“البُخنق”.. حجاب عذارى الخليج اختفى نهاية الستينيات.. وعاد في الثمانينيات زينة مناسبات

القطيف: شذى المرزوق

في القديم كان حجاباً خاصّاً بالعذارى.. وفي أواخر الستينيات اختفى. وفي منتصف الثمانينيات عاد ليكون “زينة” للطفلات في المناسبات الشعبية.

حالياً؛ يعود كلّ عام 4 مرّات إلى الظهور.. في ليلة الناصفة من شهر شعبان، وليلة الناصفة من شهر رمضان، وفي أيام عيد الفطر، وأيام عيد الأضحى. لكنّ عودته رمزية، وخاصة بالصغيرات فقط.

إنه “الُخْنُق” الذي عرفته فتيات المنطقة الخليجية على مدى أجيال.. وفي نهار أمس، وليلة البارحة، شُوهد في أفواج الأطفال الذين تجوّلوا من أجل إحياء عادة “القريقشون” المعروفة أيضاً بـ “الناصفة” و “حالوعاد”، و “قرقيعان” و “قرقاعون”.

فتيات من القطيف أمس في مناسبة الناصفة (تصوير: ليلى العوامي)

هوية محلية

ويحافظ سكان القطيف على الصورة الشعبية التي تحمل هوية وتراث المحافظة في الطريقة التي يزينون بها منازلهم وملابس أطفالهم، فهناك ملابس البحّارة بالـ “إزار” أوالثوب التقليدي وقحفية الرأس للأولاد والبخنق والجلابيات للفتيات.

وعلى عكس الأولاد الذي بقي لباسهم التقليدي متوارثاً جيلاً بعد جيل، فإن بخنق الفتيات يعود مؤقتاً.

وللبخنق حكايته التراثية الخاصة ومراحل تاريخية متغيرة تحكيها لـ “صبرة” سيدتان ممن عاصرن زمن التحول والتغيير التي طرأت على لباس القطيفيات.. فمن بخنق العذارى إلى بخنق المناسبات والاحتفالات؛ مرت عقود من الزمن تروي أحداثها كل من: المهتمة بالتراث القطيفي فاطمة ملك وصبيحة الفخر الشغوفة بخياطة الملبوسات القديمة وتحتفظ في خزينتها بملبوسات نسائية أقدمها عمراً يصل إلى 100 عام كما هو حال ملك التي أعدت مجلساً تراثياً خاصاً في منزلها ضمت فيه جميع ماجمعته من أواني وملبوسات وصناديق قديمة جدًا تحمل الهوية القطيفية.

فتيات من القطيف أمس في مناسبة الناصفة (تصوير: ليلى العوامي)

للعذارى

وتتفق الفخر و ملك أن لباس البخنق كان مخصصاً للعذارى في القطيف، حيث تلبسه الفتاة من سن السادسة حتى وقت زواجها.

والبخنق عبارة عن لباس أسود شفاف مطرز بتطريز شعبي مذهب، يغطي الرأس وينسدل على الأكتاف حتى النصف الأعلى من جسد الفتاة ويتصل باليد حتى الكفين.

وتذكر فاطمة ملك أنه موروث مصدره جواري الدولة الفاطمية التي كان لديها سوق خاص يحمل اسم سوق البخانق، وانتقل منها إلى الهند، و إلى دول الخليج والقطيف، وتلبسه الفتاة في سن صغيرة حتى زواجها، بهدف الاحتشام والستر.

وأبانت أنه يصنع من قماش الوايل الخفيف، أومن التول الشفاف، وهناك بخنق عادي بلا نقوش وهو يلبس في الأيام العادية، وبين البخنق المطرز من الأمام بنقوشات عريضة تحيط بالوجه، وتتوزع فيه نقوش صغيرة في بقية القماش الذي قد يكون من الشيفون والجرجيس، والتول وهو يلبس في المناسبات والاحتفالات.

تطريز

وعن التطريز قالت: يطرز من خيوط حريرية ذهبية أوفضية لامعة، والنقوش مستوحاة من البيئة مثل أوراق الشجر، الأغصان، ونجوم صغيرة أو على شكل هلال.

من أرشيف المصورة البحرينية نسيبة الشيخ، بموافقة منها

يدوية

تضيف أن الخياطة كانت يدوية خالصة، بالخيط والإبرة فقط، في وقت لم يكن فيه هنالك أي مظهر للحداثة، وغالباً ما تخيط الأم لبناتها البخنق، ومع التبادل التجاري مع الهند تسهلت مهمة الخياطة بعد شراء القطع الشفافة المطرزة.

وعن التكلفة قالت هنالك مستويات مادية واجتماعية مختلفة فالعوائل الميسورة الحال في القطيف، غالبا ما تكون بخانق بناتها مليئة “بالزري” والنقوش اللامعة، ويتدرج التطريز بحسب استطاعة العائلة المادية، ومع ذلك فهو في متناول الجميع.

وأكملت: يغلب على قماش البخنق اللون الأسود، ولكنه بدأ يتطور فدخلت عليه ألوان مختلفة من الأحمر، والأخضر، والأزرق وغيرها.

تصوير: آية السيهاتي

حتى الزواج

من جانبها تقول صبيحة الفخر: يعرف البخنق بكونه علامة للبنت غير المتزوجة قديماً، وقد توقفت صناعة البخنق وخياطته تماماً منذ أواخر الستينيات، ثم عاد في منتصف الثمانينيات.

وأبانت أن البخنق حجاب التكليف الشرعي بالنسبة للفتيات. ثم جاءت العباءة السوداء بديلاً عن البخنق للفتيات والنساء معاً.

وتقول الفخر إنها عاصرت الأكبر منها سناً بـ 5 سنوات كانت تلبس البخنق حتى زواجها، بعكسها هي التي لم تلبس البخنق يوماً في صغرها بل لبست العباءة مباشرة.

وأوضحت أن الفتاة الصغيرة تكتفي بالبخنق حتى تصل إلى سن أكبر فتلبس المشمر فوق البخنق بعد بلوغها عمراً مقارباً لـ 15 سنة، ففي هذا السن تكتفي بالمكوث في المنزل، وتكون حينها قد أنهت دراستها القرآن، وتبقى في المنزل حتى زواجها، واستشهدت بأختها التي بقيت في المنزل حتى زواجها في منتصف الخمسينيات وهي بعمر 16 سنة.

شاهد الفيديو

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×