المغلّق فتّح عيون 228 شابّاً وشابّة ليُحدِثوا فرقاً في صفوى مهندس الميكا ترونكس مارس التطوع مراهقاً.. ونضجت تجربته مع سكان أستراليا الأصليين

صفوى: أمل سعيد

“أحدث فرقا” المسابقة التي حركت مجتمع القطيف من مدينة صفوى، وبقي مشغولاً بها لأكثر من شهرين، كان يقف وراءها أكثر من 100 متطوع، بذلوا من وقتهم وجهدهم قرابة 7900 ساعة تطوع، وخاضها 228 مبادراً من الجنسين، شكلوا 57 فريقاً، وتأهل منهم 10 فرق للتصفيات النهائية، وأعلن عن المركز الأول، مساء يوم الثلاثاء الماضي، في قاعة الزمردة، صالة الملك عبدالله بالجش، وسط حضور كبير جمع بين المبادرين وأهاليهم وأعضاء جمعية التنمية الأهلية بصفوى، إضافة إلى عدد من المهتمين والمثقفين والإعلاميين والرعاة.

أطلقت المسابقة تزامناً مع احتفالات اليوم الوطني 23 سبتمبر 2022  وكان مقرراً لها أن تنتهي متزامنة أيضاً مع اليوم العالمي للتطوع الموافق 5 ديسمبر من الشهر الجاري، إلا أن الظروف الفنية حتمت على القائمين بالبرنامج إنهائه قبل أيام من يوم التطوع.

هذه هي الصورة العامة للمسابقة، ولكن ما إن نقترب أكثر من تفاصيل الصورة حتى نرى جزءاً غير مرئيّ، على الرغم من أهميته، ووجود تساؤل طُرح مرارا، من هو صاحب فكرة “أحدث فرقاً”؟ وكيف نشأت الفكرة؟ وكيف تطوّرت..؟

 

صاحب “أحدث فرقاً”

المهندس الشاب أحمد بدر المغلق هو صاحب فكرة المسابقة، وقبل أن نعرف كيف وُلدت ونشأت وطُبّقت الفكرة؛ سنحاول أن نتعرف إلى الرجل.

التحق المغلق بالعمل التطوعي وهو في عمر الـ16 سنة، ففي عام 2005م، شارك في الأعمال التطوعية في جمعية الصفا الخيرية، كان ذلك في الإجازة الصيفية للعمل المكتبي، كما تطوع في مهرجان الزواج الجماعي، في قسم الضيافة.

وبحسب المغلق فقد عمل منظِماً لبرامج تطوع في استراليا أثناء دراسته هناك، ومن تلك البرامج تنفيذ رحلات إلى المناطق التي يعيش فيها السكان الأصليون، حيث ترتب رحلة أو اثنتين للمتطوعين، كل سنة، من أجل مساعدة الناس هناك، ويقول المغلق “لقد أفادتني هذه التجربة كثيراً في مجال إدارة المتطوعين”.

وتطوع المغلق في النادي السعودي في السفارة، منظماً للفعاليات، وعُيّن سفيراً للطلاب الدوليين في مدينة بريزبن.. يضيف “كنت أمثل السعودية في مجموعة الطلاب الدوليين، وحصلت على المركز الأول في هذه المجموعة، كما حضرت مؤتمر رؤساء بلديات العالم، وكان في المؤتمر ـ وقتها ـ رئيس بلدية الخبر المهندس عصام الملا الذي أصبح أميناً لمحافظة الأحساء حالياً ووكيل البلديات في أبو ظبي”.

م. عصام الملا

وانضمّ المغلق إلى جمعية التنمية الاجتماعية في صفوى عام 2019م، في الدورة الأخيرة، أما بالنسبة للدراسة فقد حصل على شهادة البكالريوس في ميكا ترونكس من استراليا مدينة بريزبن، جامعة كوينزلاند تكنولوجي. وعاد إلى أرض الوطن قبل 6 سنوات ويعمل حالياً مدير مشاريع في شركة خاصة Cladtech International.

وقد قام الشرفا رئيس جمعية التنمية الأهلية بتكريم المغلق قبل إعلان الفائز في تصفيات مسابقة “أحدث فرقاً”، نظير ما بذله من جهد ومتابعة على مدى ما يقارب الشهور الثلاثة الماضية.

أسرتي تفوز

وفي كلامه عن مسابقة “أحدث فرقاً” قال المغلق “كان مقرراً أن نعمل نسخة ثانية من مسابقة “أسرتي تفوز” التي نُفذت، عن بعد، في أيام كورونا، كما تحدد شهر رمضان لإطلاق المسابقة، وهي عبارة عن مسابقة موجهة للأسر، بحيث تشارك كل أسرة بمبادرة، لكننا رأينا أن مستوى الأعمار متفاوت بين الأسر، وبالتالي سيكون هناك تباين في الأفكار تبعا لذلك”.

ويكمل “كما أن العمر يضع حدوداً من الصعب تخطيها أو القفز عليها، وهذا يعيق تدفق الأفكار وانطلاقها، فرأي الناس وماذا يقولون يشكل هاجساً، لدى الفئة العمرية الأكبر سناً، كذلك فإن فكرة الخسارة وتفوق الغير أيضاً ليست بالشيء الهين وهو أمر لا يتخطاه الكبار بسهولة، على العكس من الشباب، فالمغامرة سمة لازمة لأعمارهم الصغيرة، وتقبل الخسارة سهل جداً عليهم، مع أنه لابد أن يكون مؤلماً في ذات اللحظة، ولكن سرعان ما يتخطونه”.

ولادة الفكرة

“لم تتبلور الفكرة بهذه الدقة وبشكلها النهائي إلا بعد استشارة الكثيرين”.. يضيف المغلّق “ولأني محاط بأشخاص أكفاء ومبدعين، كانوا بحجم المشورة” ويوضح المغلق “كانت أفكار عديدة تتصارع وتتلاقى، ثم  تجمعت وتكثفت لتنتج هذه المسابقة، ففي البداية كانت المسابقة لطلاب الثانوية فقط، ثم أضفنا إليهم طلاب الجامعة فأصبحت الفئة العمرية المستهدفة من 15 إلى 23 سنة”، ويستدرك “مع أن النتيجة النهائية التي شهدناها هي أن معظم الملتحقين بالمسابقة كانوا من الفئة الأولى (طلاب الثانوية)، وقليل جداً كان وجود طلاب الجامعة”، وبعد اعتماد الفكرة في شكلها النهائي اقترحت ماجدة العلوي اسم المسابقة “أحدث فرقاً” الذي حظي باستحسان الجميع.

متعة التفاصيل

يفصّل المغلق الحديث عن المتاعب التي واجهتهم وتغلبوا عليها “جاءت الموافقة الرسمية على المسابقة بشرط أن من يعطي الورش التدريبة جهة أخرى مرخصة غير جمعية التنمية، وبعد بحث طويل ومضن في فرز المعاهد والأكاديميات، وقع اختيارنا على معهد طيف العربية، ومن الأشياء التي عززت اختيارنا لهم أن لديهم رخصة تدريس (On Line) وحضوري، لأننا نرى أن التدريس عن بعد مهم جداً، خاصة مع ارتفاع عدد المنضمين للمسابقة”.

يضيف “كنا نتوقع أن يكون عدد المتسابقين في حده الأدنى 100 وفي حده الأعلى 400، أما العدد الفعلي الذي خاض التجربة فكان 228 وهذا الرقم يعتبر ممتازاً، وكان على المتسابقين حضور ورش العمل الثلاث، ليحصلوا بعدها على شهادة الدورة الكاملة”.

ورش التدريب

كانت الورشة الأولى عن بعد بعنوان توليد أفكار المبادرات الابتكارية، وبعدها قدم كل فريق فكرته التي يريد العمل عليها، ثم جاءت فكرة معرض الأفكار وقد اقترحها الأديب محمد أحمد آل عبدالباقي، وهي أن يعرض كل فريق فكرته للناس، وفيها يفوز فريق واحد بالتصويت ويتأهل للنهائيات مباشرة، دون المرور على هيئة التحكيم، وتأهلت فيها مبادرة خط أحمر بتصويت الجمهور.

يقول المغلق “الحقيقة كان معرض الأفكار قفزة نوعية للمسابقة فمن خلاله عرف المجتمع المسابقة وأصبح يتابعها، وكان المنظر يثلج الصدر، فثقة المتسابقين بأنفسهم واعتدادهم بمبادراتهم كانت محط أنظار الزوار”.

الورشة الثانية وهي صناعة المشاريع التطوعية، وبعدها دخل فريق الإرشاد، بقيادة فاطمة حسين آل جعفر لمساندة الفرق، حيث أصبح لكل فريق مرشد، ومهمته أن يصقل صفات القيادة في الأعضاء.

ثم تم تسليم التصاميم على هيئة ملف وورد وبي دي إف، وبدأ هنا عمل الحكام للتقييم النهائي وفقاً للمعايير الـ7، ويتبقى المعيار الأخير وهو العرض النهائي، وتم التقييم بناء عليه في الليلة الختامية للمسابقة.

الورشة الثالثة: مهارات العرض والإلقاء.

 وبفرحة الفلاح يوم الصرام يقول المغلق “شاهدنا الفرق الكبير جداً بين إلقاء الشباب قبل الورشة الثالثة وبين طريقة العرض والإلقاء في ليلة التصفيات النهائية، لقد كانوا نجوما”.

 بعدها تم تسليم العمل بطريقة عرض البوربوينت.

وتم اختيار الفريق الفائز بعد انتهاء العروض وإعطاء نتيجة المعيار الـ8.

يؤكد المغلق “لأنها النسخة الأولى فلابد من وجود ثغرات سنسعى لسدها مستقبلاً، وتطوير المسابقة لتلافي الأخطاء التي وقعت، ودراستها جيدا لتخرج بحلة رائعة جديدة في نسختها الثانية من العام المقبل، وللعلم فقد رفعنا المبادرات العشر للجهات الرسمية، للعمل على إنفاذها في المستقبل”.

“حفيظ عليم”

ومن زاوية أخرى وبلهجة أبوية تحدث رئيس جمعية التنمية الأهلية بصفوى المهندس هاشم الشرفا عن المغلق قائلاً “سأعبر عما في داخلي تجاه ابني العزيز أحمد بدر المغلق، الذي تعرفت عليه بداية دخولي في الدورة الثانية لمجلس الإدارة، فقد لاحظت عليه سمات الشاب الطموح الذي لا يحد طموحه شيء، إضافة إلى ثقته العالية بنفسه، فعندما كنا نوكل المهام للجان الجمعية، جاءني وقال: أوكل لي مهام لجنة التطوع في الجمعية، أجبته: أتستطيع (شيل) حمل هذه اللجنة؟!، هي لجنة ثقيلة وتحتاج اهتمام كبير لعلاقتها الوثيقة والمباشرة مع المتطوعين، فاستعار ما قاله نبي الله يوسف عليه السلام حين خاطب عزيز مصر، وقال لي “اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ”، وإن شاء الله أكون عند حسن ظنك بي” يكمل الشرفا “هذا كان في بداية دورتي الثانية، أما في الدورة الأولى فكنت أنا شخصياً مسؤول لجنة التطوع، وكلمة حق وإنصاف أقولها: لم أعمل بمقدار مثقال مما عمله المهندس أحمد، فقد أبدع في مكانه أيما إبداع، تقريباً كل يوم يأتيني محملاً بفكرة، وبتفاصيل العمل عليها، وأحيانا تكون الفكرة ليس لها علاقة باللجنة التي يرأسها، وهذا يبين كم هو مشغول بتطوير العمل ليس فقط على مستوى لجنة التطوع، إنما على مستوى الجمعية بشكل عام”.

وبكلام حكيم خبير قد عركته الحياة وعركها، واستخلص زبدة ما فيها يقول الشرفا “بحكم سني الكبير فأنا سعيد جداً أن أرى شبابنا بهذا الطموح وبهذا العطاء وهم في هذا السن” ويكمل “أوكلت إلى أحمد بعض المشاريع الاجتماعية، واحدة منها المسؤولية المجتمعية، وكان الهدف أن ننفذ برنامج يشارك فيه المجتمع، لكن الميزانية المقدرة له ليست كبيرة بما يكفي، لذا كنا نأمل أن نعمل مشروع بميزانية 20 ألف ريال فقط، وبعد أن استلمه المهندس أحمد تفاجأنا بالفكرة التي طرحها وهي مسابقة “أحدث فرقاً”، فكان من ضمن حواري معه أن قلت له: هذه الفكرة مكلفة، وتحتاج الكثير من الأموال، فقال بلهجة الواثق: ولكن يا سيد هذه آثارها كبيرة على المجتمع.

فقلت: وأنا معك 100%، وعلى استعداد أن أدعمك في جميع النواحي، وهكذا ظهرت المسابقة إلى الوجود، ورأينا مالها من آثار على 228 شاباً وشابة، ولا أستطيع إلا أن أدعو له: بني أحمد بارك الله فيك، وسدد خطاك، وأسعدك الله في أسرتك وعائلتك، ومازلت أقولها: بني أحمد أنا معك، لست معك وحدي فقط بل إن مجلس الإدارة جميعهم معك وسيدعمونك ما استطاعوا” ويوجه الشرفا كلامه لإدارة الجمعيات “أخيراً رسالتي أوجهها للجمعيات.. “أعطوا الشباب فرصة وسوف يدهشوكم بما لديهم”.

شخصية مرنة

أما صديقه المسؤول الإعلامي في لجنة التطوع في جمعية التنمية الأهلية بصفوى المهندس علي أنور علي  فقد قال “شهادتي في المهندس أحمد بدر المغلق مجروحة، بحكم علاقة الصداقة التي تربطنا معاً، ولكن بكل أمانة وبحكم أننا عملنا معاً سابقاً في  مسابقة “أسرتي تفوز” وحاليا في أحدث فرقاً، أقول أن أحمد يتميز بشخصية مرنة، فمهما واجه من ضغوطات وصعوبات، يحافظ على هدوءه ومرونته مع جميع المتطوعين الذين يعمل معهم”، ويضيف “هو حريص جداً على أن ينال كل متطوع في فريقه فرصة أن يُظهر إبداعه وطاقته في المشروع الذي يعمل فيه”، وختم حديثه “أنا سعيد جداً بأن أكون ضمن فريقه ونأمل أن تجمعنا أعمال قادمة، لنبدع فيها ونستطيع من خلالها خدمة المجتمع”.

عصب الجمعية

وبدورها قيّمت ماجدة العلوي المدير الإعلامي لجمعية التنمية الأهلية بصفوى شخصية المغلق، وعمله بقولها “عملت مع المهندس أحمد بدر من عام 2019م، وهي الدورة الثانية للجنة التنمية الأهلية بصفوى، وفي الدورة الأولى كانت والدته ابتسامة آل أحمد ضمن أعضاء فريق القسم النسائي، فإذا احتجنا شيئاً رأساً تستعين بولدها المهندس أحمد، وكنا نلاحظ تعامله الإيجابي، واستفدنا كثيراً من خبرته التقنية، فاقترحنا عليها في وقت انتخابات الدورة الثانية أن تكلمه في ترشيح نفسه، مادام أنه يرغب في العمل التطوعي ويحبه، وفعلاً كان ذلك، وبعد أن تم انتخابه، عرض على المهندس الشرفا أن يكون مدير لجنة التطوع بالجمعية” وتضيف العلوي “أما سماته الشخصية فهو إنسان مبادر جداً ومجتهد، إيجابي ومرن، واجتماعي يقدم المساعدة لكل من يحتاجه في الجمعية، وكما نعلم فإن لجنة التطوع هي عصب جمعية التنمية، لأنها قائمة على المتطوعين، حيث أن نسبة التطوع في الجمعية هي 100% ولا يوجد أي موظف بالجمعية”

وبحسب العلوي فقد استخدم المغلق التقنية السريعة في العمل، لتسجيل المتطوعين، والتواصل معهم وإرسال الرسائل، وفتح قنوات تواصل بينه وبين المتطوعين. ينتقي الكفاءات بعناية، وخطه مفتوح للآخرين على مدار الساعة، وتضيف “نحمد الله أن وفقنا بوجود هذه الطاقة الشبابية معنا، ونتمنى أن نحظى بأمثاله في المستقبل”.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×