[المبصرون 2] في مركز المكفوفين.. الأذن ترى كرة الطاولة.. والأصابع تتعامل مع التقنية قصة مشروع خيري يخدم مجتمع القطيف منذ 15 سنة
القطيف: جود الشقاق، أحمد حبيب
في شقتين منفصلتين؛ تُتاح الفرصة لأكثر من 100 مكفوف في القطيف لممارسة الهوايات، وتبادل الخبرات، وصناعة عالم لا يقلّ جودة عن عالم الآخرين. إنه المؤسسة الأهلية الوحيدة التي تعتني بفئة المكفوفين، ومن الجنسين في المحافظة. ويُدار العمل فيه تحت إشراف جمعية مضر الخيرية في القديح، التي أسسته منذ أكثر من 15 سنة.
وقد زارت “صُبرة” قبل أيام، في اليوم العالمي للغة “برايل”، وتعرفت إليه عن كثب، وعرفت قصة تأسيسه التي لا تحلو تفاصيلها من ملمح إنساني، تتجلى أهداف خدمة المجتمع، هذه القصة جاءت على لسان مسؤولين في جمعية مُضر، الذين بذلوا جهداً في البحث في الأماكن العامة والأسواق والمقاهي والأندية والجمعيات، التي يرتادها الناس، من أجل العثور على كفيف يمارس حياته بشكل طبيعي، ويظهر قدراته ومهاراته، فلم يجدوا إلا القلة القليلة منهم.
وقالوا إنهم وجدوا أن ثمة فئة من الكفيفات منعتهن ظروفهن أن يتمتعن بما تهيأ لغيرهم من المكفوفين والكفيفات، مثل التعليم والعمل والاستفادة من التقنيات التي تُذلل لهم الصعاب، فقرروا أن يكونوا اليد التي تمتد إليهم، وتزيل الصعاب وتخرجهم من تلك القيود الى العالم الفسيح، ومن هنا كانت نشأة مركز رعاية المكفوفين في القطيف.
ويهدف المركز الى النهوض بالمكفوفين في جميع المجالات، ورفع مستواهم المعيشي والمجتمعي، وتحويلهم إلى أفراد فاعلين ومنتجين في جميع الجوانب. كما يهدف إلى توعية المجتمع بهذه الفئة بشكل يضمن لها الانسجام والاندماج ورفع المستوى الصحي والرياضي لهم.
بدايات المركز
بدأ المركز بتعريف المجتمع بفئة المكفوفين، واحتياجاتهم، وما يمكن أن يقدمه لخدمتهم، وذلك خلال الملتقى الأول للمكفوفين الذي أقيم 23 من ذي الحجة عام 1428هـ في قاعة الملك عبدالله الوطنية في القديح، ورعاه محافظ القطيف الأسبق عبدالله العثمان.
وبعد عام واحد، كانت انطلاقة المركز، وبدأ بتقديم خدماته لمكفوفي محافظة القطيف، ذكوراً وإناثاً، وعلى مستوى جميع الأعمار، واستفاد من هذه الخدمات أكثر من 150 كفيفاً وكفيفة.
أهم الخدمات
وكانت أهم الخدمات والبرامج التي قدمها المركز، برنامج الرعاية الصحية، والتثقيف الصحي، وبرنامج اللياقة البدنية والرياضية، وبرنامج الحاسب الآلي والمعلومات والدورات، وبرنامج المتابعة الدراسية، وبرامج ثقافية واجتماعية، وبرامج الدعم الفني والمادي.
كما وفر المركز لفئة المكفوفين العديد من الدورات الخاصة بهم وأولياء أمورهم، باعتبارها أساسيات التوجه والحركة، كما قدم مبادئ برايل للمكفوفين والمبصرين واختصارات برايل، وبرامج الطبخ والتدبير المنزلي للكفيفات، وفن النحت، وطباعة عربي وانجليزي المكفوفين، وصيانة آلات، والبرامج الناطقة للحاسب والهواتف المحمولة، وصياغة المقال الصحافي.
وقام المركز في مجال البرنامج الصحي، بفحص نظر 4500 طفل من أطفال الروضات، وتنفيذ مهرجان يوم البصر العالمي، كما نظم أمسية المشي مع الكفيف في كورنيش القطيف. وبلغ عدد المستفيدين من خدمات المركز 65 من الإناث، و125 من الذكور.
الشرق الأوسط
وذكر الدكتور ناصر الموسى الأمين العام السابق للتربية الخاصة في المملكة أن “مركز رعاية المكفوفين في القطيف” يعد مشروعاً فريداً من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، وهو يعمل على الارتقاء كماً ونوعاً بالخدمات التي تقدم لهذه الفئة الغالية على قلوبنا في المحافظة”.
ويشيد مكفوفون من المركز، بدوره وما قدمه لهم طيلة مسيرته. ويقول أحمد العلوان: “المركز مثل النهر الذي روى بعذوبة العطاء، ظمأ هذه الفئة بقطرات منه، أحيت الآمال والثقة لدى الكثير ممن استهدفتهم خدماته”.
وقالت زهراء الضامن: “المركز انتشل المكفوفين والكفيفات من بحر الظلمات إلى جبال النور”.
وأضافت “للمركز عطاء وانجازات معبأة بالعلامات المضيئة طوال مسيرته الحافلة، وما يقدمة من خدمات وبرامج هادفة لفئة المكفوفين وكذلك المبصرين من أعضائه”.
يوم برايل
حسن الفارس، مدرس متقاعد يقول عن المركز “مركزنا اليوم سعيد جداً بهذه اللفتة الطيبة من صحيفة “صُبرة”، التي حرصت على مشاركتنا ذكرى يوم برايل”.
وتابع “حضوركم اليوم يزيدنا أملاً في مواصلة الجهود، التي يعرف المجتمع من خلالها اننا قادرون على العمل بجد، وأكرر ترحيبي وأعضاء المركز وسعادتنا بوجودكم بيننا”.
أنشطة رياضية
وبسعادة ظاهرة، يقول مؤيد مرار “مركز رعاية المكفوفين في القطيف، بدأت فكرته عن طريق علي الغزوي في العام 1428، والمركز وفر لنا الكثير من الخدمات، منها أنشطة رياضية في صالة الأمير نايف، تشمل السباحة، كرة الهدف، رمي الجلة، الجري لمشارفة 50 متراً، والتنس”.
وتابع “كما نظم المركز عدة دورات توعوية وتثقيفية، ولازال يقوم بها، مثل دورة برايل للمكفوفين لتعلم طريقة برايل. وفر لنا أجهزة كمبيوتر ناطقة، وكمبيوتر يعمل بتقنية برايل”.
وتابع “المركز قام بتفعيل أيام المكفوفين، مثل يوم برايل، وشارك في الورش الخارجية وفي الملتقيات، مثل ملتقى “لست وحدك” في 2019 في صفوى، وشارك في عدة فعاليات تثقيفية في يوم العصى البيضاء في شهر أكتوبر، وأقام فعالية كبيرة في الكورنيش، وشارك في الملتقى الثاني في 2011″.
وأضاف “من أكبر المتطوعين معنا عمراً وعطاءً حسن الفارس، وأبو علي ناصر الصادق”. وقال “أعتبر الفارس موسوعة حيث درس في الولايات المتحدة، وهو الملهم لي لإكمال دراستي في الخارج، وتعزيز قدراتي في دراسة اللغة العربية، والصادق أستاذ وقارئ للقرآن الكريم، وأيضا شاعر، وهو حاضر في كل أنشطة المركز”.
لعبة التنس
ويسترجع علي العوازم (17 عاماً) ومحمد مرار (18 عاماً) ذكرياتهما في المركز، وتحديداً وهما يمارسان لعبة التنس. ويبديان سعادتهما ورضاهما على برامج المركز وخدماته المقدمة لخدمة فئة المكفوفين، وبخاصة الخدمات التقنية. ويقول مرار “الجوال بالنسبة للمكفوفين أصبح استخدامه سهلاً، ونستخدمه كأي انسان عادي، وكانت بدايته بالانجليزية، بعدها تم تعريبه.
ويقولا “قوانين لعبة التنس أن آخر شخص يلمس الكرة قبل خروجها من الطاولة، تُحسب عليه نقطة وعند ضرب الحاجز الأوسط، تحسب نقطة على من لمسها، وعند دخول الكرة في الشبك، تحتسب نقطان، وقبل اللعب، يجب سؤال خصمك قبل اللعب”.
اما ناصر الصادق، وهو من مواليد صفوى عام 1370هـ، فيقول “عندما فتح المعهد أبوابه، التحقت به، وأكملت المرحلة الثانوية، وتوظفت، وحاولت بعد ذلك دخول الجامعة، لكن لم أوفق، بسبب عدم الجمع بين الوظيفة والجامعة آنذاك”.
وقال مع بداية عمل المركز، كان من أوائل الملتحقين به ناصر الموسى، وكان الرئيس آنذاك علي غزوي ابو حسين”.
إصدرات جديدة
والتحق سيد أحمد العوامي بالمركز عام 2010 وإلى الآن. ويقول “مكتبة المركز فيها بعض الكتب والمجلات بلغة برايل، وهناك مجلات ليس لها اصدارات جديدة مثل مجلة الفجر، وهي من أقدم المجلات في المملكة، والقرآن الكريم مقسم إلى أجزاء، وكل جزء مقسم إلى 6 مجلدات بلغة برايل، وفي بعض الأوقات، ننظم دورات للقراءة ومحاضرات ثقافية”.