دارين.. مُبتدأُ الدبلوماسية السعودية أول معاهدة خارجية رسمية منذ التأسيس.. أول صفقة طيران

إعداد: هاجر الدوسري

  • المكان: جزيرة دارين،
  • الزمان: 18 صفر 1334هـ، الموافق: 26 ديسمبر 1915م،
  • الوثيقة: معاهدة سعودية بريطانية،

الطرفان:

  • الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، حاكم نجد وملحقاتها.
  • السير السير بيرسي كوكس، المعتمد السياسي البريطاني.

وبموجب هذه الوثيقة؛ سجّلت بريطانيا العُظمى اعترافها بأن نجد والحسا والقطيف والجبيل وتوابعها هي بلاد ابن سعود وآبائه من قبل، حاكماً عليها مستقلاً، ورئيساً مطلقاً على قبائلها، وبأبنائه وخلفائه بالإرث من بعده.

حدث ذلك؛ في جزيرة دارين، المجاورة لجزيرة تاروت، قبالة قوس القطيف البحري الصغير؛ ووُضع أولُ حبرٍ على ورقٍ في أول وثيقة دبلوماسية وقّعها المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، مع دولة خارجية.

فصارت دارين مبتدأ الرحلة الدبلوماسية السعودية، التي راحت تتطوراً يوماً بعد آخر، وتتشعب وصولاً إلى دخول المملكة الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1945م، ومن بعدها دخول اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961م، ومن ثم دخولها اتفاقية فينا للعلاقات القنصلية عام 1963م.

بناء العلاقات

رحلة طويلة جداً، تزامنت مع رحلة بناء الدولة التي أسسها الملك عبدالعزيز باستعادة الرياض سنة 1319هـ، وكانت معاهدة دارين؛ بعد 3 سنوات فقط على انضمام الأحساء والقطيف إلى حكمه سنة 1331م.

لكنّ المعاهدة الأولى لم تستمر سوى 12 سنة فقط. ففي عام 1927؛ تمّ تعديل المعاهدة بمعاهدة ثانية، ليتبلور من وقتها الدور الواضح للدبلوماسية السعودية بدءاً من مؤتمر الكويت عام 1916م وانتهاءً بالقمم التاريخية التي عقدها الملك عبد العزيز مع الرئيس الأمريكي روزفلت وغيره من قادة العالم حينها، وجميعها عزّزت سيادة الدولة الوليدة.

وزارة الخارجية

الثابت تاريخياً، أنه بعد أن أرسى الملك عبد العزيز قواعد توحيد المملكة، أدرك أهمية وجود جهاز مختص بتنظيم الشؤون الخارجية، حيث كانت الشعبة السياسية تتولى إرسال المبعوثين وتوقيع المعاهدات، وفِي 19 ديسمبر 1930 تأسست وزارة الخارجية، كأول وزارة في المملكة وتقلد الأمير فيصل ـ الملك لاحقاً ـ منصب الوزارة. ثم توسع التمثيل الدبلوماسي للمملكة بتطور أنشطة وزارة الخارجية وبعثاتها الدبلوماسية، بما يتمشى مع توسع العلاقات الدولية، ولعل دخول المملكة لعضوية الأمم المتحدة كدولة مؤسس في عام 1945م قد فتح الباب على مصراعيه لعلاقات مميزة مع باقي دول العالم.

في ذلك العام أيضاً (1945) أطلقت معاهدة تأسيس جامعة الدول العربية والتي بدأت بـ7 دول عربية، منها المملكة التي اتسعت مشاركاتها الدولية والإقليمية.

وتوسعت المشاركة الدبلوماسية السعودية، بتوسع علاقاتها الدولية، ما أهّلها لتأكيد تأثيرها عبر قنواتها الدبلوماسية.

وكان دور الوزير الأول مؤثراً جداً في بناء العلاقات السعودية الخارجية، وفي التعامل مع الأزمات، والتعامل مع التقلبات الدولية. وقد حمل حقيبة الخارجية على مرحلتين، الأولى من عام 1930 إلى 1960م، والثانية من 1961 إلى 1975م، وقد حملها وهو ملك أيضاً.

ومن بعده تسلّم نجله الأمير سعود الفيصل حتى 2015؛ وعاصر 4 ملوك.

سعود الفيصل

تعاقب على حقيبة الخارجية السعودية 7 وزراء حتى الآن، أخرهم الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود.

وبعد تعيين الأمير سعود الفيصل وزيراً للخارجية دخلت السياسة السعودية عصراً جديداً من الندية والجدية، وكان دوره حاضراً وفاعلاً في الساحة الدولية، وساهم خلال 40 عاماً في إطفاء نيران المنطقة وتهدئة الأوضاع، والتزام تام بنصرة القضايا العربية والإسلامية، خاصة القضية الفلسطينية وبشكل وصفه الأمين العام الأسبق للجامعة العربية بقوله: “كان يفهم القضية الفلسطينية فهما أقام عليه سياسةً كان يمكن أن تقود- لو كان الطرف الآخر عاقلا- إلى وضع حل لتلك الأزمة المعقدة بما يضمن تحقيق تقرير المصير”.

في ذلك العام أيضاً، اشتعلت الحرب الأهلية اللبنانية، وقد استطاع الفيصل ـ بتوجيهات الملك فهد ـ التواصل مع جميع الأطراف والخروج بـ”اتفاق الطائف” التاريخي (1990) بدءا من مؤتمر بيت السلام عام 1976م الذي شكل أولى الخطوات الدبلوماسية لإنهاء الحرب وحتى اقتراحه تشكيل قوة سلام عربية لحل الأزمة، أنهت الحرب الأهلية اللبنانية بحل مرض لجميع الأطراف، وأخرج ذلك البلد الشقيق من دائرة الحرب إلى دائرة السلام والاستقرار والنماء.

9

اتفاقيات دولية

وخلال هذه الفترة أيضاً انضمت المملكة إلى اتفاقيات دولية عديدة، منها اتفاقية حماية الدبلوماسيين 1973م، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1998م، كما اقتحمت بجرأة ملف الصراع العربي الإسرائيلي وطرحت عام 1981 مبادرة السلام العربية عندما كان الملك فهد وليا للعهد، وأيضاً الميثاق العربي لحقوق الإنسان (2004م)، ومن ثم احتضنت المملكة اتفاق مكة بين حركتي فتح وحماس (2007م)، وتوجت رسالة السلام التي تحملها الدبلوماسية السعودية بإنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات “كايسيد” عام 2012م، وذلك في عهد الملك عبد الله.

ما بعد الفيصل

وبعد إعفاء الأمير سعود الفيصل (29 أبريل 2015م) لظروفه الصحية، تولى عادل الجبير سدة الدبلوماسية السعودية، لتتواصل الجهود الملموسة بتعميق علاقات المملكة بأشقائها العرب، وتحديداً العراق، وتوجت كل هذه الجهود بلقاء الملك سلمان برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، حيث أطلق الملك سلمان في 2017 م مجلس التنسيق السعودي العراقي، منهياً بذلك تراكمات ما بعد أزمة غزو العراق للكويت والمساهمة الحثيثة في عودة العراق العربي إلى حاضنته الطبيعية عبر بوابة الرياض.

وفي 12 ديسمبر 2018 م، أعلنت المملكة بقيادة الملك سلمان الاتفاق على فكرة تأسيس كيان لدول البحر الأحمر، لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وتعزيز الأمن والاستثمار والتنمية لدول حوض البحر الأحمر، وحماية التجارة العالمية وحركة الملاحة الدولية، ويضم الكيان  السعودية ومصر والسودان وجيبوتي واليمن والصومال والأردن.

وأثناء جائحة كورونا، برز دور المملكة الريادي من خلال تبنيها لاسترتيجيات استباقية ودعمها للجهود الدولية في مكافحة هذا الوباء، ومن قبل ذلك، حملت المملكة راية مجموعة العشرين لعام 2020م، ويعتبر استضافة الرياض للمجموعة فرصة رائدة على مستوى العالم العربي، وتعكس مكانة المملكة على الصعيد الدولي.

وهكذا، يستمر العمل الدبلوماسي السعودي الدؤوب لتحقيق مصالح وأمن واستقرار المنطقة، وبروز دور المملكة الريادي في شتى المحافل والمجالات.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×