حية كورنيش سيهات “مظلومة”.. وأغلب حيات القطيف “غير سام” خبير البيئة محمد الزاير يدعو إلى تركها في حالها.. وتجنّب قتلها "قدر الإمكان"

سيهات: شذى المرزوق

لاتقتلوا أفاعي القطيف!.. بهذه العبارة حذّر الخبير البيئي محمد الزاير الناس من الأثر السلبي لقتل الحيوانات المرتبطة بالحياة الفطرية والبيئة.

وجاء تنبيه الزاير عبر “صُبرة”؛ بعد تداول مقطع فيديو في وسائل التواصل الاجتماعي ظهرت فيه أفعى  مقتولة على يد مواطن وجدها صخور كورنيش الغدير في مدينة سيهات، ونُشر المقطع للتحذير من وجود هذه الكائنات في الأماكن العامة، والمتنزهات خاصةً مع بداية فصل الصيف.

وأوضح الزاير أن هذه الأفاعي لا تحتاج إلى تحذير منها و لا يستدعي الأمر قتلها، مؤكداً أنها لا تمثل ضرراً على الإطلاق، بل هي أكثر منفعة للبيئة بوجودها في المزارع، والأحراش، وبين صخور الكورنيش، والأماكن العامة..!

أفعى القطيف ضعيفة

وقال الزاير إن المنطقة بشكلٍ عام والقطيف بشكلٍ خاص خالية تماماً من الأفاعي السامة والخطرة، وأن الأنواع الموجودة هي لأفاعٍ ذات نسبة “سمِية” ضعيفة جداً، وتتغذى على الحشرات والقوارض فقط، لافتاً  إلى وجودها بهذا التوازن ذو منفعة بيئية كبيرة للتخلص من الجرذان والحشرات والقوارض بمختلف أنواعها.

أنواع الأفاعي

وصنّف الأنواع الموجودة في المنطقة إلى 4 أنواع، انقرض منها نوع واحد ليتبقى 3 أنواع من الأفاعي أحدها دخيل على المنطقة؟

 وبتفصيل أكثر شرح: النوع المنقرض هو الثعبان الأرقم وهو غير سام، كان سابقاً موجوداً على أطراف المزارع القريبة من الجهات الصحراوية، حيث يصل طوله إلى مترين و 60 أو 80 سم، والسبب في انقراضه هو طبيعته الشرسة رغم أنه غير سام، إلا أنه من النوع الهجومي الذي يهجم على أي كائن متحرك، وما زال هذا النوع موجود في مناطق مختلفة من المملكة ودول الخليج، ولكن في المنطقة الشرقية وخلال 20 سنة لم نجد له أثراً إلا مرة واحدة نادرة.

أبو عيون في سيهات

 النوع الثاني وهو الأكثر شهرة (وهو نفس نوع الثعبان الذي قتل في كورنيش سيهات) ويسمى أبو العيون وسمي بذلك لوجود نقطة سوداء خلف العين، فيتراءى للشخص وجود أكثر من عينين فيه.

وأبان الزاير أن هذا النوع ينتشر في جميع مناطق الخليج والمملكة ماعدا الغربية والجنوبية، ويصل طوله  إلى قرابة المترين، و نسبة السم فيه ضعيفة، وأنيابه الخلفية تعني أنه لا يشكل خطراً على الإنسان، ولا على أي حيوانات أخرى، فبالكاد سمه يقتل قارضاً صغيراً، أو عصفوراً، وهذا النوع ـ بالإضافة للثعبان الأرقم المنقرض ـ له دور كبير بيئياً في مكافحة الجرذان في المناطق الزراعية.

 الكوبرا الشرقية الكاذبة “أبو عيون”

أفعى خجولة وأخرى دخيلة

النوع الثالث هو النوع الخجول ثعبان أبو السيور” الزاروق”، وهو ثعبان شجري ضعيف السم وأنيابه خلفية ولا يسبب أي مشاكل أو خطر لأي حيوانات، حتى القوارض والجرذان، لكونه من الأنواع الضعيفة جداً، ويصل طوله لقرابة المتر و 20سم، وهو موجود في مناطق الأحراش وتصعب مشاهدته بسهوله.

أبو السيور ” الزاروق”

أما النوع الدخيل على حاضرة القطيف والقادم من المناطق الصحراوية فهو الحية المقرنة “أم جنيب“، ولكنه لا يستطيع تحمل أجواء المنطقة الشرقية الرطبة، فلذلك نجده حاضراً في المناطق الصحراوية، والكثبان الرملية القريبة من القطيف، مبيناً أنه دخل للقطيف عن طريق نقل الرمل من البراري، أو المناطق الصحراوية، ومع هذا لازال حضوره قليل جداً، ومحدوداً في المناطق الصحراوية.

أم جنيب ” أفعى مقرنة”

ولفت الزاير إلى أن المصطلح العلمي لتسميته هو “الحيه” وليس ثعباناً، وذلك لكونه ساماً، ورأسه مثلث، وهذا يعني أن الموجود في القطيف نوعان فقط من الأفاعي ضعيفة السم، التي لا تمثل أي ضرر للإنسان، ولا حتى الحيوانات ماعدا القوارض والجرذان والحشرات. وهنا تكمن منفعته.

أفاعي ذات منفعة

وفي المنفعة البيئية قال الزاير إن الأفاعي مكون من مكونات البيئة الطبيعية، فلذلك ـ قطعاً ـ لها دور فعّال في البيئة، وهو ما يجهله الكثيرون عن مدى فائدتها التي حصرها العلماء وهي ثابتة في مجتمعاتنا البيئية والقريبة منها، وعدا كونها مكوناً أساسياً في البيئة؛ فهي تمثل توازناً في الطبيعة، بل إن في غيابها فارقاً ومشكلة بيئية لمكونات أخرى.

وأردف بقوله إن الأفاعي تحافظ على توازن الأنواع الموجودة من حيث العدد والنوع، وبهذا يكون واضحاً النوع الدخيل والجديد في المنطقة، كما أنها تسيطر على كمية القوارض والحشرات، بحكم أن الأفاعي في مراحلها العمرية الصغيرة تتغذى على الحشرات والديدان، وحين تبدأ في النمو تتغذى على صغار القوارض وهنا تكمن أهميتها، إذ إنها تنمو بتغذيتها على القوارض المضرة للبيئة الزراعية، كما هو حال بيئتنا في القطيف التي انتشرت فيها القوارض بشكل كبير، مثل فئران المزارع، الفئران الدخيلة الكبيرة النرويجية، هذا عدا الجرذ الموجودة في شبكات الصرف الصحي والكورنيش.

وجبة من الفئران

 وبحسب ما يرى الزاير فإن هناك أهمية قصوى لوجود الأفاعي، تكمن في الفئة العمرية التي تتغذى فيها على صغار القوارض، مما يحد من انتشارها وضررها على الطبيعة الخضراء الزراعية في القطيف.

وأبان بأن الافعى تحتاج إلى تناول 4 وجبات شهرية على الأقل، والوجبة الواحدة تتكون من 7 -8 من الفئران الصغيرة وبذلك تسيطر على انتشارها.

ومع ذلك فإن ظاهرة القضاء على الأحراش “بيوت الأفاعي” وقتل الأفاعي، بهدف التوسعة العمرانية والتمدن تسبب بمشاكل كثيرة للمزارعين الذين يعانون انتشار القوارض والفئران، التي تتكاثر بشكل كبير، وهو ما كانت الأفاعي تقوم به بالتخلص من هذه المشكلة.

نحن السبب

وعن سبب وجودها في الكورنيش أو دخولها لبعض المنازل أو الحدائق ذكر أن السبب في ذلك هو ضغطنا على الأفاعي في بيئتها، فأغلب مناطقنا السكنية في القطيف هي داخلة على مناطق زراعية سابقة أو مناطق قريبة منها، من هنا تعرض الأفاعي لضغط بيئي بإزالة المزارع والأماكن التي كانت تعيش فيها،  لنجد الأفاعي تختبيء لفترة، ولكن سرعان ما نشاهدها، وقد تكون هذه أكثر المشاهدات والشكاوى من أصحاب المنازل الجديدة القريبة من المناطق الزراعية، أو الواقعة على مناطق زراعية من انتشار الفئران والجرذان ،على عكس الأفاعي التي هي أكثر حذراً في دخولها للمنزل وخروجها منه، ومع ذلك يصادف أن يراها أحد الساكنين ويشتكي من وجودها. 

وأكمل: أن السبب الرئيس لوجودها في الكورنيش هو ضغط الانسان على بيئة الافاعي واحتلاله لأماكنها، فهي بذلك تعيد جدولة نفسها للحفاظ على حياتها، فتلجأ إلى الأماكن التي يتوفر فيها الغذاء.

ومن المتعارف عليه أن في كورنيش محافظة القطيف أعداداً الجرذان كبيرة، لدرجة أن البلدية بدأت بدفن الثغرات في صخور الكورنيش بالإسمنت للتقليل من وجود الجرذان، فطبيعي أن نرى الأفاعي في أماكن توفر الجرذان من ضمنها الكورنيش والمنازل القريبة من المناطق الزراعية.

القاعدة الأساس

من جانب آخر أوضح الزاير أن علينا ـ أولاً ـ أن نضع قاعدة أساسية في الحسبان، هي أننا في حاضرة القطيف والأحساء  ومدن الدمام، الخبر، الظهران لا يوجد بها أي نوع سام من الأفاعي، ومع ذلك علينا توخي الحذر في المناطق البرية مع وجود حية أم جنيب وان كان حضورها نادراً لكن وجب التحذير.

الأفعى ممشوقة القوام

وهنا لابد معرفة أوجه الاختلاف بين الأفعى (غير سامة) والحية (السامة)، فالأفعى قوامها ممشوق طويل جداً، رأسها نفس مستوى الرقبة والجسم، أما في الحيات السامة فإن الوضع مختلف، فالرأس مثلث الشكل ولها رقبة ولها جسم، بالإضافة إلى الذيل فهو مندمج مع الجسم، أما الحيات فذيلها قصير، وهنالك تمايز بينه وبين الجسم، وعند معرفتك أوجه الاختلاف سيكون من السهل عليك التمييز بين النوع السام وغير السام.

توجيه ونصيحة

 واستدرك: ثق تماماً أنه لا يوجد في القطيف أفاعٍ سامة، بل أنواع يمكنك التعامل معها، وهو ما نشير إليه بشكل قاطع للمزارعين، ونؤكده لهم باستمرار، وتذكر أن وجود الأفعى في الكورنيش، أو المزرعة، أو الأماكن العامة؛ هو بسبب أن الإنسان هو الذي ضغط عليها في بيتها، وعليه الآن أن يتركها في حالها لتعيش، أما عن وجودها في المنازل بهنا يجبرك الموقف على التعامل معها، والقتل هو آخر الحلول إن أمكن، وبالإمكان أن يستعين بخبير بيئي لحل المشكلة.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×