[كتاب] وفاء الـ 38 عاماً يُعيد إحياء “بقايا الرماد” في 381 صفحة عدنان العوامي يلملم شتات شعر صديقه عبدالوهاب المهدي في ذكرى وفاته

"بقايا الرماد" في 30 سنة

الشاعر الراحل قبل وفاته بأشهر في حفل زواج محمد رضا نصر الله

القطيف: أمل سعيد

الحريق الذي شبّ في بيت عبدالوهاب المهدي، في مثل هذا اليوم (7 صفر 1406)؛ طال قلوب من سمع بالحادثة، من عرفه ومن لم يعرفه، لكنه تحول لجمر ما زال يذكي الحرف في قلوب رفقائه ومحبيه.

الشاعر الباحث عدنان السيد محمد العوامي، أحد الذين تجرعوا حرقة فقد الصديق، ووجد في حزنه الكبير حافزاً واجب وفاءٍ للأخوة، ونيل استحقاقها، فكان وفاؤه لصديقه نفحة ذكية وهبها لكل محبي المرحوم، وإرثاً طيباً للأرض التي أنجبته.

“بقايا الرماد” هو شتات قصائد متناثرة، في ديوان للمرحوم الشاعر عبدالوهاب حسن المهدي، الذي لم يُمهله القدر ليجمعه وينشره، ويختار عنوانه.. اختاره له رفيق الدرب والحرف الشاعر العوامي.

توفي الشاعر في مثل هذا اليوم، قبل 38 سنة عام 1406هـ، هو وجميع عائلته المكونة من أم و4 أولاد، وكانت وفاتهم فاجعة ألمت بالقطيف والمنطقة الشرقية، “حيث أحاطت بهم النار من جميع جهات بيتهم المُقْوِي والتهمتهم أيما التهام”، ومن هذه الحادثة الأليمة انتُزع عنوان هذا الديوان.

صدر الديوان في طبعته الأولى عام 1414هـ / 1994م، وهذه الـ “بقايا الرماد” هي بعض ما عُثر عليه من شعره مبعثراً بين ثنايا اللهب.. ووهج النيران، وسخام الدخان”.

يقع الديوان في 129 صفحة من الحجم المتوسط، ويحوي 26 قصيدة فقط، وقدم له صديق مشترك هو الشاعر محمد رضي الشماسي، رحمه الله، الذي آلمه أن هذا الديوان (البقايا) “لا يُبرز مراحل نمو الشاعر بروزاً كاملاً، إذ لا يجد فيه القارىء إطلالة حياته الشعرية، أو باكورة قصائده، كما لا يجد فيه خواتيمها”.

اليوم وبعد 30 عاما من صدور الطبعة الأولى تأتي الطبعة الثانية لـ “بقايا الرماد” بشكلها الجديد في 381 صفحة. اقتصرت الطبعة الأولى على مقدمة الشماسي وما عثر عليه من شعر في بيته بعد الحريق، والمفارقة التي لابد من ذكرها هي أن الديوان قُدّر له أن يتجانس بشكل يصعب فهمه، حيثإأن النار قد عفّت عن التهام 26 قصيدة كان القاسم المشترك بينها وحدة الموضوع، أما الطبعة الثانية فقد جاءت لتحمل القصائد الأولى في 100 صفحة، يليها ديوان أشلاء وقوافي في 169 صفحة.

وحيث إن بقايا الرماد تمثل القصائد الناجية بعد أن خمد وأتى على البيت بكل ما فيه، فإن “أشلاء وقوافي” هي إرث الشاعر المتناثر في كثير من الصحف والمجلات الأدبية، المحلية منها والدولية، التي كان يراسلها في حياته، فجاء الديوان ليعيد تعريف الشاعر من جديد، وليرمم صورته في أعين دارسي الشعر وهواته، بعد أن حوصر أعواماً عديدة بلون واحد، كما رسمته قصائده التي قاومت اللهب فأصبح بعدها، شاعر الرومانسية على عكس ما يقوله كل من عرفه، وشاهد غزارة عطائه الشعري وتنوع مواضيعه.

يلي ديوان “أشلاء وقوافي” تغطية لمجلس العزاء (الفاتحة) “أنين القوافي” الذي عُقد بعد وفاته وألقيت فيه كلمات الرثاء شعراً ونثراً، واشتمل على قصيدة للشاعر عدنان العوامي.. كلمات من دفتر الحزن، قال فيها:

فقل لي، بربك، أين الصغار؟

وما حالهم في لهيب وجمر؟

أيغفو حميد على ساعديك

 خدَّا لخدِّ وصدراً لصدر؟

 وفاطمة هل أنامت حسيناً

على صدرها في حنان وطهر؟

وكيف رقية؟ هل ما تزال

(بمريولها)، بعدُ، تلهو؟ وتجري؟

وأما ندى، هل أفاء المنام

 إلى هدُبيها؟ ألم تك تدري؟

 وأنت؟ لأين حملت الفراخ

على راحتيك؟ إلى أي وكر؟

 كتلوينة من نجوم البيادر

 تسبي القلوب، وتُصبي، وتغري

 حرام يُهالُ عليها الترابُ؟

حرام تساقُ لظُلمة قبر؟

وقصيدة موكب من ورود لصديقه الشاعر محمد رضي الشماسي:

رفيق المحبة يا صاحبي

ستبقى على شفتي كالنشيدِ

أخا الشعر والأدب المنتقى

وذا غرر الفكر في كل عيد

أللشعر، بعدك، من منتدىً

وقد كان ظلك فيه المديد

ترى هل نسيت زمان الصبا

 وما قد طوى بيننا من عهود؟

وألقيت كلمة لـ فاطمة الشيخ ميرزا البريكي في مجلس العزاء، وعنوانها شموع انطفأت قبل أن تضيء، وبحسب العوامي، فإنها الكلمة النثرية الوحيدة التي قيلت في المناسبة جاء فيها:

الجميع واجم مبهور، والناس – جميعا – فاقدون وإن لم يلـدوا المفقودين. أجل، لقد أوجع قلوبهم الحزن العميق، والخطب الموجع. أجـل. فلقـد فـقـدوا براعم لم تتفتح بعد، وشموعا لم تُضئ بعد. زهـرات نديـة كـانـت مـلء الأبصار أوقف إيناعها الزمان الغادر، خطفتهم يد المنون في زهرة العمر، تغـشاهـم المـوت في أبشع صورة، ليتني، يا رقية ويا محمد ويا حسين، ويا ندى – ليتني وقفت على الحـادث! إذن لانتـزعتكم، واحتضنتكم، ولكنـت كـأمـكـم الحنـون، وليتنـي شاهدتك، يا أم محمد، لاختطفتك من بين يد المنون!

وقصيدة بعنوان زفاف للجنان للشاعر حسين بن الملا حسن الجامع:

يا أيها النار التي فتكت بهم

في ليلة ما أتبعت بضياء

أوقدت جمرة فقدهم بقلوبنا

أو تنطفي نار الفراق بماء؟

وإذا بهم جثث تشابه بعضها

كتل من الأعضاء والأشلاء

والقصيدة الأخيرة للشاعر الملا محمد علي الناصر بعنوان في رثاء الأستاذ عبدالوهاب المجمر

هل نعى الخط شاعرا أم أديبا؟

أم رمى كاتبا أريبا لبيبا؟

أم صبوراً على القضاء حليما

ليس يرجو إلا الإله حسيبا؟

أم أمينا مهذبا أم حكيما

عبقريا أم لوذعيا نجيبا؟

ويلي هذا الفصل “نواح الأربعين” وجمع فيه العوامي كل ما قيل في تأبين المرحوم في أربعينيته وقدم له محمد سعيد البريكي: 

هذه المجموعة من كلمات التأبين هي بعض ما سُجل مـن مـشاعر الأسى العميق؛ لفقد شـاعر وإنسان في مأسـاة مـن أفـدح المآسي التـي مـرت بمدينة القطيف، ففقدُ الشاعر المرحوم عبد الوهاب حسن المهدي وجميع أفراد عائلته في الحريق الذي التهم منزله وعائلتـه (تغمّدهم الله بواسع مغفرته ورضوانه). ومعظم تراثه الأدبي هو كارثة بأي معيار.

وقد اشتمل التأبين على جنسين من الأدب؛ الشعر والنثر، فضم

 7 قصائد شعر، وعنونت بـ “قواف دامية”، هي:

  • حروف مروعة لعدنان السيد محمد العوامي
  • شمائل فيك لا تحصى لفؤاد نصر الله
  • ذكراك فوق مغيب الشمس لمحمد رضي الشماسي
  • شاعر يتضوع عطراً لمحمد سعيد أحمد الجشي
  • رقية عروس البيت محمد سعيد البريكي
  • تحت ظلال الصمت لمحمد سعيد الشيخ علي الخنيزي
  • شكراً لذاتك لمحمد علي الناصر

 و”دموع منثورة” وهي  7 كلمات نثرية قيلت وقتها:

  1. رحمك الله يا أبا محمد للدكتور جميل عبدالله الجشي
  2. رسالة إلى وهاب لحسن علي الزاير
  3. ذكرى شاعر لعبدالعلي يوسف آل سيف
  4. خيركم؛ خيركم لأهله لعبدالله الدبيسي
  5. كلمة في الذكرى لكمال محمد الفارس
  6. هل تغامر مثلي لمحمد رضا نصر الله
  7. إنما الحياة ذكرى للسيد مهدي السيد محمد الصائغ.

ثم أفرد العوامي فصلاً لما نشرته الصحافة المحلية والعربية عن الشاعر:

* بدأه بمقال لمحمد رضا نصر الله، المنشور في جريدة الرياض، العدد 6356، الأحد 5 ربيع الأول 1406هـ/ 17 نوفمبر 1985م، بعنوان الشاعر ينفجر ببيته.

*ومقال “عبدالوهاب المجمِّر.. الشاعر الإنسان الذي افتقدناه”، لزكي عبدالله العبدالجبار، ونشر في جريدة اليوم، العدد 4757، الأربعاء 8 ربيع الأول 1406هـ.

*مقال “الجشي وبقايا الرماد” للدكتور غازي القصيبي، المنشور في المجلة العربية زاوية صوت من الخليج، عدد رجب 1415هـ.

*ثم مقال محمد العباس “المهدي قتلته النار.. وجمع العوامي رماده، جريدة عكاظ العدد 10217، الجمعة 21صفر 1415هـ.

*و”حتى لا تضيع بقايا الرماد” لمحمد عبدالقادر الفقي، جريدة الاقتصادية العدد 785، 5 ربيع الأول 1416هـ.

*”المهدي شاعر التهمته النار، فكان ديوانه (بقايا الرماد)” لمنير النمر، جريدة الرياض، العدد 14520، الأربعاء 18 ربيع الأول 1429هـ.

*”بقايا الرماد” للكاتب فؤاد نصر الله، المنشور في صحيفة جهينة الإخبارية، ذو القعدة 1434هـ.

*وآخرها التقرير الصحافي “ذاكرة”، المنشور في صحيفة صبرة الإلكترونية، وهو تقرير رصد فيه عبدالله الدبيس تفاعل أدباء القطيف مع كارثة الشاعر عبدالوهاب المهدي.

أما الفصل الأخير في الكتاب فكان عن الشاعر في كتب السير والصحف، رصد فيه العوامي الكتب والمعاجم التي أوردت اسم الشاعر وعرفت به، وفي ختام هذا الفصل كتب العوامي سيرة ذاتية موجزة في 6 صفحات للمرحوم الشاعر عبدالوهاب المهدي رحمه الله.

 

اقرأ ايضاً

[مثل اليوم] حريق كارثي أنهى حياة الشاعر عبدالوهاب المهدي وعائلته

[ذاكرة] تقرير صحافي يرصد تفاعل أدباء القطيف مع كارثة الشاعر عبدالوهاب المهدي

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×