ختام البراحة 3.. وقفة وفاء لمؤسسها عباس الشماسي عبارات الشكر والتقدير لا تتوقف في حفل تكريمه..
ميدان القلعة: شذى المرزوق
في أول نسخة لملتقى البراحة، يغيب عنه المهندس عباس الشماسي ـ رحمه الله ـ كانت عبارات الشكر وقصص المحبة والوفاء بحق الراحل حاضرة على لسان عدد غير قليل ممن عرفوه عن قرب، وعملوا معه، وتعلموا منه، وصولاً إلى فنانة تشكيلية، وقف الراحل بجانبها في بداياتها الفنية، فقررت أن تحقق أمنيتها برسم لوحة له قبل وفاته، وعندما توفي أجلت الأمنية، إلى أن حققتها اليوم، وأهدت صورته مرسومة إلى حفل التكريم.
وأقيم الحفل على أرض قلعة القطيف، التي لطالما اعتبرها الشماسي أرض الأصالة والتراث، والهوية القطيفية، ومنها انطلقت أولى نسخ ملتقى “البراحة”. التكريم جاء بحديث ذي شجون، استمر قرابة 120 دقيقة، متناولاً قصة “البراحة” في نسخه الثلاث، بين الفكرة والتنفيذ، وإظهار دور الشماسي فيه حتى يرى النور.
بهذه الرؤية، حرصت إدارة لجنة التنمية الأهلية في القطيف على تكريم الراحل، الذي على يده تأسس هذا الملتقى، وساهم في نجاحه في نسختيه السابقتين، وبقي أثر هذا النجاح في تنظيم النسخة الثالثة (الحالية) خلال الأيام التسعة الماضية.
الحديث عن المهندس الشماسي أداره عضو مجلس إدارة لجنة التنمية محمد الخنيزي، مستضيفاً رئيس لجنة التنمية السابق سيد صلاح الدعلوج، وعضو المجلس البلدي السابق عباس الزاير، حول الإنجاز الذي أسسه الشماسي في “البراحة” بمساعدة فريق عمل متناغم ومتعاون، محققاً ما نراه الآن من تميز.
ووصف الدعلوج، المهندس الشماسي بـ”قامة من قامات العمل التطوعي”، مشيداً بأدواره المتعددة وانجازاته على مستوى التطوع، والمجلس البلدي، ولجنة التنمية.
الطرق المثلى
وعن بدايات فكرة عمل “البراحة”، قال الدعلوج “سعى الشماسي إلى مشروع يساعد الأسر المنتجة، ومنه تنطلق في تسويق أعمالها، على أن يكون مشروعاً يبرز الهوية والتراث القطيفي، ويكون حاضنة للعمل التطوعي والمتطوعين”.
فيما كان جواب الزاير عن كيف كان يعد الشماسي للبراحة من خلال المجلس البلدي قائلاً “كان همه ـ رحمه الله ـ كيف يسعد الناس، وينهض بالمجتمع، لذلك تجده يبحث عن الطرق المثلى لاستغلال واستثمار كل الموارد الخدمية التي لم تستثمر من الجانب البلدي، بما فيها الأراضي أو الأماكن التي لم تستغل الاستغلال الأمثل لها. ومن باب مركزه في المجلس البلدي، وعلاقته القوية مع المسؤولين، سواء على مستوى البلدية منذ رئاسة زياد مغربل إلى المهندس محمد الحسيني، أو حتى على مستوى العلاقة الوطيدة من خلال كتاباته واتصالاته مع أمين المنطقه الشرقية المهندس فهد الجبير”.
الدور الاجتماعي
وتناول الزاير الدور الاجتماعي الذي كان يقدمه الشماسي على نفسه وعائلته، وسعيه لخدمة هذا المجتمع. وقال “هذا الدور كان سبباً لاستماع المسؤولين ومساعدتهم له، إذ إنه لم يُطلب يوماً شيئاً لنفسه، وهذا ما لمسناه منذ بداية تفكيره بوضع لمسات “البراحة” في تفاعل المسؤولين واستجابتهم، حتى اتخذ بعدها هذا المشروع المسار الرسمي، إلى أن تمت الموافقة عليه، وانطلقت المبادرة”. وتابع “نحن الآن في النسخة الثالثة، نرى روحه تتجلى في كل مكان”.
اختيار القلعة
وحول اختيار القلعة مقراً للبراحة قال الدعلوج “للشماسي أبعاد تقديرية، وتفكير عميق، يصاحبه بُعد نظر، من خلال دعم الأسر المنتجة في أول نسخة للملتقى، فالثانية، وعاد ليدعمها في النسخة الثالثة الآن، وقد جاء اختيار البراحة في وسط القطيف، ليسهل على كل المواطنين من كل المدن والقرى المحيطة الوصول إليها، هذا عدا رؤيته لهذه المنطقة بأنها غير مستغلة الاستغلال الذي يفيد المحافظة، ويسجل من خلالها موقعاً مدروساً مختاراً بعناية ودقة، ليكون ملتقى التراث والأصالة، وقد ساعد دور البلدية، وهي الشريك الاستراتيجي، على تقديم الخدمات والصيانة لإبراز المكان وتهيئته”.
انطباع الزوار
من جانبه، شدد الزاير أهمية على إبراز الموروث القطيفي في الملتقى، وهو من أبرز المستهدفات التي سعى الشماسي إليها، لأن يكون موروث المحافظة حاضراً بشكل بارز في “البراحة”، من خلال الملابس الشعبية للرجال والنساء، أو من خلال الأكلات الشعبية، أو حتى من الأدوات، وكل ما يمكن أن يسهم في المحافظة على هويتنا، وهذا ما نلمسه الآن في انطباع الزوار للمهرجان، وفرحتهم وسعادتهم، وهم وسط هذا التراث.
ترخيص الروضة
وعاد الدعلوج، وأبان المكاسب والانجازات التي حققها الشماسي للجنة التنمية من موقعه، قائلاً “في بدايات رئاسته المجلس البلدي، استعان بذوي الخبرة، وقام باستدعاء استشاري ليضع استراتيجية للجنة، وتهيئة بيئة عمل مناسبة، وادماج التقنية في الأعمال، كما تابع جهود اللجان السابقة في المنطقة، كونها ذات خبرة أكبر، وعمل على تأهيل مركز الرعاية تأهيلاً رائعاً، وعمل بجهد لترخيص الروضة، لتكون أول روضة تحصل على ترخيص”.
الدعلوج
وأكمل “لعل أبرز انجازاته، تحويل الفرص المتاحة لفرص تطوير ونجاح”، مستشهداً بموقفه من تعليق عمل نادي الفنون، ليعمل بجهد حتى تمكن من افتتاح الصالة الموجودة حالياً في شارع القدس، بأفضل الوسائل، وبشكل راقٍ، لتضم لوحات وعمل الفنانين، بالإضافة إلى تنظيم جائزة القطيف للإنجاز في نسختين، وتوفير العديد من الفرص للفنانين والأدباء، سواء للمسرح أو التصوير الفوتوغرافي أو الفنون التشكيلية، أو الخط والخطاطين، ومشاركته في نسختين لمشروع سيدة أخلاق البر، وصولاً إلى انجازات كثيرة، من ضمنها البراحة، التي مازالت مستمرة وتؤتي ثمارها حتى اليوم”.
المجلس البلدي
أما المهندس عباس الزاير، فقد أوضح أن الإدارة المحنكة للشماسي، هي أبرز المقومات التي عززت نجاح ملتقى البراحة. وقال “الشماسي إداري محنك من الطراز الأول، ومخضرم في العمل الإداري، في كل مكان يعمل فيه، فإذا استلم الإدارة، يحاول أن يجمع فريق العمل بشكل منسجم متجانس وقوي، ويتعامل معهم أخوة متآلفين”.
وأكمل “على سبيل المثال، في المجلس البلدي، إن وجدت مهمة أو مشكلة ما، يسند رئيس المجلس شفيق آل سيف للشماسي مسؤولية حلها، إلى أن تنتهي بنجاح، وامتدت علاقات الشماسي في حل قضايا أخرى، تحتاج سفره إلى العاصمة الرياض، حيث يكون التوفيق حليفه”.
وتابع الزاير “تعلمنا منه الكثير، فهو رجل مذكور بالخير، قل نظيره، مميز في عطائه، يعطي من قلبه، ويجعل العمل الخيري والاجتماعي الذي به منفعة للناس في مقدمة اهتماماته، ونجاح ملتقى البراحة هو نتاج جهوده وتضافر من حوله، ووقوفهم معه، علاوةً على انسجام فريق العمل، ما أدى إلى نتائج خيرة ومتألقة، فكل هذه النجاحات التي نراها الآن، هي ببركة الشماسي يرحمه الله”.
من جهته، أكد مقدم الحوار محمد الخنيزي أن الشماسي على قدر عالٍ من تحمل المسؤولية، يتصدى لكل المواقف، فيمنح من يعمل معه شعوراً بالراحة والأمان في العمل”.
بعدها، عرض الخنيزي فيديو مُعد من الزميلة صحيفة “جهينة”، تضمن كلمات من إدارة لجنة التنمية حول الشماسي رحمه الله.
هندسة المستقبل
واستأنف الحوار من جديد حول الشماسي، بتفصيل ما يحويه كتابه “هندسة المستقبل”. وبحسب ما ذكر الدعلوج، فإن الكتاب يحوي عدة مقالات ثقافية وأخرى في البناء، وتفاصيل التخطيط الذي يسبق الميزانية، ونواحي القوة والفشل في العمل الإداري، كما تحدث عن رؤية المملكة، والتحديات، هذا عدا مقالات عن الجودة والاتقان. وقال “لفت انتباهي 4 مقالات في آخر الكتاب لأربع شخصيات، تأثر بها الشماسي، في مقدمتها الحاج عبدالله الشماسي، وأساليبه الإدارية، وكيفية عمله ومشاريعه التنموية، كما سرد بعض المواقف في المقال الثاني مع الأديب محمد رضا نصر الله، أما المقالة الثالثة، فكانت لإحسان العطاء احسان الجشي ـ رحمه الله ـ، وتحدث كذلك عن عبدالغني السنان (ابو نادر) بكثير من الفضائل في مقاله الرابع”.
وأردف الدعلوج “أبو فاضل يعطي كل ذي حق حقه، ويذكر فضائل ومناقب الشخصيات التي تعمل من أجل المجتمع، ولعلي هنا استرجع محادثة هاتفية معه قبل جائحة كورونا بثلاثة أيام، أخبرته فيها عن صدور موافقة على تكريم إحدى الشخصيات الاجتماعية، التي كان ينوي تكريمها، ولم يسمح الوقت بذلك، وهاهم الأخوة الآن يسعون جاهدين لاتمام هذا العمل”.
واستدرك “لا أريد ذكر الشخصية حتى لا أحرق الورقة، ولكننا والأخوة في التنمية سنسعى لاستكمال ما بدأه الشماسي، ومواقفه ممن يستحق التكريم”.
المرحوم الشماسي
جمعية القطيف
وعاد الزاير لذكر مواقف العمل مع الشماسي ومجهوداته لتحقيق ما يطمح له من عمل مجتمعي متقن. وقال “كان هناك بحث حينها عن موقع مناسب لإنشاء مقر دائم لجمعية القطيف، وبدأنا نبحث عن المخططات المناسبة، وبعض المخططات التي يمكن أن تحوي خدمات عامة، ويمكن تحويلها إلى أماكن اجتماعية، ووقع الاختيار على منطقه البحر مخطط رقم د /٣١ وبذلك انتهت المرحلة الأولى، أما المرحلة الثانية، فتناولت تشييد وبناء الجمعية، وقد أخذ ـ يرحمه الله ـ عهداً ألا يشيد المبنى من أموال الجمعية المخصصة للفقراء والمحتاجين، لذلك شكّل الشماسي فريق عمل من داخل وخارج الجمعية، تحت مسمى لجنة المشاريع، وأخذنا على عاتقنا العمل على المخطط، ووضعنا خطة العمل، واستكملنا العمل دون المساس بأموال الجمعية”. وأكمل “العمل الوحيد الذي أخذنا له جزءاً من مخصصات أموال الجمعية، هو مبلغ لاستكمال انشاء روضة الأطفال”.
الفن التشكيلي
في ختام اللقاء، كشف الدعلوج عن قصة اللوحة التي حملت صورة المهندس عباس الشماسي في لقاء البراحة، وقال “تمنت ذكريات الزوري، وهي فنانة تشكيلية قدم لها الشامسي الرعاية والدعم في بداية مسيرتها الفنية، أن ترسم الشماسي، وتقدم له لوحتها على سبيل الهدية، وأخبرته بذلك، ولكنه طلب تأجيل العمل، حتى بلغها خبر وفاته”.
وأكمل الدعلوج “اتصلت بي الزوري قبل فترة، وأخبرتني بأمنيتها رسم الشماسي، وحين عرفت من الزميل محمد الخنيزي عن حفل هذا المساء، والرغبة في تكريم الشماسي، طلبت من الفنانة البدء في رسم لوحة الشماسي، التي قدمتها هدية للجنة”.