في القطيف.. “ثمرات اليوم”.. تدعم التنمية السياحية بـ 60 طناً من الفراولة سلة فواكه وخضار تعتمد على الزراعة المائية
صفوى: شذى المرزوق
قليلة هي النماذج التي يمكن أن نطلق عليها “متكاملة”، والتكامل هنا نقصد به اجتماع كل الإمكانيات وتوفير كل التقنيات مع رؤية واضحة ومتمكنة من الوصول للهدف.. فما بالنا إذا كان هذا التكامل يمتد ليرسخ قدرة وطنية سعودية في مجال توطين الزراعة الحديثة، بالاعتماد على الفكر المحلي المتوازي مع حداثة التقنيات.. وما بالنا أيضاً إذا كانت القطيف احدى واحات المملكة الزراعية، محطة لهذه التجربة المهمة!
فكرة وتجربة
“ثمرات اليوم” الفكرة والتجربة هي مزرعة من هذا النموذج الذي تصل مساحتها الإجمالية إلى 24.000 م2، ويمول السوق المحلي بقرابة 60 طنا سنوياً من “الفراولة” الطازجة، المعروفة بجودة إنتاجها ومذاقها اللذيذ، والخالية تماماً من المبيدات الكميائية، حيث تخضع لعناية ورقابة شديدتين منذ بدء زراعة الشتلات، وحتى لحظة جني المحصول، مروراً بكل التفاصيل الصغيرة والإجراءات الصحية من تعبئة وتغليف لحين وصولها للمستهلك.
طريقة الزراعة في “ثمرات اليوم” تتم بنظام حديث يعبر عنه بالزراعة المائية العمودية أي بنظام الطوابق من خلال محميتين، الأولى على مساحة 2000م2، والثانية بمساحة 1500م2، وتضم كل محمية عدة صفوف كل صف يشغل 5 طوابق؛ مما يسهل زراعة وانتاج أكبر كمية ممكنة في مساحة اقل.
البداية والتجهيزات
للحديث عن المشروع وبدايته، التقت “صُبرة” بمالك المزرعة سلمان علي آل وهيب الذي أوضح أن المشروع عائلي بدأت فكرته مع إخوته عام 2016، حيث يشرف عليه شخصياً بعد تقاعده المبكر من “سابك” ، وتم اعتماد فكرة الزراعة بالطريقة الحديثة وهي الزراعة المائية.
ويضيف: “بالفعل باشرنا العمل على استخدام أحدث وسائل الزراعة بنظام الري والتسميد الأوتوماتيكي، كما تم اجراء عدة تجارب بعدة تقنيات منها نظام الاستزراع الذي يهدف لانتاج شتلات زراعية نادرة و مقاومة للامراض،
واضاف قائلا: تم انشاء محطة لتحلية المياه تعمل بطاقة استيعابية مقدرة ب 40 الف لتر يومياً مخصصة لزراعة الفراولة، فضلا عن المحميات التي تعمل بأنظمة تبريد خاصة ويتم الاعتناء بأدق تفاصيلها، بالإضافة للتغليف وتجهيز المنتج وإيصاله للمراكز التجارية أو المحلات، بناقلات خاصة ذات غرف تبريد تحفظ المنتج، عدا عن غرف التبريد الاخرى التي توجد داخل المزرعة، كل ذلك بهدف وصولها بشكل صحي للمستهلك”.
تكلفة وتثقيف
وعن تكلفة إنشاء المزرعة، كشف “آل وهيب” أنها قاربت مليوني ريال، ويستعين فيها بـ4 من العاملين المدربين جيداً على التعامل مع كافة المنتجات الزراعية، وطرق تسميدها، وكيفية الاعتناء بالنباتات، وأيضاً تقنية الزراعة المائية من البداية حتى نهاية الموسم.
وفيما استزاد الأخوة “آل وهيب” من ثقافتهم الزراعية بالقراءة، وحضور المنتديات والمؤتمرات المحلية والدولية، التي اضافت الكثير لرصيد خبرتهم حتى اصبحوا مرجعا لتقديم الاستشارات في هذا المجال، صرح آل وهيب بان الفضل لنجاحهم في هذا المشروع يعود لكثرة التجارب التي قاموا بها لمعرفة أفضل أنواع التربة، انواع النباتات، والبيئة الأنسب للزراعة، بما في ذلك اجود الأسمدة المنتقاة للزراعة.
وفي هذا الاطار، اوضح “آل وهيب” أن المحميات في المزرعة تضم عدداً من المناحل التي تقوم بتلقيح أزهار الفراولة البالغ شتلاتها قرابة150 الف شتلة والتي يتم منها انتاج الثمرة وكذا 500 الف الى 700 الف شتلة لبيعها على المشاتل وكذلك المزارعين، حيث يستغرق موسم إنتاجها حوالي 6 أشهر من بداية كل سنة ميلادية، تخضع خلالها للكثير من التفاصيل والعناية، وذلك لان كل طابق من الصفوف العمودية يعتمد على أنبوب يتعامل مع الماء والأسمدة أوتوماتيكياً يتم فيه قياس السماد بشكل يومي ويتم فيه قياس PH و EC القلوية والحموضة (قوة الهيدروجين) وموصلية الكهرباء.
تنوع وتنمية سياحية
ليس على الفراولة وحدها تقوم المزرعة.. هكذا يكشف “آل وهيب” بالقول إن هناك أيضاً منتجات أخرى مثل التين الذي يتم زراعة شتلاته بطريقة الزراعة المائية أيضاً وليس كماهو معتاد بزراعته بالطرق التقليدية، و له عدة أنواع منها التين الاسباني الاسود والاصفر والاخضر ،الفرنسي، التايغر، والعماني بنوعيات نادرة تصل إلى 34 ألف شتلة زراعية تمت زراعتها بحوالي 8 أعمدة وبنسبة نمو تصل إلى 99 % وهو ما يعتبره “آل وهيب” إنجازاً نوعياً! هذا عدا زراعة أنواع من الأزهار ومنتجات الفواكه الأخرى.
وكشف “آل وهيب” في حديثه مع “صُبرة” عن هدف آخر يحرص عليه، ويتجاوز مجرد فكرة المزرعة ذاتها، ألا وهو تشجيع التنمية السياحية بما يفتح المجال لاستقطاب متنزهين دائمين لمزرعته، فضلا عن الاستمتاع بجوها وتنوعها فإنه يتيح لهم تجربة مميزة في قطف الفراولة وتذوقها.
ويختم بالتعبير عن طموحه وإخوته ليس فقط بتعزيز المنتج بالسوق المحلية ، ولكن ايضا بالتوسع خليجياً وحتى عالمياً، خاصة وأن المنتج خلاصة زراعة وعناية محلية “قطيفية” و التي يمكن من خلالها الإسهام في رفع مستوى وقدرة الانجاز الوطني الزراعي بتحقيق تطويرات تتماشى مع رؤية 2030 في المملكة.
تصوير: أمين الجارودي
مادة مموّلة