دمعة على رحيل المبدع المريط

الدكتور أحمد فتح الله

أنا لا أعرف محمد آل مريط، ولا تربطني به علاقة ما، لكنني تألمت من صعقة خبر موته ورعدته… كم هو موجع هذا الخطف المفاجيء وأمثاله للموت، وهو حق حتمي الوقوع على الإنسان في أي لحظة وفي أي مكان، وفي أي وضع وهيئة.
عندما يموت “مبدع”، في أي نوع من العلوم والفنون والأنشطة الإنسانية؛ لا يكون موته خسارة لأهله وأحبته فحسب، بل لمجتمعه ووطنه وللبشرية، بتوقف عطائه وأحلامه ورؤاه في تثقيفه أو ترفيه الآخرين في زمن انتشار التفاهة والكئابة وضغط الرقمنة والمادية والأوبئة.

ولكنَّ الإبداع الإنساني ولود ووفي، ولود لأنه سيأتي أو يظهر مثله آخر أو آخرون؛ وفيّ لأن ذاكرته لا تزيح المبدعين فلا يرحلون عن دنياها، وإصرار زملاء “المخرج الشاب” محمد (رحمه الله) على “إكمال العمل…اكرامًا لروحه” أحد مؤشرات هذا الوفاء…. ففي الولادة حياة وبقاء للراحلين وفي الوفاء شكرٌ وعزاءٌ للفاقدين.
وكذلك لنا ولهم في كلام الله الرحيم عزاءٌ وسلوة، فهذه بعض من آيات القرآن الكريم تُهوّن مصاب الفقد على أهله وعلى كل أهل ميت: يقول الله جلّ جلاله:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ …..} (آل عمران 185)،
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً …} سورة آل عمران/ 145.
{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ …} (سورة النساء/ 78).
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ….} (سورة سبأ/ 14)،
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156} أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة: 155-157)،

وفي الأثر المشهور أن رسول الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في موت ابنه إبراهيم (رضي الله عنه): “إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون”. فما لنا إلا التسليم والرضى بقضاء الله وقدره.
رحم الله الفقيد السعيد رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته…
وأحسن لفاقديه العزاء وأعظم لهم الأجر ومسح على قلوبهم بالصبر والثبات…
وإنا لله وإنا إليه راجعون.

اقرأ أيضاً

قبل تنفيذ “أوردر” العسل.. الموت يخطف المخرج السعودي محمد آل مريط

تعليق واحد

  1. إنا لله وإنا إليه راجعون
    تغمده الله بواسع عفوه ورحمته، وجبر مصاب أهله وفاقديه. رحيله كمخرج متألق فاجع وخسارة لمجتمعه ولوطنه

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com