بالقطيفي الفصيح.. البسي البُخنُق.. بلا بربره الشاعر العوامي يواصل تأصيل اللهجة العامة من الشعر العربي
بُخْنُق
البُخْنُق: غطاء للرأس تلبسه الصبايا مثل الخمار، إلا أنه لا يحجب الوجه، فإذا تحجبت لبست (الغشواية)، فسترت وجهها كاملاً. وقد ورد اسم البخنق في قول المتنبي:
فَاِطلُبِ العِزَّ في لَظى وَذَرِ الذُل
لَ وَلَو كانَ في جِنانِ الخُلودِ
يُقتَلُ العاجِزُ الجَبانُ وَقَد يَعـ
ـجِزُ عَن قَطعِ بُخنُقِ المَولودِ([1])
وقول الوأواء الدمشقي:
والقُطْبُ حِينَ يَعْتَلي وَيَرْتَقي
إِذا الثُّرَيَّا سَرْوَةٌ لَمْ تُورِقِ
وَنُكِّسَتْ لِلْغَرْبِ في تَفَرُّق
كَأَنَّها عَودٌ بِغَيْرِ بُخْنُقِ([2])
العود: الكبير المسنّ، وسيأتي في محله بإذن الله.
وقول السيد حيد الحلي:
ولولاك ما فلَّت الغاديات
بأنملِ قطرٍ نواصي الفَلاة
ولا الرعدُ ناغى جنينَ العَضاة
ولا كَست السحبُ طِفل النبات
من اللؤلؤِ الرطبِ في بُخنُق([3])
وقول الراجز أبي الغُصْن الأسَدي:
ماذا تُلاَقي طَلَحَاتُ الحرجه
من كل ذات بُخْنقٍ غَمَلَّجه
ظَلّ لها بَيْنَ الحِلال أَرَجَه
مِنَ الضُّرَاطِ والفُسَاءِ السمِجه([4])
وقال الصنوبري:
لستُ من الجَثجاثِ والقصيص
ولا من الجأبِ ولا النَّحوص
ولا من البَكْر، ولا القَلوص
ولا من القانص والقنيص
ولا لطيف الخَصر عبْل البوص
قَدْنِيَ من ذاتِ الحشا الخميص
حلفَ الهوى محالف التنغيص
كأنّما بُخنِقَ بالخبيص([5])
البدبدة
البديدة في لهجة أهل القطيف: حشيَّة توضع تحت القتب، لكيلا يَدبر (يتقرح) ظهر الدابة، أي تصيبه الدبرة (ستأتي في محلها)، وفي معاجم اللغة: >بدَادُ السَّرْجِ والقَتَبِ، مُقتضَى اصطلاحه أَن يكون بالفتح، والذي ضبطه الجوهَرِيُّ بالكسر وبَدِيدُهما ذلك المَحشُّو الّذي تحتَهما، وهو خَريطتان تُحشَيانِ فتجعلها تحْت الأَحناءِ؛ لئلاّ يُدْبِرَ الخَشَبُ الفَرَسَ أَو البعيرَ. وقال أَبو منصور البِدَدانِ في القَتَبِ شِبْهُ مِخْلاَتَيْن تحْشَيَانِ وتُشدَّانِ بالخُيوط إِلى ظَلِفَاتِ القَتَب وأَحْنَائه، والجمْع بَدَائدُ وأَبِدَّةٌ، تقول: بَدَّ قتَبَه يَبُدّه. وقالَ غيره: البِدَادُ: بِطَانَةٌ تُحْشَى وتُجْعَل تحتَ القَتَبِ وِقايةً لبعيرٍ أَن لا يُصيبَ ظَهْرَه القَتَبُ، ومن الشِّقّ الآخرِ مثلُه، وهما مُحيطانِ مع القَتب. وبِدَادُ السَّرْجِ مُشتقٌّ من قَولك: بَدّ الرَّجلُ رِجْلَيْه، إِذا فرَّجَ ما بينهما، كذا في الصّحاح، والبَدِيدُ، كُأَمِيرٍ: الخُرْجُ، بضمّ الخاءِ وسكون الراءِ، هكذا في نُسختنا، والّذي في الصّحاح: والبَدِيِدَانِ الجُرجان، هكذا كما تَراه بجيمين والبَدِيدة: المَفَازةُ الواسعَةُ. والبِدَاد: بالكسر، لِبْدٌ يُشَدُّ مَبدُوداً على الدّابَّة الدَّبِرَةِ. وبُدَّ عن دُبُرِهَا، أَي شُقَّ. والبِدَادُ والبِدَادَة، بكسرهما، والفتحُ لُغة في الأَوّل، وبهما رُوِيَ قَول القُطَاميّ:
فَثَمَّ كَفَيْناهُ البِدَادَ ولم نَكنْ
لنُنْكِدَه عَمّا يَضِنُّ به الصَّدْرُ([6])
بربر
تكلم بكلام مختلط، غير مفهوم:
قال الطرماح:
تَزِلُّ عَن الأَرضِ أَزلامُهُ
كَما زَلَّتِ القَدَمُ الآزِحَهْ
يُبَربِرُ بَربَرَةَ الهِبرِقِي
بِأُخرى خَواذِلِها الآنِحَهْ([7])
وقال خليل مطران:
مَا جَالَ إِلاَّ جوْلتَيْ
أَسَدٍ يُبَرْبِرُ وَهْوَ زائِرْ
حَتَّى انْبَرَى مِنهُمْ فَتى
مُتَلَثِّمٌ ضَافِي الْغَدَائِرْ
فَتَجَاوَلا وَكِلاهُمَا
متَقحِّمٌ كَالصَّقْرِ كَاسِرْ([8])
وقال زهير بن أبي سلمى:
إِذا جَمَحَت نِساؤُكُمُ إِلَيهِ
أَشَظَّ كَأَنَّهُ مَسَدٌ مُغارُ
يُبَربِرُ حينَ يَعدو مِن بَعيدٍ
إِلَيها وَهوَ قَبقابٌ قُطارُ
كَطِفلٍ ظَلَّ يَهدِجُ مِن بَعيدٍ
ضَئيلِ الجِسمِ يَعلوهُ اِنبِهارُ([9])
وقال كعب بن مالك الأنصاري:
كَحَمْزةَ لمّا وَفَى صادِقاً
بذي هِبَةٍ صارِمٍ سَلْجَجِ
فلاقاهُ عَبْدُ بَني نَوْفَلٍ
يُبرِبْرُ كالجَملِ الأَدْعَجِ
فأَوْجَرَهُ حَرْبَةً كالشِّهابِ
تَلَهَّبُ في اللَّهَبِ المُوهَجِ([10])
([1])ديوانه، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1403هـ 1983، ص: 21.
([2])ديوانه، عني بنشضره وتحقيقه ووضع فهارسه سامي الدهان، دار صادر، بيروت، الطبعة الثانية، 1414هـ، 1993م، ص: 163.
([3])ديوان السيد جعفر الحلي، موقع شعراء الفصحى في العصر الحديث، الرابط:
([4])كتاب الحيوان، أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، تحقيق وشرح عبد السلام هارون، الناشر مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، الطبعة الثانية، 1384هـ 1965م، ص: 237.
([5])ديوانه، تحقيق إحسان عباس، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى، 1998م، ص: 210.
([6])تاج العروس، السيد مرتضى الزبيدي.
([7])ديوانه، عُني بتحقيقه د. عزة حسن، دار الشرق العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1414هـ، 1994م، ص: 84.
([8])ديوانه، ملتزم النشر دار العلوم، طبعة دار الهلال، القاهرة، 1949، جـ1/ 56 – 57.
([9])ديوانه، شرحه وقدم له علي حسن فاعور، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1408هـ، 1988م، ص: 51.
([10])ديوان، دراسة وتحقيق سامي مكي العاني، مطبعة المعارف، ونشر مكتبة النهضة، بغداد، الطبعة الأولى، 1386هـ 1966م، ص: 188.
[يُتبع غداً في الثامنة صباحاً]