أبو المكارم يوقف 9 آلاف كتاب للقراءة المفتوحة جمعها في 56 سنة واستفاد منها في تأليف 18 كتاباً

العوامية: معصومة الزاهر

في سن الحادية والعشرين نشر أول كتبه “الصلوات في الإسلام”.. كان كتاباً وصْفياً جمع فيه أوصاف الصلوات الواجبة والمستحبّة. فكان ذلك الكتاب المنشور سنة 1383هـ؛ بداية الحاج عبدالقادر أبو المكارم في جمع الكتب والتأليف، ووصل اشتغاله إلى ذروته بصدور موسوعة المدائح النبوية في 20 مجلداً، ضمن 18 كتاباً صدر له على امتداد 56 سنة.

دفعته طبيعته المتدينة وحماسة الشباب إلى جمع مادة كتاب “الصلوات في الإسلام” ليكون أشبه بدليلٍ للمتنفّلين. كانت طبيعة شاب نشأ في أسرة لها إرثٌ مسؤولٌ في اعتباراته الاجتماعية. آل أبي المكارم أسرة لها خارطة عريضة تتسع لنطاق واسع في واحات القطيف. راجع كثيرٌ من السكّان، في القطيف، مشايخ العائلة في فقههم، وأخذوا عنهم المسائل اليومية، وأظهروا لهم مودةً واحتراماً ما زالت آثاره ممتدة إلى الآن.

مناخ عائلي

و “عبدالقادر”؛ هو أصغر أبناء الشيخ علي بن الشيخ جعفر أبو المكارم. وُلد عام 1362هـ، أي قبل وفاة والده بعامين فحسب. ووُلدت بعده أخت، لكنها توفّيت. وعاش ضمن 8 من الأخوة و 4 من الأخوات، توزّعوا على العوامية وسيهات والبحرين. و “عبدالقادر” عاش حياته في العوامية، متأثّراً بمناخ أسرته. دخل “المعلّم” طفلاً وقرأ القرآن على يد ابن عمه ـ وصهره لاحقاً ـ الملا أحمد بن علي بن سلمان آل الشيخ. وحين تأسست مدرسة الواحة الابتدائية في العوامية التحق بها، وبسبب سنّه انخرط في الدراسة الليلية لسنوات.

ربّما كان يطمح “الشاب عبدالقادر” للخطابة في بداية شبابه.. فقرأ “مقدّمات” لشقيقه الشيخ سعيد، والملا حسين الفرج، والملا عبدالله الفرج. لكنه كان واقعيّاً في مواجهة أعباء الحياة. شقَّ طريق رزقه بعيداً عن المناخ الذي نشأ فيه. ذهب إلى الظهران وعمل مع أحد مقاولي شركة أرامكو ردحاً من الزمن. ثم اتجه إلى راس تنورة وعمل مع مقاول آخر في إحدى المهن الشاقة. ترك عمل المقاولين وافتتح دكاناً خاصّاً به، وتسبّب في كسب رزقه، معتمداً على نفسه. وفي أواخر شبابه عمل موظفاً في بلدية صفوى، ثم ترك العمل وتفرّغ لحياته الخاصة.

كفاح حياة وثقافة

مثلما كافح “أبو عدنان” في حياته؛ كافح، أيضاً، في ثقافته. هو عصاميُّ الثقافة مثلما هو عصاميُّ الحياة. الكتب التي جمع مادتها ونشرها؛ تشير إلى عصاميته بوضوح. بدأت عصامية التأليف والنشر من كتابه الأول “الصلوات في الإسلام” الذي طُبع 11 مرة منذ طبعته الأولى سنة 1383هـ.

بعد إنجازه الكتاب؛ أعطى مخطوطته الملا عبدالمحسن النصر في سفره إلى العراق وقتها، وطُبع الكتاب في النجف. فكان أول خطوة في طريق البحث والتصنيف والتبويب والنشر. واصل الحاج عبدالقادر سيرته في الجمع والتأليف لعناوين كثيرة في الثقافة الدينية، حتى وصل إلى ذروة اشتغاله بنشر موسوعة المدائح النبوية في 20 مجلداً، والموسوعة الشعرية المهدوية في 10 مجلدات، والموسوعة الشعرية في رثاء الرسول محمد.. عدا المؤلفات الصغيرة، أمثال: الكساء في معارف الأمة الإسلامية، في رحاب الله، الداعي إلى الله، ملحمة كربلاء المقدسة، كرامات أم البنين، ليالي وأيام مباركة، الشرف الرفيع في الصلاة على الشفيع، الصيام في الإسلام، تعال معي لنقرأ، أوراق نافعة، مولد النور، خطباء العوامية من الماضين، العمرة المفردة، ليصل مجموع مؤلفاته 18 كتاباً، آخرها نُشر سنة 1436هـ.

جمع الكتب

عصامية الحياة والتأليف؛ انسحبت، أيضاً، على عصامية جمع الكتب عند الحاج عبدالقادر أبو المكارم. مكتبته الصغيرة التي تأسست قبل 56 سنة، تنامت بهدوء عاماً بعد عام، ليتخطّى عددها حاجز الـ 9 آلاف كتاب حتى الآن. المضامين الدينية غالبة في المكتبة، لكن هناك مضامين التاريخ والأدب والثقافة العامة، والموسوعات. وتطلب تضخم المكتبة تصنيفاً وترميزاً، وأنجز محمد حسن آل ربح شوطاً طويلاً في المشروع.

حجم المكتبة؛ جعل منها مكاناً لاستقبال المثقفين والمهتمين بالكتاب والشخصيات المرموقة. وكثيرٌ منهم سجّل إعجابه بالمكتبة ودوّنه كتابة. ويؤمن الحاج عبدالقادر بالكتب الورقية، وهو لا يفكر بتحويل مؤلفاته إلى النظام الإلكتروني، بل يطمح لبيعها لتعود مبالغها بالنفع في تحقيق رؤيته في تطوير المكتبة وتوسعتها لتخدم المجتمع بكامل أطيافه. ويذكر أن الأقبال على المكتبة بالسابق كان كبير جداً، ولكن مع وجود النسخ الإلكترونية للكتب أصبح الارتياد عليها أقل. 

نشاطات المكتبة

يستقبل الحاج عبدالقادر القراء من كل مكان في المكتبة لقراءة الكتب وكذلك الاستعارة منها بعد تعبئة نموذج خاص بذلك، كما تستقبل المكتبة الطلاب ضمن المدرسية. كما تتبنى المكتبة فصول دراسية على فترتين كذلك لتعليم الأولاد بإدارة ابنه شفيق أبو المكارم خلال الإجازة الصيفية.

وقف المكتبة

في شهر ذي الحجة من العام الماضي؛ أوقف الحاج عبدالقادر المكتبة، وفتحها لاستقبال من يشاء. وهو يفكر في شراء منزل ليحوله إلى مكتبة متكاملة موقوفه، بحيث لا يحق لاحد التصرف فيها وبيعها، ولكن هناك عائقاً مادياً في المرحلة الحالية.

تصوير: معصومة الزاهر

من مؤلفات الحاج عبدالقادر

من أرشيف الحاج عبدالقادر

   

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×