[أصناف نادرة] أُمْ عِدْقْ.. ـ “عفُّوسة” جاهزة من نخلتها..! يُرطِب ثمرها بعد جنيه بسراً خلال 24 ساعة
صُبرة: خاص
لو خُرفَ ثمرها بسراً، وتُرك في مكان معتدل الحرارة، مثل غرفة، فإن سوف ينضج من تلقاء نفسه خلال 24 ساعة فقط. وهذا ما يسمّيه فلاحو القطيف “تغريش”، وهو أن ينتقل الثمر من مرحلة البسر إلى الإرطاب الكامل. ومع ذلك تبقى الثمرة المُرطِبة متماسكة في لحمها.
هذه الميزة ليست موجودة في أيّ من نخيل القطيف؛ إلا صنفين اثنين: أم عدق، وصنف آخر شبيه لها. والصنف الآخر “خًصبة” مجهولة الاسم.
صيت عوامي
لأم عدق الصنف من النخيل صيتٌ ينسبها إلى العوامية. وخلال جولاتنا، في سيحات القطيف، كان عارفوها من الفلّاحين يقترحون علينا البحث عنها في العوامية. هذا الصِّيت يجعل منها نخلةً عواميةً بامتياز، مثلها مثل “عبيدة” العوامية الصرفة. لكنّ الحقيقة تخلو من أيّ دليلٍ يحسمُ أمر أصلها وموطنها الأول.
النخلة موجودة في سَيحاتِ القطيف قبل أجيال كثيرة، وشهادات الفلّاحين عنها تـُكثر من الإشارة إلى هذا الوجود الذي أخذ في التراجع في العقود الأخيرة. إلا أن هناك من حافظ عليها أكثر من غيره. وهذا عين ما حدث في العوامية، فقد حرص فلاحوها، أكثر من غيرهم، على استمرارها في بساتينهم.
لا توجد معلوماتٌ صارمة عن وجودها التاريخي في القطيف، ولا جلبها من خارجها، عدا ما ذكره عبدالجبار البكر قبل 67 سنة. فحين تحدّث عنها صنّفها ضمن الأصناف “النادرة”. وهذا التصنيف يُرجّح قِصر عمر وجودها. كما يرجّح كونها من “الخصاب البيضاء”. أي أنها ليست نخلة ذات سلالة عميقة، كما هو حال الغُرّه والخنيزي والبكيرات. بل هي خُصبة طيبة الثمر، رسّخت وجودها.
ومن اسمها الغريب؛ يُفهم أن فسيلتها الأولى لم تكن تُنتج أكثر من عذق واحد، فسُمِّيت “أم عدق”، على الرغم من أن إنتاج عذق واحد فقط ظاهرة شائعٌة بين النخيل في سنوات الإثمار الأولى.
ثمرة النخلة لا يمكن الحصول عليها في السوق. هي ما زالت نادرة، وكمّيات إنتاجها دون المستوى التجاري، وليس لديها شهرة تُسوّقها، كما هو حال الخلاص والأصناف الشائعة. وأصحابها لا يبيعون رطبها، بل يهدونه إلى أحبتهم. وسبق لي أن طلبت شراء صندوق من صاحب نخلة؛ فاعتذر لي ووهبني صندوقاً فيه خليط رطب، بينه “أم عدق”..!
تنضج النخلة بين وسط الموسم وآخره، نهاية أغسطس آب وبداية سبتمبر أيلول. وكمية مادة “التانين” فيها قليلة جداً. لذلك تطيب بسراً ورطباً. وأشهاها حين تُرْطِب تماماً. ففي هذه الحالة يُصبح طعمها شبيهاً جداً بطعم حلوى “العفُّوسة”، واضحة النكهة، طرية المضغ.. ويمكننا القول إنها عفوسة أعدّتها الطبيعة دون أي تدخل بشري.
خُصبة تُشبه أم عدق
لونها مُشرقٌ، وشكلها جذّابٌ جداً. ثم يأتي الطعم ذو المضغة التي تُشبه الخواجي، ثم هناك السكّر البارد الهاديء. في مقدمة ما أكلتُ من رطب القطيف. ولطيبها أوصيتُ صاحب النخل بصندوقين أتسلّمها يوم الاثنين..!
ولدفع الشُّبهة؛ استعنّا بصاحب “أم عدق” التي وقفنا عليها قبل أسابيع. بعد تبادل الصور بيننا وبين سعود صليلي، في رامس العوامية، تأكدت الفوارق في الشكل واللون، وفي شخصية النخلة أيضاً.
لكن كلّ ذلك لا يقلّل من جودة الثمرة. قال فتحي عاشور إنها “خُصبة”. وأنعم بها من خصبة، حتى وإن كانت بلا اسم..!