[فيديو] معصومة فتيل تُعيد القطيف إلى زمن “لِحْلَاْ” و”الدَّوِيْسْ” ركنها ينفرد في مهرجان الروبيان بالتعبير عن روح البحر القديمة
في أزمنة لم تكن تعرف الثلاّجات ولا “الفريزرات”؛ كان سكّان القطيف عارفين بوسائل طبيعية لحفظ الأسماك والروبيان من أوان صيدها، إلى أوان ابتعادها عن السواحل. ضمنت لهم الوسائل البدائية الاحتفاظ باللحوم البحرية مُدداً طويلة، للاستفادة من فائض الصيد. ولم يكونوا يحتاجون إلى أكثر من الملح وأشعة شمس الصيف، لتجفيف الأسماك.
وهكذا عرفوا ما كان يُسمّى بـ “الدَّوِيسْ”، وهو الروبيان المجفّف، كما عرفوا “لـِحْلَاْ”، وهو السمك المجفف أيضاً. وعرفوا، أيضاً، ما يُسمّى بـ “العُومة”، وهو الأسماك الصغيرة جداً، وهذه لم تكن غذاءً بشرياً في الغالب لرداءتها، بل كانت تُخصَّص ضمن علف البهائم. ويقول المثل الشعبي: مثل الُعوْمَهْ.. مَاْكُوْلَهْ.. مَدْمُوْمَهْ، وهو يماثل المثل العربي الشهير عن “قرص الشعير”.
وقد تعلّم سكان القطيف وسائل التجفيف والتخزين عن الإرث الضارب في القرون وماذا يختارون من أصناف الأسماك للتجفيف، وماذا يتجنّبون. وفي مهرجان الروبيان المقام حالياً في جزيرة الأسماك؛ تقف السيدة معصومة فتيل، بين 21 ركناً من الأسر المنتجة، وكأنّها تعبّر عن روح المجتمع البحري القديم في القطيف.
شاهد الفيديو
القطيف: شذى المرزوق
ربيان مقشر.. ربيان بقشره.. سمك “صويفي”.. سمك “شحدود”.. وكله “احله”؛ ورغم اختلاف الأصناف المعروضة على طاولة معصومة فتيل، فإن جميعها تشترك في كونها “مجففة”، وهو ما حقق لها الانفراد في ركنها لبيع الروبيان والأسماك، في مهرجان الربيان في نسخته الأولى.
ويقام المهرجان حالياً في جزيرة الأسماك في القطيف، برعاية المحافظ إبراهيم الخريف. ودشنه مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة المهندس عامر المطيري مساء أمس (الأربعاء).
3 سنوات
3 سنوات منذ امتهنت الحاجة الفتيل (أم وجيه المغيزل)، من جزيرة تاروت، مهنة شراء الأسماك والربيان وتجفيفها، ثم بيعها. ورغم طول المدة نسبياً، إلا أن نطاق عملها مازال محدوداً، ما دفعها للمشاركة في المهرجان، بحسب ما ذكرت لـ”صُبرة”.
وقالت “من خلال الجناح، آمل أن يتعرف الحضور على طبيعة نشاطي، وإنتاجي من الأسماك والربيان المجفف”.
مشروع صغير
وترجع الفتيل إلى البدايات “انطلقت من مشروع صغير جداً، حتى اتسعت دائرة العملاء من الجيران والمعارف، فقمت بشراء مجمد (فريزر) جديد أكبر حجماً من القديم، يتسع للكميات والأصناف المختلفة”.
وتضيف “لي طموحات كثيرة في مجال عملي، أطمح أن أحققها على أرض الواقع، أولها أن أصنع لي اسماً، وثانيها أن يكون لي محل خاص، أمارس فيه عملي، حتى يعرفني الناس أكثر”.
وتابعت “حتى الآن، أعمل من منزلي، وأجهز الكمية المطلوبة، وأسلمها للعميل الذي يطلب مني كميات مأكولات بحرية مجففة”.
وأكملت “يعرفني الكثير من الباعة في سوق السمك، حتى أن بعضهم يقترحون علي شراء كميات كبيرة، وتخزينها لما بعد الموسم، ولكنني حتى الآن أعمل بحدود الامكانات والمتوفر”.
حسب الموسم
وبينت الفتيل أوقات الاقبال على المنتجات البحرية المجففة في المنطقة، وقالت “الإقبال على أنواع الأسماك والربيان يختلف بحسب المواسم والمناسبات، وقبل أسابيع ـ على سبيل المثال ـ كان الإقبال كبيراً على نوع “الميد” المجفف بسبب تزامن الفترة مع ذكرى وفاة السيدة مريم بنت عمران”. واستدركت بلهجتها القطيفية العامة “هذي عوايدنا، وهذي تقاليدنا”.
طرق التجفيف
وتطرقت الفتيل إلى آليات التجفيف. وقالت “لكل صنف طريقة ومدة زمنية لتجفيفها، فمثلاً سمك “الصويفي” الذي يبدأ موسمه في الصيف بعد ظهور الرطب، لا يحتاج أكثر من 3 أيام للتجفيف، أما عملية تجفيف الربيان، فتستدعي سلقه قبل التجفيف، الذي تصل مدته إلى 5 أيام، فيما يحتاج سمك “الشحدود” مدة أطول بكثير، لأن فيه بلح، وتقصد بذلك أن هذا الصنف من السمك سمين.
قيادة السيارة
وبنبرة واثقة قالت “أسعى إلى تطوير إمكاناتي الشخصية، وتدربت أخيراً على قيادة السيارة، لتسهل مهام عملي التي تستدعي الذهاب إلى سوق السمك باستمرار”.
وأكملت مبتسمة “لم أنجح في اختبار القيادة، لكنني سأعيد المحاولة مرة ثانية، حتى أنجح، وأحصل على الرخصة، فلا أحد يعلم، قد يكبر مشروعي هذا أكثر وأكثر، وأضيف إليه خدمة التوصيل إلى الزبائن”.ِ
اقرأ أيضاً
في مهرجان الروبيان.. بقايا حوت نافق قبل عقدين.. وسلحفاة عمرها 70 سنة
جمعية الاستزراع تدافع عن نفسها في القطيف: منتجاتنا نظيفة وجيدة