[كتاب] الخبّاز يفكك فانتازيا أبي العلاء المعري في “قصة الفرس والبغل” إعادة إحياء رسالة غير معروفة تذكر القطيف وتُشيدُ بفضائل أهل البيت
القطيف: صُبرة
في 120 صفحة؛ صدر ـ اليوم ـ عن دار الكتب العلمية ببيروت كتاب “قصة الفرس والبغل: نسخة ميسرة ومختصرة لرسالة الصاهل والشاحج لأبي العلاء المعري”، وهو الكتاب الذي سبق أن حققته الدكتورة عائشة بن عبد الرحمن، المعروفة بـ ” بنت الشاطئ”، عام 1975م.
وقال مؤلف “النسخة الميسّرة” الشاعر والكاتب محمد الخباز لـ “صُبرة” إن الرسالة الأصل “كُتبت من قبل أبي العلاء بلغة شديدة الوعورة من حيث الألفاظ” ولهذا السبب “لم تلقَ رواجاً عند أهل الأدب قديماً وحديثاً، كما لقيت رسالته الذائعة الصيت “رسالة الغفران”، وعلى الرغم من تحقيق بنت الشاطئ لها ومحاولتها شرح مفرداتها الوعرة؛ بقيت هذه الرسالة مجهولة عند الأدباء لا يعلمُ عنها إلا القلة، ولا يقرؤها إلا المختص في اللغة”.
وأشار الخباز إلى إقرار المحققة بنت الشاطئ “بصعوبة مطالعة الأديب لهذه الرسالة وتمنت أن تُصدِر منها نسخة ميسرة للأدباء، فقالت في مقدمتها “وأُدركُ أنها -أي رسالة الصَّاهل والشَّاحج- في نصِّها الكامل هنا، لن تكونَ ميسَّرةً لجمهور المثقفين الذين يعزُّ عليَّ ألا يُطالعوا هذه الذخيرة النادرة من ذخائر تراثنا. فلعل الفرصة تتاح للقيام بتجريد نصّ (الصَّاهل والشَّاحج) مما يتخلل سياق الحوار من أمَالٍ صعبة وألغازٍ مُجهدة ونكتٍ عروضية بالغة الدقة، لتُقدَّم منه نسخةٌ ميسرةٌ لجمهور القرَّاء في الوطن العربي”. لكن الفرصةَ لم تُتَح لها لتعمل على تلك النسخة الميسرة، وجاء هذا الكتاب ليحقق ما تمنته بنت الشاطئ”.
رسالة تظلّم
وعن محتوى الكتاب الأصل قال الخباز إنه “رسالة وجهها أبو العلاء إلى (عزيز الدولة) فاتك، وهو غلام رومي للحاكم بأمر الله الفاطمي في مصر، وقد كان مُعجباً به فولاه حلب وأعمالها سنة 407هـ. وقد أملاها تحت ضغطٍ وإلحاح من بني أخيه، لكي يرفع مظلمتهم إلى والي حلب، وهي تتعلق بأرضٍ لهم قاحلة، رفع الجُباةُ أن عليها مالاً ينبغي أن يؤدوه إلى بيت المال.
ووسط شائعات الحرب بين الفاطميين والروم التي كانت تدور بين الناس في تلك الفترة؛ كتب أبو العلاء رسالته بذكاء بالغ على شكل قصة تدور حواراتها المتخيلة بين البغل الذي يعمل في تلك الأرض وحيواناتٍ أخرى.
وقد تضمنت هذه الحوارات مناقشات ظريفة وذكية في اللغة والشعر والعروض والأدب والدين، إضافة لتعرضه ضمن أحداث القصة إلى الوضع السياسي في تلك الفترة وأثر الحرب في الشعوب التي ستعاني من ويلاتها. ولولا اللغة الصعبة التي كتب بها أبو العلاء هذه الرسالة لكان في مطالعتها متعة لكل أديب.
القطيف
وقد وردَ في هذه الرسالة اسم (القطيف) بشكل عابر في إحدى الجمل باعتبارها مضرباً للمثل في (الحُمَّى) وذلك ربما لأنها تقع في منطقة ساحلية تكثر فيها الأوبئة في ذلك الزمان مثلها مثل (خيبر).
كما أن هذه الرسالة احتوت في العديد من مواضعها على الإشادة بفضائل الإمام علي بن أبي طالب وبعض أبنائه، عليهم السلام.
أهل البيت
من هذه المواضع ـ مثلاً ـ قول أبي العلاء من باب الألغاز اللغوية وهي كثيرة في الرسالة: (العِلْمُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ “الْحَسَنَ” صلى الله عليهِ لَمْ يَرَ الْحُسَيْنَ قَطُّ. وَأَن “الْحُسَيْنَ” صلى الله عليه لَمْ يَرَ “الْحَسَنَ” قَطُّ؛ وَأَنَّ “فاطمةَ” لَمْ تَرَ فِي بَيْتِهَا عَلِيًّا، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَأَتْهُ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ، وَأَن الخَلَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا سَلَف بِحَضْرَةِ “عَلِيٍّ بْنِ الْحُسَيْنِ” فَيَتَكَلَّمُ وَيَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ، وَأَنَّ “مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الباقر” عليه السلام، وَهُوَ وَالِدُ “جعفرِ الصادقِ” لَم يَرَ فِي دَارِهِ جعفراً قَطُّ؛ وَأَنَّ “الحَسَنَ والحُسَيْنَ” كَانَا يَأْخُذَانِ البَثَّ بِأَيْدِيهِمَا فَيَجْعَلَانِهِ فِي أفواهِهما، ثُمَّ يَنْزِلُ إلَى الصُّدُور مِنْهُمَا. وَأَنَّهُمَا كَانَا يتطهرانِ بالبُسْرِ ويغتسلانِ مِنْهُ. وَكَانَ “عَلِيٌّ” عَلَيْهِ السَّلَامُ يَرْحَمُ الْأَرْمَلَةَ وَيَبَرُّ الْيَتِيمَ وَيَضْرِبُ بِحَدِّ سَيْفِهِ أَم الصَّبِيَّيْنِ، وَيَقْطَعُ يَدَ الْفِيلِ عَلَى السَّرَقِ. وَكَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الأَعْرَجِ والأُعَيْرِجِ وَهُمَا فِي الْحَرَمِ، وَيكْرَهُ دُخُولَ الْأَعْمَى الْمَسْجِدَ. وَكَانَ يُنْصِفُ الْخَسِيسَ مِنْ أَهْلِ الْأَقْدَارِ، ويُوطَأُ الْجَلِيلُ فِي زَمَانِهِ بِالْقَدَمِ. وَكَان يَلْعَنُ الْبَقَرَةَ وَلَا يَقُولُ فِي الثَّوْرِ إلَّا خيراً، وَيُصَلِّي إنِ اتَّفَقَ لَهُ فَوْقَ الْعَنْزِ. وأكَلَ الصَّقْرَ وَلَمْ يَأْكُلِ الْبَازِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ. وَكَان يُعلِّمُ الْبَازِيَ أَفْعَالَ الصَّالِحِينَ فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ وَإِلَّا أَدَّبَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ السَّوْطِ).
- اسم الكتاب: قصة الفرس والبغل: نسخة ميسرة ومختصرة لرسالة الصاهل والشاحج لأبي العلاء المعري
- المؤلف: محمد الخباز
- عدد الصفحات: 120 صفحة
- اسم الدار: دار الكتب العلمية ببيروت
- سنة الصدور: 2022