منظمة دولية تصطاد السعوديين وتُغريهم بـ “اللجوء” مقابل “الإلحاد” و “المثلية” مؤسسات حقوق الإنسان ترصد وتجمّع وتسلّم ملفاتها لمن يدفع أكثر

صُبرة: خاص

سنقف إلى جانبك، وندافع عنك، ونؤمن لك السكن والإعاشة والعلاج مجاناً، إلى أن تحصل على اللجوء السياسي، وترعاك الدولة التي لجأتَ إليها. ولكن قبل ذلك كله؛ عليك أن تثق فينا ثقة مطلقة، وتنفّذ ما نطلبه منك حرفياً. وكلُّ ذلك لمصلحتك أنت.. نحن نسعى إلى مصلحتك..!

اللعبة الحقوقية بسيطة وقديمة في الغرب. وقواعدها سهلة في الدول “الديموقراطية” التي تنشط فيها منظمات ذات واجهات “إنسانية”، تدافع عن الحريات، بتمويل غامض. ومن بساطة اللعبة أن وسيلتها القانونية؛ تكاد لا تخرج عن أن يقول طالب اللجوء: أنا مضطهد في بلادي، لأنني غيرتُ ديني، ولأنني أمارس حريتي الجنسية. وبمجرد إعلان ذلك؛ تبدأ الإجراءات “القانونية”..!

أدبيات الشِّرعة الدولية

كلّ الواجهات قانونية، ومغلّفة بأدبيات الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والقانون الدولي، وقد تكون مرتبطة بمنظمة الأمم المتحدة مباشرة، ومجلس حقوق الإنسان التابع لها. لكنّ كثيراً من الممارسات على أرض الواقع تُبرمَج لأهداف سياسية خالصة، إن لم يكن اليوم؛ فغداً، وإن لم يكن غداً؛ فبعد غدٍ..!

وهكذا يُجنّد أفراد ومؤسسات ومنظمات دون أن يشعروا أحياناً؛ ضدّ أوطانهم، أو مجتمعاتهم، في ظروف سياسية وأمنية خاصة. وبعد استخدامهم في مآرب سياسية لا يُدركونها غالباً؛ يُتركون لمصيرهم في التشرد والوحدة والتفكك، بعد استنفاد الفائدة السياسية منهم.

ويمثّل السعوديون هدفاً مهمّاً لكثير من المنظمات الغامضة في تمويلها وارتباطها، ويُعاملون معاملة عالية المستوى من الاهتمام. وحتى من قبل أن يصلوا إلى دول اللجوء؛ تُنسج لهم فخاخ “معنوية” من التعاطف واللين ووعود المساعدة. خاصة أولئك الذين يواجهون متاعب اجتماعية، أو مظالم أسرية، أو مشكلات ذات طبيعة أمنية.

سعوديون.. مُلحدون

في يونيو 2013؛ نشرت صحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكية، تقريرًا زعمت فيه أنها تستند إلى دراسة إحصائية قام بها معهد “جالوب وين” الأمريكي. وهذه الدراسة ادّعت أن نسبة الملحدين في “السعودية” بلغت 5%.

ووُصفت هذه النتيجة بأنها الأكثر مفاجأة في تلك الدراسة. كما ادعت الدراسة أن النتائج مستخلصة من إفادات 50 ألف شخص في 40 دولة للحصول على معدلات مبنية على تصنيف: “متدينون”، أو “غير متدينين”، أو “ملحدون عن قناعة”. وهذا يعني أن أعلى دولة إسلامية في نسبة الملحدين هي السعودية، حسب تخريصات التقرير..!

كان الربيع مصيدة للشعوب قبل أن يكون حلاً سياسياً

ضغط سياسي

منذ بواكير ما يُعرف بـ “الربيع العربي”؛ بدأت تتناثر ما تُوصَف بـ “تقارير” عن مراكز رصد وأبحاث؛ تحملُ إشارات إلى سعي خفيٍّ نحو رسم صورة صادمة للمجتمع السعودي من زاوية دينية سلبية. وكأن الهدف هو إشاعة انطباع عن دولة دينية يمثّل الإلحاد فيها نسبة عالية.

قبل ذلك؛ كانت الحملات ضدّ السعودية تعمل على إنتاج أدبيات ضاغطة في الأوساط الحقوقية العالمية، وبالذات في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومنظمات تصف نفسها بـ “المستقلة” تعمل في نشاط حقوق الإنسان على مستوى العالم.

وفي أواخر تسعينيات القرن الماضي؛ تضاعف الضغط لاصطناع صورة سلبية جداً عن وضع المرأة في المملكة العربية السعودية. لكنّ موقف السعوديين كان واضحاً وحاسماً؛ حين وقّعوا معاهدة مناهضة العنف ضدّ المرأة سنة 1998م، ليقطعوا الطريق على محاولات التسييس من الزواية النسوية.

موجة حقوق الإنسان

بعد أحداث 11 سبتمبر؛ وافتعال موجة عالمية ضدّ السعودية، والزجّ باسمها في الظاهرة الإرهابية العالمية؛ نشطت منظمات حقوقية ممولة من جهات مجهولة؛ للمشاركة في توجيه ضغوط “حقوقية” ضدّ السعودية. ومرةً أخرى؛ حسم السعوديون أمرهم؛ وتعاملوا مع الموجة العالمية بحصافة؛ فأنشأت الحكومة هيئة حقوق الإنسان السعودية الحكومية، وسمحت بإنشاء مؤسسة حقوقية غير حكومية هي جمعية حقوق الإنسان السعودية.

وعلى الرغم من وجود التباس بين “الحكومي” و “الأهلي” في العمل الحقوق داخل السعودية؛ نشطت تنظيمات أخرى لجعل العمل الحقوقي ممارسة شعبية، ساعدها على ذلك سلسلة الإصلاحات التي بادرت إليها الحكومة في الداخل، وبالذات اتساع هامش الحريات الإعلامية، وظهور نظام “الإجراءات الجزائية” و نظام “المرافعات الشرعية” اللذين يُعتبران تأسيساً أساسياً للتطورات التي ظهرت لاحقاً، في التشريعات الاجتماعية والقانونية والقضائية، مثل فصل “هيئة التحقيق والادعاء العام” عن وارة الداخلية، وتحويلها إلى “النيابة العامة” وربطها بالملك مباشرة، ونظام “الإثبات”، ونظام الأحوال الشخصية، وغيرها من التشريعات المحسوبة على سياق التحوّل الكبير الذي تشهده السعودية ضمن رؤية 2030م.

التصفيق الغربي للشذوذ والمثلية

وراءَ الأكمة.. سفارات

في الظاهر العام؛ كان العمل الحقوقي منطلقاً في الفضاء الاجتماعي والإعلامي والثقافي داخل السعودية، لكنّ ما لم يكن ظاهراً هو أن وراء الأكمة وزارات خارجية وسفارات ومنظمات مجهولة التمويل والانتماء. وهذه الأجهزة كانت تضرب على أوتار حساسة في أوضاع اجتماعية وسياسية وأمنية. وتتفاعل معها شخصيات محسوبة على النشاط الاجتماعي والثقافي والفني أحياناً. وهو ما منح فرصة لاستغلال نُشطاء الإسلام السياسيّ ليركبوا موجة “حقوق الإنسان”، ويحاولوا الاستفادة من منَصّات عربية ودولية.

ولكن سرعان ما تخلّت عنهم وزارات الخارجية والسفارات والمنظمات الممولة من مصادر غامضة.. كالعادة..!

تُصعّد الدول الغربية ملفّات حقوق ضدّ دول.. وتتجاهل دولاً أخرى

استخبارات

وبما أن العمل الحقوقي “الدولي” نشاط سياسي استخباري في الأساس؛ فإن كثيراً من المنظمات الحقوقية استمرّت في نشاطها مركّزة على الرصد الميداني، وتغذية قواعد البيانات، وإعداد الملفّات، وتأمينها لحكوماتٍ تُظهر مناصرتها لحقوق الإنسان في العالم، في حين إنها تؤرشف المعلومات التي تحصل عليها، وتضعها على الرفوف؛ لاستعمالها ـ سياسياً ـ عند الحاجة.

ولذلك؛ نشهد في وسائل الإعلام تصعيداً غربياً ضدّ دولةٍ ما في ظرف سياسي مضطرب، ثم تختفي الملفات الحقوقية التي استعملتها في التصعيد، بعد مرور سحابة الخلاف السياسي، أو ظهور مصالح أعلى من أخلاق حقوق الإنسان، ومن الإنسان نفسه..!

بين الإلحاد والمثلية

وقبل أن يستخدم السياسي الملفّ الحقوقي؛ تكون المنظمات الحقوقية قد وفّرت من المعلومات والبيانات ما يُمكن استخدامها ضدّ أي دولة من الدول.

وفي موجة التهويل التي ظهر فيها سعوديون قلائل وهم يُقرّون بـ “الإلحاد” و “المثلية”؛ جزءٌ من النشاط الحقوق التي تعمل عليها منظمات خدمة لحكوماتٍ في المقام الأول، قبل أن تكون خدمة لحقّ من الحقوق الإنسانية.

ولذلك؛ فإنها تستغل قوانين بعض الدول؛ لتلقين طالبي اللجوء ما يمكن أن يقولوه للحكومات وللإعلام، حتى يحصلوا على التعاطف الأول الذي يُدرجهم في برنامج “لجوء سياسي”..

قل: إنني ملحد، إنني مثليّ.. ودع الباقي لنا.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×