العرب يتصالحون.. السودان يحارب السودان…!

حبيب محمود

لا أحد يمكن أن يستفيد من أحداث السودان، سوى الشيطان الذي تغلغل في التفاصيل. ومن المخيف أن يكون يوم الـ 15 من أبريل 2023؛ بداية لحربٍ “أهلية” بين فرقاء في هذا الوطن المتعَب المنهَك اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.

العالم من حول السودان يقول للسودانيين “أرجوكم توقفوا”. العواصم الخليجية والعربية، والمؤسسات الإسلامية، ودول العالم؛ تطلب من “الفرقاء” أن يحترموا ما بينهم في “الاتفاق الإطاري”، حقناً للدماء، وحماية للسلم الأهلي، وإنقاذاً لوضع هذه الدولة العزيزة علينا جميعاً.

شهر رمضان الجاري؛ شهد أحداثاً طيبة جداً على صعيد علاقات الدول في الشرق الأوسط، ملفّات كانت معقّدة حلحلها الساسة، مواجهات سياسية وعسكرية وجدت طريقها إلى الحلول السلمية. تحرُّك دبلوماسي عابر للقارّات أخذ يؤتي ثماره سلاماً وأمناً وعودة أمور إلى نصابها..

فما بال السودان يُعاكس الشؤون؛ ويدشّن حرباً داخلية لن يستفيد منها أحد…؟

العالم العربي أُنهِك بما يكفي ويزيد منذ “افتعال” ما يُسمّى بـ “الربيع العربي”، وقد نضجت التجربة ومخّضت وعياً أكثر انتباهاً إلى “الأهداف الخفية” لأيادٍ عبثت أكثر مما يجوز، لخلخلة وضع “الدول”، وتركها لمطحنة مواجهات داخلية أكلت الأخضر واليابس، وشرّدت، ويتذمت، ورمّلت، ودمّرت، وخرّبت.. ولم يعد بالإمكان التعايش مع هذا الواقع الطاحن.

الشعوب فهمت الحقيقة، وانتبهت إلى الخسارات الآتية من التقليل من شأن “الدولة”، ومنح التخريب فرصة لتوسيع الهوة بيننها وبين القيادات السياسية. ولا يوجد رهاناً أكثر ربحاً من العودة إلى الإيمان بقيمة الدولة، والتعاطي مع أي خلاف عبر الآليات الآمنة، لا المواجهات المسلّحة، ولا المعارضات “المشبوهة”.

كلنا تعبنا من دوامات استمرّت قرابة 13 عاماً من الموت والقتل وتعطيل المؤسسات، وتمرير الاتفاقات الهشة، وتحشيد القوى لتدمير ذاتي، لا رابح فيه.

على أخواننا في السودان أن يدرسوا ما جرى في العالم العربي كله، ليتبيّنوا أن العنف طريقه طويل، وخساراته فاجرة، وعوائده أخوى من عقب رصاصة أطلقها مواطن في صدر مواطن آخر.

حمى الله السودان وأوطاننا جميعاً من كل سوء.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com