مانجروف سيهات.. العليوات تعلّم صناعة “الديين” منذ عهد الملك سعود ركن الحرفيين يعود بالقطيف إلى زمن الغوص والعشيش
سيهات: ليلى الخميري
شهدت فعاليات المانجروف، التي انطلقت أمس الخميس في ساحل سيهات ضمن حملة “لنجعلها خضراء”، مشاركة ركن الحرف اليدوية، الذي جاء ليجسد صورة حية لما كان عليه الآباء والأجداد من خلال تطبيق عملي للحرف أمام الزوار، فهي هوية أصلية تميزت بها المنطقة لأكثر من 100 عام ولا زالت تزاولها بعض الأسر.
واحتوت الفعالية على العديد من الأنشطة التي تناسب كافة الفئات العمرية، كما وفَّرت جوًّا من الاستمتاع للحضور، منها ركن الحرفيون وفعاليات الشواطئ وضمت حملات تنظيف غابات المانجروف، والتشجير وتعريف الأطفال بالمانجروف، وجولات تعريفية عبر التجديف في غابة المانجروف، وكذلك عروض القوارب الشراعية، إضافة إلى منطقة خاصة تحت مسمى قرية المانجروف، تتضمن منطقة تعريفية وسينما مفتوحة وكافيهات وتجمعًا للحرفيين والمصورين.
صناعة “الديين”
التقت “صُبرة” بالحرفيين وتحاورت معهم، ومن بينهم أقدم حرفي بالمنطقة أبو علي العليوات من سكان عنك يمتهن حرفة صناعة “الديين” منذ خمسين عاماً، ورثها عن والده رحمه الله، ويقول إنه قد عاصر الملك سعود، وأوضح أن “الديين” من المهن الحرفية التقليدية القديمة التي ارتبطت بالغوص لصيد اللؤلؤ، الذي كان المصدر الوحيد لكسب العيش قديمًا، و “الديين” هو إناء مصنوع من خيوط متشابكة يعلقه الغواص في رقبته أثناء جمع المحار والأصداف ليضعه فيه، أما الآن تصنع بأحجام صغيرة وكبيرة للزينة فقط، ولعرضها في مشاركات بمهرجانات المنطقة.
صناعة “القراقير”
أحمد عبدالله الدحيم من سكان دارين، يمتهن حرفة صناعة القراقير، ويقول أن صناعة القراقير تعد من أحد أهم المهن المتوارثة والحرف الشائعة في المنطقة الساحلية، والتي مازالت قائمة حتى اليوم، والتي تعتبر مصدر رزق.
وأوضح أنها وسيلة لصيد جميع أنواع الأسماك تقريباً، والقرقور عبارة عن قفص مشبك على شكل نصف دائري مصنوع من أسلاك معدنية مرنة، إلا أنه كان سابقاً يُصنع من سعف النخيل، وتختلف سماكة الحديد المستعملة في صناعة القرقور، إذ يستخدم الرفيع منه في الصيف، والمتين في الشتاء، وتختلف أحجامه لتتناسب مع جميع أنواع الأسماك ومختلف طبقات البحر، فمنها الضحلة ومنها العميقة، ويسمى الأكبر حجماً “الدوابي” و “الشريخ”، أما “الشال” و”القطيفة” فله فتحة عين صغيرة الحجم، وكلما صغرت الفتحة أصبح القرقور أقوى وأمتن، وتستغرق صناعة القرقور الواحد من 3 إلى 4 ساعات شغل متواصل، وتزيد إلى عدة أشهر كلما زاد حجمه، ويتراوح سعره بين 70 إلى 150 ريالاً.
نحت “السفن”
صانع السفن محمد العلي من سكان دارين، الذي أمتهن حرفة صناعة السفن 35 عاماً، وذكر أن صناعة السفن قد تستغرق عشرة أيام وأكثر حسب حجمها، وقال أنه يعمل في صناعة السفينة حتى يطيب خاطره منها، ومهنته لم تكن متوارثة بل كانت مهارة منه يجيدها ويتفنن فيها حسب مزاجه، ويصنع البانوش واللنج والجلبوت والبوم، وأشار الى أنه في صناعه السفن يتعامل مع خشب من شجرة النيم تكون يابسه وقوية، وأدوات العمل فقط منقر ومطرقة، وأوضح أنه يشارك في مهرجان قطر سنوياً، وأضاف أن الحرف اليدوية حرف أجداد وتزدهر تجارتها في المهرجانات فقط.
صناعة “المراقط”
أم خالد من سكان العوامية تمتهن حرفة سف الخوص منذ أربعين سنة ورثتها من والدتها، وأورثت بناتها الحرفة، وتقول أعمل في صناعة المراقط للبحارة من الخوص، يضع فيها البحار صيده من السمك.
تقول أم خالد “تتنوع المنتجات من الخوص إلى أكثر من 25 نوعاً بأحجام وأشكال وألوان مختلفة، ومن أشهر تلك المنتجات السفرة الدائرية، والقفيف، والقبعات، والزبلان، والمهاف، والمطارح، والمكانس، والحصير، والسلال، ومحافظ الخبز، والدوخلة، والقوصرة، والرواق، والجفير، وبعض المنتجات نصنعها للزينة بالرسومات التي تزيدها جاذبية، حيث يحدد الزبون الألوان والأحرف، ويتم تصنيعها بدقة وحرفية عالية.
من جانبه أشار مسؤول الحرفيين في محافظة القطيف خليفة راشد العميري، إلى أن المحافظة تحتضن أكثر من 45 حرفي يمتهنون حرف يدوية متوارثة تخلد التراث المحلي بالمحافظة وتجسد تاريخها المهني وتعكس موروثها الشعبي، وذكر أن دارين بها ما يقارب 15 حرفياً، بينما القطيف بها أكثر من 30 حرفياً وحرفية.
أضاف العميري “تتنوع الحرف اليدوية بين الخوصيات والطواش والسلال والنحت وحرق الشب، وهنا في فعاليات المانجروف يشارك سبعة من الحرفيين الذين تتعلق مهنهم بالبحر، كصانع القراقير، والطواش، وصانع السفن، والمراقيط، وأقدم الحرفيين في المحافظة هو صانع الديين ومن بعده صانع القراقير لصيد الأسماك.