطلق نتساءل عن ماهيّة الأشياء المطلوبة قبل الطلاق؟

من الأشياء المطلوبة قبل حدوث الطلاق:

▪️ تجنب إظهار الصراعات والخلافات أمام الأطفال.

▪️تجنب استخدام الأطفال للضغط أو ليّ الذراع وتجنب استقطابهم نحو أي طرف.

▪️إذا كان الطلاق قد أصبح وشيكاً أو مؤكداً فقد يصبح من المفيد أن يعرف به الأطفال على قدر ما يحتمل إدراكهم وفقاً لأعمارهم، على أن يتم ذلك بصورة فيها حكمة وهدوء وأن لا يتم تشويه صورة أحد الطرفين أو كليهما أثناء القيام بهذا الأمر، فمثلاً يمكن للأم أن تُهيء أطفالها بأن تقول لهم:

  “قد نذهب أنا وأنتم لنعيش في بيت “جدك، أو خالك، أو في بيت مستقل لوحدنا، ولكنكم تستطيعون رؤية والدكم مرة كل أسبوع أو حينما تسمح ظروفه بذلك”.

▪️وإذا كان الأبناء في سن أكبر فقد يجلس معهما الوالدان ويشرحان لهما صعوبة أو استحالة استمرارهما معاً ورغبتهما في الانفصال، وأنّ هذا لا يعني كونهما سيئين أو كون أحدهما سيئاً، وإنما يعني أنهما لم يتفقا في طباعهما، وأن الله قد أحل الطلاق في الظروف التى يصبح استمرار الزوجين معاً أكثر ضرراً عليهما وعلى أبنائهما.

وأنهما حتى بعد الطلاق سيظلان أبوين راعيين لأبنائهما وأنّ كلاً منهما سيحترم الآخر في إطار الظروف الجديدة التي ستطرأ بعد الطلاق، وأنهما سيبذلان ما في وسعهما للمحافظة على استقرار وسلامة وسعادة أبنائهما، فعلى الرغم من أنهما لن يصبحا زوجين بعد الطلاق إلا أنهما سيظلان أبوين لأبنائهما.

فقد يبدو هذا الأمر مثالياً بدرجة أو بأخرى، وقد يتساءل البعض:

  إن كان الزوجان على هذه الدرجة من النضج والرقي والتحضر فلماذا إذن الطلاق؟

والجواب هنا:

    إنّ نسبة من المطلقين قد يكونون هكذا فعلاً، فكل منهما ناضج وراق ومتحضر في ذاته، ولكنه يفشل في علاقته بالطرف الآخر، لماذا؟

 نتيجة اختلاف الشخصيات والتوجهات أو نتيجة اختلاف الظروف المحيطة بهما.

وقد تقل احتمالات هذا السلوك الراقي وهذا الطلاق المتحضر في حالة كون أحد الزوجين سيئاً.

حيث سيحاول هذا الطرف السيئ أن ينتقص من الطرف الآخر ويُلقي عليه بكل الأخطاء وسيحاول أن يستغل الأبناء في الصراع وليّ الذراع والضغط وسيحاول استقطابهم.

 ويزداد الأمر سوءاً في حالة كون الطرفين سيئين.

وهنا نحتاج إلى حكمة وتقدير الطرف الثالث لماذا؟

 لتحجيم عدوان أحد الطرفين أو كليهما وقد يتم ذلك بواسطة القاضي أو بعض الجهات الاجتماعية في حالة تعذر حدوثه بالطرق الودّية.

وقد يقول قائل:

   ماذا لو رفض الأبناء الطلاق كحل وحاولوا الضغط على والديهم للاستمرار؟

وهنا نقول:

   أنه لا ضير في ذلك، فقد ينجح الأبناء في رأب الصدع أو في تحسين العلاقة أو تحجيم عدوان أحد الطرفين أو تبصيره بذلك.

وإذا لم ينجحوا؟

 فعلى الأقل هنا تُصبح لديهم قناعة أنّ الطلاق لا يمكن تفاديه.

 فيُجهزون أنفسهم لهذه الخطوة ويناقشون أبويهما في كثير من التفاصيل التي تهم حياتهم “قبل، وأثناء، وبعد الطلاق” فمثلاً يعرفون أين سيسكنون؟، وكيف سيحافظ على استقرارهم المادي؟، وعلى بقائهم قدر الإمكان في نفس مدارسهم وقريباً من أصدقائهم، وكيف ستستمر علاقاتهم العائلية “بالعائلتين” بعد الطلاق؟ فضلاً عن استمرارهم مع الأبوين، .. ، وهكذا.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×