مجموعات الواتسأب بين التسلية والخطورة

إبراهيم الزين

 

لا أحد ينكر أن تطبيق الواتسأب هو التطبيق الأكثر هيمنة وفعالية وتأثيراً على المستوى العالمي بأجمعه ، حتى أصبح معتمداً في الكثير من التعاملات الرسمية ، وقد سهل إضافة إلى ذلك الكثير من الأمور التي كانت تحتاج إلى سرعة تواصل واتخاذ قرارات ووضع حلول فورية .

إن هذا التطبيق العجيب أصبح لغة السحر التي افتتنت به مختلف الفئات العمرية بحيث أنه صار الشريك الأول الذي يرافق الفرد في ساعات يومه الأربع والعشرين .

إلّا أنه وعلى الرغم من الإيجابيات الملموسة والتي لا ينكرها أحد ، نجد أن سلبياته تفوق إيجابياته بكثير من المراحل ، ليس عيباً فيه ، وإن كان لا يخلو من العيوب ، ولكن بسبب سوء الإستخدام والذي أدى إلى الكثير من المشاكل العويصة بل حتى المصائب والفواجع فضلاً عما هو أقل من ذلك مما يحدث كل يوم .

وإننا هنا نقتصر ومن خلال التجربة على مظهر سلبي واحد يظنه الكثير سهلاً ولكنه بطريقة أو بأخرى ربما يؤدي إلى ما هو أخطر من كل التوقعات.

للأسف الشديد ومع خيارات الإستخدامات المختلفة للتطبيق ، وخاصة خيار إنشاء المجموعات ، ظهرت هناك سلبيات كثيرة جداً تجذرت بمساوئها لدرجة عميقة جداً ، وخاصة في مجتماعتنا المحافظة والملتزمة بالدين الإسلامي الحق والأعراف النبيلة ، ومن أمثلة هذه المساوىء هو التفكك الأسري وصلات الرحم ، وتدهور في العلاقات الإجتماعية ، والفردية والزوجية ، والإفساد الأخلاقي ، وضعف الوازع الديني ، وانتشار الغيبة والنميمة والضغينة ، ونشر الشائعات التي أدت لخراب الكثير من البيوت ، وحدث ولا حرج.

إننا لسنا بصدد عرض وتفصيل كل ذلك ، بقدر ما سوف نركز باقتضاب عليه وهي المجموعات التي أنشأت بحسن نية ، وسارت كذلك ، ثم ما لبثت أن أصبحت وبالاً يصعب الفكاك منه ، خاصة مع زيادة عدد المنضوين تحت كل مجموعة ، مع الإختلاف الثقافي والوعي والإدراك بين الأعضاء ، الأمر الذي يسبب الإلتباس ثم الإختلاف ، ثم ينحدر إلى خلافات جماعية وفردية عميقة تصعب السيطرة عليها ، وتؤدي لاحقاً إلى ظهور خلافات بين أفراد المجتمع الواحد ، وأصبحت للأسف واضحة الآن ويمكن قراءتها بسهولة ، ولا تعجب أن ترى أحداً أو فئة من الناس تختلف معك فجأة فقط لأنه تم التطرق لحضرتك بسوء فهم مثلاً فأثر ذلك في البعض ، وأنت في الأساس لا عضو في المجموعة ولا في أي منظومة معينة.

إن الاختلاف الشاسع في ثقافات الأعضاء في المجموعة الواحدة غير محمود إطلاقاً ، وعليه فإنه من المفترض أن يتم إنشاء المجموعات بالتخصص والتخصيص ، وأولهم رئيس المجموعة ذاتها ، إضافة إلى أنه ينبغي عليه أن يكون صاحب شخصية قيادية يستطيع اتخاذ القرارات الحاسمة ، إضافة لأن يكون لديه أهداف من خلال إنشاء هذه المجموعة أو تلك وليس فقط محاولة جمع أكبر عدد من البشر ومن مختلف الأطياف وجمعهم في المجموعة الفلانية ، أو إنشاء المجموعة العلانية لهم بطريق وكأنها للتفاخر والبهرجة . وقد رأينا الكثير من المجموعات وسمعنا ولا زلنا نسمع ونقرأ ما يدور بيننا وحوالينا من معضلات أثرت حتى في لحمة المجتمع الواحد ، ونشرت التوجس والخوف وربما العداوة فيما بينها كل ذلك بسبب طرح مواضيح ، ثم الإدلاء بالآراء حولها من مختلف العقول والأفهام والتي ربما لا يعلم غالبيتها علمياً ولا ادراكاً عن الموضوع المطروح تمام العلم والمعرفة ، سواء كان الموضوع دينياً أو أدبياً أو رياضياً أو اجتماعياً مثلاً أو خلاف ذلك .

نرى وفي خضم ذلك أن تكون المجموعات متخصصة ، وبأعداد قليلة جداً لا تتجاوز عدد الصف الدراسي في المدرسة أو المحاضرة مثلا ، بين عشرين إلى ثلاثين فرداً ، ومن نفس التخصص والإهتمام مثلاً ، سواء طلبة علوم دينية أو المتمكنين من ذلك ، أو الرياضة أو النحو والأدب والشعر ، وقس على ذلك .

أما هذه الطريقة فهي غير نافعة بالمطلق ، خاصة مع الإنتصار للرأي الفردي أو الثاني أو الفئوي وإن كان خاطئاً بالدليل والإثبات من الأساس ، ولكن العزة تأخذ بالإثم كثيراً

لم يعد الواتسأب للتسلية ، وننصح كل من يستهوون إنشاء مجموعات الواتسأب أن يراجعوا أنفسهم ، ويرحموا مجتمعاتهم من بعض المجموعات التي تثير النفوس ومن ثم الفتن لا سمح الله تعالى ، والتي لا طائل منها غير ذلك ، وأن يغربلوا المجموعات من جديد ، لوضع كل شخص في المكان المناسب له ، دون داع لإضافة الشخص الواحد نفسه في عدة مجموعات ، وأن تطرح الموضوعات الهادفة والتي تخص كل مجموعة حسب اختصاصها ، ولا مانع من التنوع بشرط مراعات الدين والعرف والقوانين الوضعية التي تعنى بها الدولة ، لأننا مسائلون عن ذلك بلا شك ، ومعرضون للثواب والعقاب في الدنيا والآخرة .

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×