الأخُ حَنُّون.. ادْرُوا واغْرموا..!
حبيب محمود
المتحوّلون بين الديانات والمذاهب، والأحزاب أيضاً، غالباً ما يتحوّلون إلى “نمور” من ورق ضدّ ما تحوّلوا عنه، ووبالاً على الطرف الذي تحوَّلوا إليه. خاصة أولئك الذين يتحوّلون في انعطافة حادة، وعلى نحو يصدم الناس أحياناً.
يبدو هذا التحوّل مثلما يقول مثلٌ شعبي في القطيف “شيلْ من هاللّنگه وحُطْ في هاللّنگه“، والمعنى؛ لا فرقَ في حال “اللنگة” الثانية عن حال “اللنگهْ” الأولى. وقد سألتُ بعض العارفين عن معنى “اللنگه ـ اللنقة”؛ فتوصّلتُ إلى تخمين يرجّح أن يكون طرفا الخِرج الذي يُوضَع على الدابة…!
المعنى النهائيّ ـ للمثل ـ هو أن “الشيل” و “الحط” لن يُغيّرا شيئاً ذا بال. الخسارة هنا، تضارع الخسارة هناك، وليس في الجهد إلا “تسوية” خسارات، لا أكثر.
وعلى هذا المغزى سخِر شاعرٌ قديمٌ من رجل اسمه “حَنُّون“، كان مسلماً؛ ثم صار مسيحياً، فقال الشاعر فيه:
ما زاد حَنُّون في الإسلامِ خردلةً
ولا النصارى لهم شُغْل بحَنُّونِ..!
المعنى أن موقع “حنُّون” التافه في دين الإسلام يساوي موقعه حين تحوّل إلى دين المسيح. إذ الغايةُ، في مسألة الضمير، ليست في أن يتعبّد “حَنُّون” على دين أو مذهب، ثم يقفز إلى دين آخر أو مذهب مختلف. مسألة الضمير تنفرزُ في ذلك الشرّ الذي ينتفضُ فجأةً ضدّ العقيدة السابقة..!
الأخُ حَنُّون مشغولٌ ـ على الأرجح ـ بعُقدة “ادْرُوْا واغْرموا”، وهذا مثل في القطيف أيضاً، وتكملته “ترى لِـحْمار امْهيَّمو”. أي “ضائع”، فكلَّ ما في الموضوع ـ عنده ـ هو “شهوة إخبار” الناس بـ “ضياع الحمار”؛ فيا أيُّها الناس: ادروا واغْرموا.. فقط لا غير…!
انتفاضة مفتعلة للإخبار؛ تتولّد منها جبهتان متضادتان: الأولى من أبناء الجلدة السابقة الذين يلاحقون “حـَنُّون” باللّعنات، والثانية بين أبناء الجلدة الجديدة المحتفلين بـ “هداية حنُّون” إليهم. والضجيج بين ضفّتي “اللاعنين” و “المحتفلين”؛ لا علاقة له بشيء ذي صلةٍ بصدق قناعة “حنُّون“، بقدر ما هو مُصطنَعٌ في حالة احتقان وسُخط، ومحاولة استقواء “حَنُّون” بمن هرب إليهم..!
وقد شهدنا مثل ذلك كثيراً؛ في أفراد تحوّلوا بين مذاهب، وكلُّ ما قدّموه، بعد التحوّل، هو التفرُّغ لتقريع المذهب السابق الذي كانوا عليه، وبذل الجُهد لإثبات بطلان العقيدة والفقه والفكر فيه.
ويقابل ذلك إهمالٌ خالص لأخلاقيات الدين، وتسخير “حنُّون” نفسه ليكون محارباً مذهبياً، ولا أبعد من ذلك..!
التحوُّل الصادق؛ لا يحتاج إلى إعلان، ولا ضجيج، ولا استعراض، ولا توسّل “ميديا” وإعلام، ولا تشنيع على “كهنوت” في بعض أتباع دين سابق، يوجد “كهنوت” مثله عند بعض أتباع دين لاحق. ولا يحتاج إلى تهويلٍ على “تطرف” أبناء مذهب ما، له نظيره في أبناء مذهب آخر.
فمن يُقنع “حَنُّون” أن بإمكانه أن “يتحَنْوَن” بصمتٍ، وهدوء، وسلامٍ نفسي، وتصالح مع الذات، لتتحقق له “ولادة جديدة”، ويشكر “الرب يسوع المسيح” ـ على حدّ تعبير حَنُّون ـ بلا “تويتر” ولاهم يحزنون..؟