الإنجاز في الجزيرة.. وحفاوة اللغة في الشام

إعداد: سعود الجنيدل، واس
بعد بزوغ نجمه موحدًا ومؤسسًا لوطن شموخ مترامي الأطراف، يشار إليه بالبنان من جميع الأصقاع، أسر بشخصيته القيادية وأعماله الخالدة العالم أجمع، ومنهم شعراء الشام الذين رأوا في شخصية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- القائد الملهم المناصر لقضايا العرب والمسلمين، وهو أمل الأمة بعد أن عصفت بها رياح الفرقة والشتات والتناحر، فكانت شخصيته -رحمه الله- هي حلم الخلاص والأمل في توحيد العرب والمسلمين.
غيرة الملك عبدالعزيز على مصالح العرب والمسلمين، وشجاعته في الحق، وعطفه على الضعفاء، ومساندته رجال الفكر الذين شردهم الاستعمار، فإذا هم يلقون عنده كل ترحيب، ويجدون في كنفه وفي رحاب مملكته ظلاً وارفًا وحماية وأمنًا؛ أفعال وخصال ومواقف حركت مشاعرهم وهيجت قرائحهم، فإذا بالقصائد تزدان بوصف الملك عبدالعزيز وتعداد مناقبه وفضائله.
وشعراء بلاد الشام الذين خُلدت قصائدهم بخلود الملك عبدالعزيز كانوا من أبرز شعراء العروبة وأكثرهم شهرة في زمانهم، وهم يمثلون مختلف أقطار بلاد الشام ويعد أكثرهم من رواد النهضة الأدبية؛ كالشعراء: خليل مطران، والأخطل الصغير، وخير الدين الزركلي، وفؤاد الخطيب، ومحمد البزم، – بحسب ما ذكره خالد الخنين في كتابه الملك عبدالعزيز في عيون شعراء الشام –.
يقول الخنين في معرض حديثه عن شعراء الشام: “بعضهم لم تكن تربطه بالملك عبدالعزيز أو المملكة إلا رابطة الإعجاب والتقدير، فمنهم المسلم… والسوري واللبناني والفلسطيني، ومنهم ذو الاتجاه الإسلامي أو العروبي، ومنهم الشيخ المعمم والمثقف المنفتح على قيم الغرب، ومنهم الشاب المتحمس والشيخ الطاعن في السن، وهم على اختلاف أمصارهم ومشاربهم مجمعون على عظمة الملك عبدالعزيز ورجولته وعدله وجدارته بقيادة العرب والمسلمين…”.
في هذا التقرير تستعرض وكالة الأنباء السعودية بعض قصائد هؤلاء الشعراء، التي قيلت إما في حياة الملك عبدالعزيز، أو بمناسبة رحيله –رحمه الله – وبعضها جاء متأخراً.


الملك الباني
يتردد موضوع البناء والعمران في المدائح بصورة واضحة، فهذا الشاعر خليل مطران يشير إلى بناء القرى واستخراج الذهب من مناجم المملكة والرخاء الذي تحقق للمملكة وشعبها، يقول في قصيدة “سل أهل نجد”:

بنى القرى في أقاصي البيد يَعْمُرُها
وقبله لم تباشرها يدا بان
وأخرج الدر من أخلاف جَلمَدها
للعائلين ومن أجواف غِيران
صحائف المجد خطُّوها وزيّنها
“عبدالعزيز” بتاج فوق عنوان

وعلى المعنى ذاته يتطرق الشاعر فارس سعد عن بناء المرافق الملكية والخير الذي عمّ المواطنين وتحسن أوضاع الرعية.. يقول:

دَمّث الوعرَ فالقفار رياضٌ
من أياديه، والصخور رخامُ
شرّد البؤس فهو أين توارى
عنه يقتص إثره الإنعامُ
أبداً من يمينه للعطايا
هجمات، وللرزايا انهزام
سعدتْ أمة وعزت بلاد
لهما فيك منقذٌ وإمام
الملك المسلم الغيور

تطرق شعراء الشام إلى هذا المعنى حينما مدحوا الملك عبدالعزيز أو رثوه أو هنأوه، يقول الشاعر بولس سلامة:

مدّ عبدالعزيز كفّاً نبايع
أنت أولى الورى بهذا الشأن
منذ مال الإسلام عن ذروتيه
ما رأى مثل وجهك المسجدان

وحمد الشعراء للملك عبدالعزيز – رحمه الله – أنه حكّم شرع الله في رعيته، فاستمد دستور المملكة العربية السعودية من مبادئ الإسلام. يقول الشاعر سليم الزركلي:

وحكمت دين الله فيما شرعته
فأعتق مكبول ودان ممرّد
مهرت لواء العدل أرضًا مخوفة
فأمّن من أوذي ومن كان يرعد
وبات حمام الأيك يهتف بالذي
تحاشاه ذئب في الفلاة يعربد

قضايا الإسلام والعرب
أبرز شعراء الشام مواقف الملك عبدالعزيز المشرفة، ودفاعه عن قضايا العرب والمسلمين، يقول الشاعر فؤاد الخطيب:

يا ملجأ العرب الأحرار قاطبة
من بين مضطهد منهم ومن نُكبا
آمنت بالصفحات الغُرّ خالدة
تثني عليك ثناء يملأ الحقُبا
إن الجزيرة قد كانت وما فتئت
تراك في كل خير نالها سببا

ويعد الشاعر خير الدين الزركلي الملك عبدالعزيز المعقل الأمين للعرب، يقول في إحدى قصائده:
هنالك من أبناء يعرب أمةٌ

كمُلتمع الحدين زين بإرهاف
تقدمها عبدالعزيز فصانها
من الحلك المرئي والشرك الخافي
دعا فأجابته الجموع فقادها
فوحّد أشتاتاً وقام بأحلاف

الملك الكريم الشجاع
يقول في هذا المعنى الشاعر خير الدين الزركلي:

جودٌ كمُنهل السّحاب، وما الغنى
بمحبَّبٍ لولا الندى والجود
عرشٌ بناه على النضال عمادُهُ
ودعامه الإيمان والتسديد
ضم القلوب موحداً أشتاتها

لله ثم لشعبه التوحيد
وشجاعة الملك عبدالعزيز كانت خصلة بارزة في شخصيته، ومضرب الأمثال، وفي ذلك يقول الشاعر خير الدين الزركلي:

يقظٌ كأنّ لقلبه ولعينه
رصدين لا يعييهما مرصود
تتطاحن الفرسان وهو كأنه
ما بينها عَلَمٌ يجول وحيد
تتعاقب الأحداث دُهماً حوله
ويجيل فيها طرفه فتحيد

ومن نافلة القول إن هناك معاني عديدة وخصال في شخصية الملك عبدالعزيز وردت في قصائد شعراء الشام، ومنها: عفته، ودهاؤه السياسي، وتقاه، وحسن تدبيره، وبُعد نظره، وهي منثورة في دواوينهم الشعرية.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×