“هندسة المستقبل” تصفّ الطوابير للحصول على “توقيع” عباس الشماسي يحضر في كلمات التأبين ويسرد قصة "الرائد الاجتماعي"
القطيف: ليلى العوامي
لم تكن ليلة توقيع كتاب “هندسة المستقبل، للمهندس عباس الشماسي ـ يرحمه الله ـ بالعادية أو التقليدية، إذ توافد محبو الفقيد على قاعة عباس رضي الشماسي في جمعية القطيف مساء أمس (الأربعاء)، وما إن دخلوا بوابة القاعة، حتى تكرّرت عبارات الترحم وسرد الذكريات والمواقف التي سجّلها في حياته التطوعية الطويلة.
ورغم رحيله، إلا أن روح الشماسي كانت حاضرة في المكان، وهو ما عبر عنه المهندس منير القطري رئيس مجلس إدارة جمعية القطيف الخيرية، الذي قال عن الأمسية إنها “أكبر من توقيع كتاب، بل هي أمسية للوفاء، وذكرى لرحيل رجل الخير والعطاء، إحياءً لمسيرة إنسان وشخص أفنى عمره لعمل الخير وخدمة المجتمع”.
الحضور كان كبيراً، حرص الجميع على استرجاع ذكريات الماضي الجميل مع الراحل عباس الشماسي، ويقولون عنه “كان يقف هنا، وهناك، كان يبتسم للحضور، متحدثاً لهم بالحديث الأخوي الطيب”.
وافتتح الأمسية عصام الشماسي، وبعدها رتل القارئ حسين البحار آيات من الذكر الحكيم. ثم تحدث القطري بحديث أشار فيها إلى الشماسي، وقال إنه “الإنسان الذي وضع بصماته في كل المؤسسات الخيرية”.
وأضاف “باسمي، وبالنيابة عن مجلس ادارة خيريه القطيف ومنسوبيها من موظفين ومتطوعين، أرحب بكم جميعاً في قاعة المرحوم المهندس عباس الشماسي، ونلتقي هذه الليلة لتوقيع كتاب “هندسة المستقبل”، للفقيد العزيز أبي فاضل، ولكنها بالنسبة لنا في خيرية القطيف، أمسية أكبر من توقيع الكتاب، انها أمسية وفاء، وذكرى رجل خير وعطاء، ونحن في هذه الليلة نحيي تلك المسيرة الانسانية النبيلة، لشخص أفنى عمره لعمل الخير وخدمة المجتمع”.
وتابع رئيس الجمعية “الشماسي انسان حمل المسؤولية الاجتماعية، ووضع بصماته في كل المؤسسات الخيرية، والمواقع المجتمعية التي أدارها خلال مسيرته في خيرية القطيف، وقيادته وإدارته لهذا الصرح لسنوات”.
وقال “القاعة التي نجتمع فيها اليوم، قاعة تحمل اسم الفقيد، وما هي إلا ثمرة عمله وقيادته ومجهوداته في لجنة التنمية، والمجلس البلدي وحملة الايمان، ومتابعاته لكل ما له علاقة بهموم هذا البلد وخدمة هذا المجتمع”.
عمل الخير
ووعد القطري الشماسي بالوفاء الدائم، من خلال المحافظة على إرثه الاجتماعي والتربوي وقال “نحن في خيرية القطيف، سنبقى أوفياء لذكراك، وستبقى انجازاتك وأعمالك الخيرية نبراساً وقدوة لنا، لنواصل العمل وتكملة المشوار في عمل الخير وخدمة المجتمع، ونتضرع الى المولى عز وجل بان يتغمد فقيدنا السعيد بواسع الرحمة والمغفرة”.
استشراف المستقبل
وفي جانب آخر، قدم نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية عبدالمحسن الخضر قراءة نقدية لكتاب “هندسة المستقبل”، واصفاً الكتاب بأنه رحلة عشق قائلاً “الكتاب سجل حافل بالمنجزات، حفرهُ الكاتب المرحوم المهندس بيده في عدة مجالات مهنية واجتماعية ووطنية”.
وأضاف “كتاب هندسة المستقبل يعتبر رؤية بانورامية واسعة لدور العلم والثورة الإدارية الحديثة، باعتباره يركز على جوانب التخطيط والإدارة، واستشراف المستقبل، وإدارة الجودة الشاملة، وكذلك التنمية المستدامة، طارحاً رؤيته بصور مستقبلية مشرفة”.
التعاون الوثيق
وصنف الخضر محتويات الكتاب بنسب دقيقة، وقال “تضمن 50 مقالة للفقيد، تنوعت وتباينت بنسبة 30 % بين التخطيط والإدارة، واستشراف المستقبل، و20% في الجانب الاجتماعي والوطني، ومماثل لها في القطاع الثابت غير الربحي، و 15% تحدث فيها عن مقالاته في إدارة الجودة، وبالمثل في إدارة هندسة المشاريع”.
وتناول الخضر من خلال قراءته للكتاب 3 موضوعات رئيسة محورية وجوهرية مهمة؛ الجانب الأول تحدث عن إدارة الجودة في عدة مقالات، ووجده يربط بين هذه المقالات، طارحاً مصطلحاً جديداً في علم الجودة. وقال إن الجودة هي مطابقة المواصفات، وهي ثلاثية الأبعاد (جود التصميم، وجودة الأداء، وجودة المنتج)، وأيضاً تحدث على أنها ثورة ادارية وتطوير فكري شامل، وثقافة تنظيمية، تعتمد إدارة فلسفة التغيير”.
وقال الخضر إن الشماسي في إحدى مقالاته في جودة الإنشاءات، والبناء، أشار إلى تجربته الواقعية، وأكد أن الجودة تتحقق من خلال التعاون الوثيق بين العاملين”.
وأكمل “حينما ننتقل في مقالات الجودة، نرى الشماسي يستعرض منهجية علمية، وممارسة واقعية، فتارة يتحدث عن الخطوات الأساسية لإدارة الجودة الشاملة، وأخرى يتحدث عن المتطلبات الضرورية اللازمة لتطبيق الجودة”.
أرقام لا تكذب
وأضاف الخضر أن الشماسي في إحدى مقالات، وهي بعنوان “بيئات العمل ودور القادة”، تحدث عن القيادة بقوله “إن لم يكن القائد متطلعاً إلى الاستكشاف والتنبؤ بالتحديات والقوى الحقيقية التي تقع حائلاً دون الإبداع، فليس بقائد”.
وأشار الخضر إلى مقالة أخرى للشماسي بعنوان “أرقام لا تكذب”، قائلاً “هو هنا، يتحدث عن القائد الملهم، وذلك بوصفه أن القائد هو من يلهم روح التغيير للفريق، وأن القيادة يتم قياسها كمياً عن طريق الأداء، الذي يعطي مخرجات نوعية بالأرقام”.
الجانب الثالث
أما الجانب الثالث، فيقول عنه الخضر إن “النصيب الأكبر لمقالاته كان الحديث عن التخطيط الإستراتيجي، الذي يربط بين الإدارة، والإبداع، مركزاً على أهمية التخطيط في علم الإدارة الحديث، كونه أداة إدارية مستمرة وعملية مهمة لدعم القيادة التي من خلالها تعطي دعماً لمضامين الأهداف”.
وأضاف الخضر “لقد أشار الشماسي في مقالة أخرى إلى استحداث إدارة مختصة للتغيير، وبين سبب الفشل في تنفيذ الإستراتيجيات، كما تناول التحديات التي تواجه الكيانات والمنظمات في تنفيد هذه الإستراتيجيات”.
وقال “أطرق الشماسي بقوله أن السبب الرئيس في هذا، هو إقصاء العاملين والمنفذين من إشراكهم في عملية التخطيط الذي يعتبر ركناً من أركان التخطيط الإستراتيجي، إذا غيبنا الموظف أو المنفذ عن إشراكه في الأهداف، لن يتناغم في تحقيق الأهداف العليا للمنظمة”.
تخلل الأمسية كلمات من شخصيات دينية اجتماعية وكُتاب، من خلال فيلم وثائقي، تم عرضه في أكثر من 20 دقيقة، عرض فيها المتحدثون ما عرفوه عن الراحل ومواقفه وعطاءاته، واُختتمت الأمسية بتوقيع أبناء الراحل كتاب والدهم “هندسة المستقبل” لجميع من حضر وأقتنى الكتاب.
شاهد الفيديو: