في صفوى.. خلية “ناعمة” لتفصيل الأكفان متطوّعات يوفّرن احتياجات الموتى ولا يستخدمن المقص
إعداد: آسيا الداوود، تحرير: ديسك صُبرة
لا يستخدمن المقص؛ عملاً بآداب فقهية، بل السكين الحادة. ولا تعمل أيٌّ منهنّ إلا وهي على طهارة شرعية وعلى وضوء. وتتحرّز كلٌّ منهنّ في العناية بما تصنعه، من أجل أن يُستخدم في إكرام موتى مدينتهم.. صفوى.
عمل تطوّعي خالص، لا يتقاضين عليه أي أجر مطلقاً، يجتمعن كل أسبوع في منزل، ويُنجزن عملهنّ.. إنهنّ مجموعة من نساء صفوى الكريمات.. يفعلن الخير للخير.. وهذه قصتهنّ التي رصدتها الزميلة آسيا الداوود:
ثوب الآخرة
ما بين الحياة والموت، ثوبٌ نختاره ونتفنن في تفصيله أحياء.. وآخر لا نختاره ويبتعد تماماً عن زخرف الدنيا، ويكون فقط للملمة ما يسترنا عند الممات.. ولا يصلح إلا أن يكون “كفنًا” فقط!
ولأن كثيرين منا لا يعرفون عن “الكفن” إلا قليلاً من العلوم الشرعية الواجب مراعاتها في إعداده أو تفصيلاً، تزامن أن فتحت لجنة “بيت الغربة” بمدينة صفوى باب التطوع لمجموعة من سيدات المجتمع، في دورة تطبيقية مستمرة طوال العام للمغسلات، مقرها قبو منزل، تجتمع فيه السيدات ليلة من كل أسبوع، لمدة ساعتين، والهدف هو إنجاز 6 أكفان.
رواح عدد المنضمات بين 5 و 9 سيدات، مع المشرفات على عمليات التفصيل.. حاولت “صُبرة” أن تقدم لقرائها مزيداً من المعلومات حول هذا العالم الغامض، الذي ربما يمتعض كثيرون من ذكره، لذا كانت هذه اللقاءات مع بعض المنضمات للدورة التدريبية:
لجنة خير
إحدى المتطوعات أشارت إلى أن بداياتها كانت مع كل ما يخص باب الميت مع الدورات التدريبية مع مدرّب مختص في تغسيل الموتى، هو حسن آل عبدالرزاق المعروف بـ “مضري”. ثم دخلت دورة تدريبي على يد أم محمد المسحر وزوجة ابنها خضراء آل سعيد، حول تفصيل الكفن طبقا للأحكام الشرعية، والتفاصيل المتعلقة بذلك، من حرص على الوضوء، ونجنب المكروهات..
وأضافت أن لجنة “بيت الغربة” تتواصل معهن عند أي نقص أو عجز في عدد الأكفان، فيسارعن للتفصيل. مشيرة إلى أن اللجنة تحرص على توفير حافلات للدورات التعليمية في سيهات أو الدمام أو الناصرة.
متعة وثواب
وتتفق معها نجاة آل سعيد، وتضيف أنها بعد أخذ دورة “الأحكام الفقهية للميت وما يخصه”.
وهو ما تؤكده ندى الخلف باعتبار العمل التطوعي من أبرز السمات التي تقاس بها إنسانية أي مجتمع، مشيرة أيضاً إلى أن مشاركتها في تفصيل الأكفان تهدف إلى كسب المعرفة أكثر، خاصة بعد حضورها دورة “الأحكام الفقهية للميت وما يخصه” زادت معرفتها ورغبتها في المشاركة.
من طرق الارتباط بالله
من جهة أخرى، وجهت مشكاة آل ليل شكرها للجنة “بيت الغربة” على فتحها باب التطوع للمشاركة في هذا العمل المحمود، وأضافت أنها بعد أكثر من عام من التحاقها بها وانضمامها كعضو مساعد في مجال الفرض الكفائي (التغسيل)، تشعر بالفخر من الأجر العظيم عند الله. وكشفت أنها ولبعض الظروف لم تلتحق العام الماضي مع البقية لتعلم طريقة تفصيل الاكفان، معتبرة أن هذا المجال هو أحد الطرق التي تزيد من الارتباط بالله، كما أن التذكير بالنهاية الحتمية للانسان في الدنيا. يبعدها عن الغفلة، وهو أيضا طريق يغتسل فيه الإنسان من شوائب الذنوب لتذكره الدائم للموت فهو في عبادة.
تجربة وأجر
من جهتها، تصف منتهى الداوود عائلة المسحر بأنها معروفة بتبني أعمال الخير منذ أكثر من عقد من الزمان، ويقدمون كل عون في تفصيل الأكفان في بيتهم.
وترى خضره صالح فريد أن تفصيل الأكفان عمل تختلط فيه المشاعر بين العظة والعبرة والأجر والثواب، ومن إيجابياته أنه حين تمسك الأيدي بقماش الأكفان، فإن الإنسان يستصغر الدنيا لأن مصيره الموت في النهاية، مشيرة إلى أن الفرق بين كفن الرجل والمرأة يكمن في القطع المستحبة فقط وأن الواجبة هي ما يشترك فيها الرجل والمرأة مع اختلاف بسيط في القطع المستحبة،.
أما فضيلة القصاب فتقول: “عندما خضت التجربة مع اخواتي المؤمنات في تفصيل اول كفن شعرت بفخر واعتزاز وهيبة واجلال واحترام. كيف لا وأنا أخدم نفسي وأخدم مجتمعي اطلب من الله العفو والصفح لأني لم ارزق بهذاالعمل من قبل”.
شكر وثواب
وفي الختام، قدمت علوية سعيد ال أسعد باسمها وباسم جميع مغسلات صفوى، الشكر الجزيل إلى عائلة آل سليمان (المسحر) على إتاحتهم الفرصة واستضافتهم للمغسلات في دورة تعليم (تفصيل الأكفان)، معتبرة أنه من باب “زكاة العلم تعليمه” ومن باب الإلمام بما يخص الميت من تعليم الأحكام الفقهية من الإحتضار حتى الدفن، تأتي هذه المحاولات التطوعية الخيرة التي تقدم خدمة مجتمعية وإنسانية تحرص على الأجر والثواب من الله عز وجل.