ثلاثي أنثوي “لا يسمع”.. ولكن يُبدع ويتطوّع العلوي والعلقم والمحسن فرّقهنّ العمل وجمعتهنّ خدمة الصُّم

القطيف: شذى المرزوق

لم تقطع سنوات الغياب حبل الصداقة الذي ربط علاقة صفاء العلوي من صفوى، وإسراء العلقم من القطيف، ورملة المحسن من العوامية.

وسبق أن التقت الثلاث، وهن من فئة الصم، على مقاعد الدراسة في معهد الأمل للصم والبكم في القطيف، مروراً بالتخرج، ومن ثم توجهت كل واحدة منهن إلى شق طريقها الخاص نحو المستقبل.

واستكملت رملة دراستها الجامعية، لتكون إحدى موظفات شركة أرامكو السعودية، فيما توقفت إسراء عن الدراسة، واكتفت بممارسة الفن والرسم على اللوحات، أما صفاء، فعزفت أصابعها على لوحة مفاتيح الأجهزة الذكية، متدربةً على برامج الحاسوب، وهو ما أهّلها لإدارة الانتاج في احدى الشركات.

الصديقات الثلاث اجتمعن من جديد قبل عام، تحت مظلة التطوع، لتأهيل فئة الصم، في بادرة إنسانية واجتماعية، تساعد هذه الفئة على المضي قدماً، إذ قدمت الفتيات نموذجاً في العزم والإصرار والطموح.

بمساعدة مترجم لغة الإشارة سجاد الحلال، وهو من مدينة سيهات، التقت “صُبرة” الصديقات المتطوعات في الجمعية الناشئة “أقوياء معاً للتأهيل”، التي لا تضم في عضويتها ومجلس ادارتها إلا فئة الصم فقط، وتستهدف تطوير وتمكين الأفراد من الفئة ذاتها.

أعضاء مجلس إدارة جمعية الصم

التعامل الراقي

في البداية اتفقت الفتيات على مبدأ التعاون، لتمكين ذوات الإعاقة السمعية، وقوة الإرادة التي تجعلهن فخورات بما أنجزن رغم التحديات. ولم تمثل الإعاقة السمعية، حاجزاً أمام الطموح لديهن، في مؤشر أن مقياس النجاح هو العزم والإيمان القوي.

 وتحدثت رملة المحسن عن أريحية العمل في شركة أرامكو السعودية، وهي تعمل الآن في مركز التدريب لإدارة الموارد البشرية، بعد أن بدا الأمر صعباً في بداية تعيينها قبل عام. واستدركت “لكني سرعان ما تأقلمت مع بيئة العمل في الشركة، حيث أن التعامل الراقي هناك، جعلني أتقدم بطموح أكبر وبداخلي هدف الوصول للأفضل”.

وعن بداية تعيينها قالت رملة “تخرجت في جامعة جالوديت في الولايات المتحدة الأمريكية بتخصص إدارة أعمال، وعدت بحماس أبحث عن عمل، لم أصب باليأس، رغم استمرار محاولاتي وتقديم أوراقي وسيرتي الذاتية، في العديد من الشركات”.

وتابعت “مرت الأشهر ومرت سنة، وأنا في رحلة البحث عن وظيفة، حتى جاء اتصال القبول من شركة أرامكو السعودية”.

وأكملت “كما انني سعيدة بالعمل والتقدم المهني، فأنا أيضاً سعيدة بعملي في ظل عملي في الجمعية، حيث نسعى جميعاً لتطوير ودعم الصم على أمل تحقيق منجزات اجتماعية متميزة”.

الدراسة في الخارج

الأمر كان مختلفاً عند اسراء العلقم، التي لحقت بشغفها في الفن والرسم، بعد أن شعرت بتوتر وتشويش، لم يساعدها في التأقلم على الدراسة في أمريكا، كما هي حال لدى زميلتها رملة.

وقالت “أن تدرس مع مجموعة من السامعين، وأنت من فئة الصم، فليس الأمر بالسهل، بل كان التشويش في داخلي من جراء ذلك سبباً في توقفي عن الدراسة، وعودتي إلى الوطن، حيث وجهت كل طاقتي نحو شغفي وهوايتي وهو الرسم”.

وعن الفن قالت “تقدمت كثيراً في هذه الموهبة التي كنت أمتلكها منذ الصغر، وشاركت في معارض عدة وملتقيات فنية في القطيف وخارجها، من ذلك حصولي على المركز الأول في أحد معارض الرياض عام 2009”.

وأضافت “هناك جانب مشرق في حياة كل فرد من فئة الصم، حيث يمتلك الكثيرون منهم مواهب متعددة، يستطيعون العمل عليها للنهوض بأنفسهم، وتحقيق التقدم، ولذلك فأنا في الجمعية أشجع فئة الصم على العمل في تطوير هذا الجانب، ليرى النور”.

سنوات الدراسة

 من جهة أخرى، كان جل اهتمام صفاء العلوي وتركيزها على الجانب التطوعي الاجتماعي. وصفاء (32 عاماً) التي اكتفت بشهادة الثانوية العامة قالت “بدايةً توجهت إلى التدريب الحاسوبي، حتى أتقنت العمل على البرامج، وعملت مديرةً ومشرفة إنتاج في احدى الشركات لمدة 14 سنة، وهناك تم تكريمي باعتباري موظفة مثالية، إلى أن قدمت استقالتي هذا العام، قبل أن أتوقف لأنضمَّ مع زوجي محمد الصادق، عضوين في الجمعية، برفقة العديد من الزملاء وأعضاء الإدارة الداعمة لكل ما يخدم فئة الصم”.

 وقالت “يهمني جداً الفئة الناشئة من الصم، الذين يمثلون جزءاً مهماً من المجتمع، وبإمكان أي شخص منهم أن يكون عنصراً فاعلاً وبقوة”، مبينةً دور الجمعية الداعم لهذا التوجه الذي من أجله اجتمعت الصديقات من جديد، بعد سنوات الدراسة الثانوية، في عضوية جمعية الصم.

6 رجال

وعن الجمعية، قال رئيسها “بدأنا نهاية 2019 وتحديداً 18 ديسمبر، وقد توقف العمل فترة طويلة جراء جائحة كورونا، التي أوقفت الكثير من مجريات الحياة الطبيعية، حتى عدنا من جديد هذا العام بتطلعات واعدة، بدأت بفكرة مصدرها أنا والمدير التنفيذي للجمعية محمد الصادق، سعياً نحو تطوير فئة الصم، وتقديم برامج تأهيلية واجتماعية يشاركون فيها المجتمع، لتعلم لغتهم وحياتهم وينخرطون في بناء المجتمع”. وقال “حتى الآن، تضم الجمعية 4 سيدات، و 6 رجال، ونطمح في انضمام الكثيرين إلينا”.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×