[أمسية] الشيخ الفرج يدافع عن “نيتشه”.. وآل غريب يبرّر كثرة مسابقات الشعر السيرة والرأي والإنتاج على منصة شعراء القطيف

القطيف: أمل سعيد، ليلى العوامي

أنا أتعب في الدراسة الحوزوية.. ولكنني أحاول أن أمزج علم الحوزة مع الشعر”.. هذا ما أجاب به الشيخ علي الفرج عن سؤال الشاعر حبيب المعاتيق، الليلة، حين حلّ ـ والشاعر ياسر غريب ـ ضيفين على منصّة شعراء القطيف، في أمسية شعر.

وكانت “أكثر من أمسية” على حدّ تعبير المعاتيق الذي قدّم الشاعرين وحاورهما، ووصفهم بـ “الفارعين”. وكانت أكثر من شعر، وكانت أكثر من مفاجأة بين شاعرين، أحدهما حصد الجوائز تلو الجوائز حتى وصفه شاعر في القطيف بـ “سندباد الجوائز”، والآخر يتحدث عن نيتشه ويصفه “عالماً بحق.. وأثّر فيّ، وبعضهم لا يحبه لأنه ملحد”، ويعلّق بجرأته “خذ العلم من أهل العلم من أي مذهب”.

دفاع

الشاعر المعمم دافع عن نيتشه.. أما الشاعر المعلم؛ فقد دافع عن مسابقات الشعر “أنا أنظر إلى الجانب الإيجابي، لها فوائد كثيرة، أولاً بصرف النظر عن المال، هناك جانب معنوي لا يمكن إغفاله، والجانب الإعلامي، هذا من حسنات المسابقات، والتعرف إلى وجوه جديدة، وأماكن جديدة، كلها فوائد.. ربما صحيح كثرت هذه المسابقات في السنوات الأخيرة؛ ولكن على الشاعر أن يختار المسابقة التي تناسب تجربته.. فلا يصح لشاعر كبير أن يزاحم مبتدئين”.

وأضاف “مثال محمد إبراهيم يعقوب.. شاعر جازان الكبير.. لم أعرفه إلا بعد فوزه في “أمير الشعراء”، صار رئيس نادي جازان الأدبي، وصار اسماً معروفاً في المملكة، وبدأ إصداراته للدواوين، وكأنها حياة جديدة، والمسابقات كثيرة جداً، على الشاعر أن يختار المسابقة بعناية، ولا يلهث وراء كل مسابقة”.

في حين قال الشيخ الفرج “قصيدة النثر من الفن الرائع جداً، ربما إذا طرقها الإنسان يكون أفضل من الشعر العمودي، لكن ما الفرق بين قصيدة النثر والخاطرة، الخاطرة لا يوجد فيها شرطٌ، في قصيدة النثر.. الشرط ألا يكون معنى المعنى.. شعر النثر أرفع من معنى المعنى.. معنى المعنى هو المجازات والكنايات.. الكناية والمجاز هي للشعر العمودي والتفعيلة.. 

ما هو الأرفع من معنى المعنى..؟ الإيحاءات.. التفاعل الوجداني. ومثلما دافع بالكلام، دافع بنصّ له، قال عنه إنه الأول في هذا المجال، لكن إذا استطعت أن تفتح رموزها فالقصيدة تكون ناجحة:

حبيبان كلما سالت عليهما نكفة الوجد يستفردان بالإمبراطورية تحت شجرة الليمون

يتبادلان تقشير الوقت

يتشبث الليمون بأقدامهما في نهاية النبيذ

جاء الفلاح برائحة المداخن

يحمل في يده شراهة ككأس

رجلاه كأسطوانتين تتقادمهما العضلات

نصف لحظة وشجرة الليمون تقوم على وسادة الوجع

وكلما سالت علينا نكهة الوجد

ذهب قلبي للمغتسل وقلبها للسقيفة

وحين سأل الشاعر فريد النمر: متى يبدأ الشاعر في الكتابة النثرية؟ وماذا تنصح أن يكتب أولاً؟

أجاب الشيخ الشاعر “يجب أن يكتب العمود أولاً، فلا يمكن أن يكتب النص النثري من لم يكتب العمودي، وأنت لا تمتلك حصيلة هائلة، ومعلومات وتجارب، فهي تطور عن الشعر العمودي”.

أما الشاعر الغريب فعقّب قائلاً “قصيدة النثر هي انفجار لغوي، القصيدة العمودية أو التفعيلة قد تكونان لهما مدارس خاصة أثبتت نفسها.. قصيدة النثر أرض قابلة للخصب.. محطة تجريبية للشعراء.. وحين كنا في الجامعة كانوا يدرسوننا الكراهية لقصيدة النثر، مثل شعر السنوسي:

قصيدة النثر مثل المشي جامدةٌ

والشعر كالرقص في سيقان أفكاري

هناك نماذج رائعة لقصيدة النثر.. أنا شخصياً لا أرفض ـ الرفض التام ـ قصيدة النثر، ولكن ليست الأولى والوحيدة ولكنها ضمن أجناس، أؤمن بالأجناس الثلاثة وبتداخلها، كما ذكر الشيخ؛ قصيدة لا يكتبها إلا بعد الشعر العمودي والتفعيلة.

الشاعر ياسر آل غريب

الشاعر ناقداً

التقط المقدم حبيب المعاتيق جانباً آخر للشاعر الغريب.. موضوع أن يذهب الشاعر إلى موضوع النقد..؟

فأجاب الغريب “الكتابة النقدية ربما لتأثير الدراسة الجامعية في النقد الأدبي جعلني  أهتم بهذا المجال، ولدينا ـ في المنطقة ـ احتفال بدواوين الشعر، وساعدتنا الأمسيات على الاقتراب من الشعر، بالإضافة إلى القراءات الشخصية، أنا قرأت كتاب الخطيئة والتكفير لعبدالله الغذامي مرة ومرتين و3 إلى أن اقتربت منه، وربما هو ما جعلني أتجه إلى حب الكتابة النقدية.

وما عملته في تجليات الهوية في الشعر الحسيني؛ هو فقد الجانب الولائي في الدراسات النقدية، وأنا انتبهت إلى هذه النقطة المهملة”.

ووجه المعاتيق سؤالاً مماثلاً للشيخ الفرج عن اهتمامه بشعر جواد جميل..

فأجاب الشيخ “كتبت كتابات، ربما ثلاثة نماذج، ولكنني غير مهتم بها، لأنها هامشية، وربما لو اهتممت بالنقد؛ لكنتُ أتكلم الآن بسعة.”

ثم قرأ الغريب نصاً.

تكوين البلاغة وكائن اللغة

بعدها؛ أمسك المعاتيق بالحديث مجدداً؛ وخاطب الشيخ الفرج: أحد الحضور يسأل عن كتابيك كائن اللغة، وتكوين البلاغة

فهلا تحدثت عنهما كمحاولة أدبية ونقدية؟ ويسأل عن شهادة الدكتور الفضلي فيهما؟

قال الشيخ “تكوين البلاغة اهتممت به اهتماماً كبيراً، لأننا ـ في الحوزة ـ لم نجداً كتاباً عن البلاغة ممتلئاً في علمه، وهذا الكتاب هو جسر بين البلاغة القديمة والبلاغة الحديثة، وهذا [السبب] هو ما جعلني أكتب تكوين البلاغة. وقد سمعت (ذكر أحدهم) أن الكتاب يدرس  في قم ولبنان.

أما شهادة الفضلي، فالمفروض ألّا أذكر الشهادة، دعوا الأشياء تمدح نفسها. وأنا أتذكر الشيخ 3 مرات في 3 مجالس يذكرني، فقد قال: أنا أعتبر هذا الكتاب هو أفضل كتاب كتب في البلاغة العربية.

أما “كائن اللغة” فهو وُلد أيام كتابتي تكوين اللغة رأيت أن بعض المعلومات غير مناسبة أن توضع فيه، وكنت أضعها في الهامش ثم رأيت أنها لو جمعت وطبعت فهذا جيد، و “كائن اللغة” اشتهر أكثر من “تكوين البلاغة” مع أن الأخير أكثر وزنا.

وطلب المعاتيق من الشيخ شعراً؛ فقرأ نصاً في رثاء السيد مصطفى جمال الدين. وقال إنه كتب في رثائه 3 نصوص، وعندي معه علاقة وطيدة، وليس هذا الحوار مناسباً للحديث عن علاقتي به. وقد قرأ الشيخ قصيدة وجهك وعام مشنوق [راجع أسفل المادة].

الشاعر والميديا

وفي اتجاه الشاعر آل غريب؛ باغته المعاتيق: في جانب الميديا ووسائل التواصل لعل لديك تجربة جميلة في هذا الجانب..

فكيف يكون الشاعر فاعلاً ومؤثرا في هذا المجال؟

فأجاب: لكل فترة زمنية أجواؤها الخاصة بالنشر. لنفترض أن شاعراً نشرت له جريدة اليوم قبل 30 سنة نصاَ، كان النشر في حد ذاته حدثاً كبيراً جداً، مع مرور الأيام أصبح النشر في الجرائد والمجلات أقل وهجاً، بسبب كثرة وسائل التواصل والسهولة، الآن بضغطة زر تصل القصيدة لمتابعيك بسهولة جداً.

وأنصح الشعراء بتقديم انتاجهم عبر وسائل التواصل، ولكن الكثرة الكاثرة تسبب تشبع، أنا أنظر للشعر على أنه عملة نادرة ولكن إن تشبعت بشاعر معين فإنك لا تراه. أنا أنصح بالنشر المتوازن والمتواصل بهدوء، مثلاً: تويتر يسمح لنا بنشر 4 أبيات وهي تصل بسهولة وبسرعة أكثر من القصائد الطويلة، فالأخيرة مكانها المنصات. لذا فأنا مع النشر ولكن بحذر.

اندماج

سؤال اتجه إلى آل غريب: في اندماجك بالنقد هل هناك تأثير سلبي أو إيجابي على تجربتك الشعرية؟

فقال: إذا أصبح الشاعر مهجوساً بالنقد سيتوقف حتماً، أنا أكتب في النقد، ولكني إلى الآن لم أتأثر بهذه الأجواء، ولم أصل إلى نقطة أن تحضر روح الناقد البغيض، وأتمنى أن لا أصل. على الشاعر أن ينطلق دون هذه القيود.

معنى المعنى

تعقيب من أحمد الماجد: ألا يمكن أن يوجد الإيحاء (معنى المعنى) في القصيدة العمودية؟

فقال الشيخ “إذا كان الشاعر متمكناً ومجيداً؛ فإنه سيأتي بهذه الإيحاءات، ولكن قصيدة النثر مختصة بهذه الإيحاءات، شعر النثر  الموجود في الغالب ليس شعر نثر وإنما هو خواطر.. وعقّب “هذا كلام خطير”.. ثم ضحك.. وأضاف “كثير ممن كتب قصيدة النثر لم يكتب شعراً.. بل خاطرات.. الغالب..!” وسأله المعاتيق: هل هناك ميزان.. فما هو ميزان قصيدة النثر؛ أجاب “الميزان داخل اللغة”.

جديد الشيخ

سؤال توجه إلى الشيخ  الفرج: آخر مجموعة شعرية طبعتها قبل 20 سنة فأين الجديد؟

فقال “بعد أسبوع إن شاء الله اتفقت مع حسين منصور الشيخ على مراجعة مجموعة كاملة، قصائد غير منشورة، ومتنوعة بعضها شعر وبعضها خاطرات وبعضها حكم، وقصص قصيرة جداً. وأنا أعتقد أن الحكم علم، كنت أيام قم أقول للأهل إذا قلت حكمة اكتبيها، بعد سنة أو سنة ونصف، سألتها عندنا حكم قالت: فوق الـ100..! المعاني جيدة وفيها خير، وربما يبلغ الكتاب  500 صفحة.

وختامها.. شعر

الشاعر حبيب المعاتيق؛ لمّح إلى الختام، وطلب من كل شاعرٍ نصاً أخيراً.. فقرأ آل غريب قصيدة كثافة صوت. فيما قرأ الشيخ قصيدة حفلة في القرن 21.

مقدمة الأمسية الشاعر حبيب  المعاتيق

————-

علي الفرج
ـ علي عبدالله علي الفرج.
ـ مولود في القديح 1391هـ، 1971م.
ـ أنهى الثانوية في القديح، ثم التحق بالدراسة الدينية في النجف ودمشق وقم.
ـ نُشر له:

1 ـ أصداء النغم المسافر، شعر 1417.

2 – نسيج المرايا، شعر، 1420.

3 ـ تكوين البلاغة: نحو إعادة صياغة للتراث البلاغي العربي.

4 ـ كائن اللغة.

5 ـ العباس بن علي.. بين الأسطورة والواقع.

 

زفاف قصيدة

بعثت في يوم المبعث ١٤١٩ هـ

ذكرتك والـدنـيـا دُمى تتكسـر

وذكراك في ماء القصـائد سـكـر

وصـوتك عطر في قمـاش مدينتي

ووجهك في وجهي بخور وعنبر

وطيف ذبحث الأنجم البيض حوله

قرابين .. يـا مـا ذوبـت فيـه أبحر

فيا طيفي الليلي لامس طفولتي

ففي كل عرق من عروقي مجمر

وظلل بلون السحب عشب خواطري

ليمطر من كفيك وحي مقطر

غرام .. تراني أم أراك .. تمازجت

فوانيسـنـا .. والـدم كـالليـل مقمر

( تراني ) ولو رفت بعينك نظرة

لضـاءت بأوراقي حروف وأسـطر

ودمعة حب في عيونك ضـحكة

كضحكتنا في عيننا تتكور

( أراك ) وفي وجهي ضـباب جرائمي

وأنياب إثمي في عظامي تحفر

وتنفخ في دربي فيسـقط من دمي

جدار وينمو للسـمـاوات معبر

محمد .. يا ثقل المجرة لم تزل

مساحة معناك الكبيرة تكبر

وكفك كف الله يـوم تـكسـرت

دمى خزفيات وها تتكسر

وضـوتـك صـوت الله جرس معلق

بسقف السما كم كان بالوحي يمطر

وروحـك روح الله تطلع في المدى

غصـونا وغضـن الله ريان أخضـر

ذكرتك غرس الله ينشـق في دمي

فسيلا وينمو للسحـاب ويثمر

وتقفز من قلبي لطيبة نبضـة

لها في الهواء الرخو حج ومشـعر

تلامس خضـراء القباب وحولها

من الشـوك بؤس كل ما فيه منكر

رؤوسـهم مهوى النيازك لو سـرى

أعـاليهم غيـم السـما يتعثـر

أكفهـم سجن وحول لحاهـم

ثعابين من حقـد ونصـب وأكثر

ذكرتك أفقا في زفاف قصـيـدتـي

وفي كـل معنى أنـت مـاء مطهـر

وأنت بأثواب السنا (متزمل)

وأنـت بـأجـفـان السـمـا (متدثر)

فيـا أيها المدثرون بضـوئه

إلى غابة الأصـنام «قوموا وأنذروا»

نبيكـم لولاه كـان إلـهـكم

هنا صخرة عمياء من أين يبصـر؟!

أعيدوا لحصـن الظالمين (عليكمُ)

ليقلعة .. نحن الحسـين وجعفـر

ونحن هنا المهـدي نرقب عزمنا

ومن كفنـا المـهـدي بـالعزم يظهر

ـــــــ

وجهك وعام مشنوق

مهداة إلى السيد مصطفى جمال الدين في ذكراه السنوية الأولى

تـمضـي ويـسـقـط عـامُ

وقلبك الأيـام
إن يصـمـت الضـوء عنّا

فوجهك الـبسـام
وتنطفي عـن رؤانـا

نـوارس و حمـام
وأنـت كـون حـكـايـا

وخـالـق رسام
تـمـضـي ويـطـفـو ضـرام

فـي عـمـرنـا وانـهـدام
وفي منانا اهتــزاز

يرجها وارتـطـام
هل مت يا سيد النخل

يا سـمـا يـا غمام..؟
والـدمـع منا حروف

و حزنـنـا أرقـام
لومت سُـجيَ شـعر

وجـنت الأقـلام
لو مت مات انـتـحـاراً

في كل ثغر كلام
لكن موتك غرس

فيه الـحـيـاة تـنـام
وكـل ذاتـك ثغر

مسبح لثام
وفـي شـفـاهـك حرف

بيـن الـحـروف إمـام
تمضـي ويُشنــق عـامُ

أيـامـه أيــتـام
تمشـي ونـمشـي إلى أن

تثبّتـت أقـدام
ارحل فلـون دمـانـا

تشـقـق وانـقسـام
وكل نقطة حب

في قلبها آلام
تمشي كطبع حياة

دروبـهـا أهـرام
حثيثة لم تقف إذ

تبـاطـأت الأقـزام
عام وفي كل حرف

من شـعـرنـا أورام
نسيتُ أنك لحن

في روحنـا عـوام
وأن كفك شـمـس

طافت بها الأجـرام
فلو تنـاغـي حسـام

غنى له « تـمـام
ولو تـلامـش كـأسـاً

صـلى لـهـا الـخـيـام
تمضـي ويُـطـعـن عـام

وتُـطـعـن الأعـوام
وأنـت تـحـمـل وجـهـا

فيـه الـمـنـافـي ركـام
حتى إذا هلّ ثلج

وحاصـرتـك سـهـام
شـردت مـثـل خيـال

وسـافـرت أنـغـام
وخـبأتك حبيباً

في مقلتيهـا الشـام
وفـوق رمـلـك

ورد وقبلة وسـلام

ــــــــــــــ

ياسر آل غريب

أعماله:
١-ديوان الصوت السعفي
٢-ديوان كثبان المسك
٣-ديوان أتنفس الألوان
٤- كتاب أيقونة الخصب ( دراسة نقدية )
٥- ديوان الحقيقة أمي ، والمجازُ
أبي
٦- ديوان المقفى على آثارهم
٧- كتاب تجليات الهوية في الشعر الحسيني

العضويات:
١- عضو نادي المنطقة الشرقية الأدبي
٢- عضو منتدى الكوثر الأدبي بالقطيف
٣ – عضو منتدى جاوان الأدبي بصفوى

الجوائز الأدبية
مثل:

– جائزة القطيف للإنجاز – فرع الأدب ١٤٣٠

جائزة شاعر الحسين – البحرين، ٢٠٠٩- ٢٠١٠- ٢٠١١

– جائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم – عجمان – الإمارات العربية المتحدة، فرع الشعر الفصيح وأدب الطفل

– جائزة البردة الدولية – أبو ظبي – الإمارات العربية المتحدة – ١٤٣٣
– جائزة شاعر الاعتدال – جامعة الملك عبدالعزيز – جدة ١٤٣٣
– جائزة النبأ العظيم – منتدى ابن المقرب – الدمام – للعامين ١٤٣٣-١٤٣٥

– جائزة الجود العالمية – كربلاء العراق ١٤٣٤-١٤٣٥

– جائزة ( قصيدة إلى طيبة ) نادي الرياض الأدبي – ١٤٣٤
– جائزة نادي جازان الأدبي – قصائد تعري الظلام – ١٤٣٥
– جائزة نادي جدة الأدبي – فن المعارضات الشعرية – ١٤٣٦
– بردة كربلاء – العراق

طَيْبَةُ .. مهبطُ الكواكب

أبصرتُ فيكِ الأمسَ يحتضنُ الغَدَا

وبكِ الجَمَالُ معَ الجَلالِ تَوَحَّدا

يا بقعةً ألقى الزَّمانُ رِكابَهُ

وأقامَ فيها كَفَّةً تَزِنُ المدى

لوَّنْتِ إيقاعَ الحياةِ , ولمْ يَزَلْ

طيرُ السَّلامِ على هواكِ مُغَرِّدا

والرَّملُ أصبحَ واحةً من عَسْجَدٍ

منذُ استضافتِكِ (النبيَّ مُحَمَّدا)

هذا الذي فتحَ الطريقَ بهجرةٍ

واختارَ شريانَ الإرادةِ مَقْصَدا

زرعَ المصائرَ في حقولِ مبادِئ

وأماطَ جَهْلا بالعقولِ مُعَرْبِدا

يا (طَيْبَةُ) ازدهرتْ معالمُكِ التي

في مُهْجَةِ التَّقْوى تجلُّ وتُفْتَدى

ما المسجدُ النَّبويُّ إلا مهبطٌ

تهوي بهِ كلُّ الكواكبِ سُجَّدا

أمْضَتْ عليهِ القُبَّةُ الخضراءُ مِنْ

سحرِ الجَنَى توقيعَهَا المتفرِدا

ومن (البقيعِ) تمورُ عابقةُ السَّنا

وجلالةُ الماضي تعانقُ سُؤْدَدا

و(قباءُ) ذاكرةُ المحاريبِ التي

صلَّى بها التاريخُ , واصطفَّ الصَّدَى

وكأنَّ (أُحْدًا) في شموخِ كيانهِ

راوٍ تعيشُ بهِ الرِّوايةُ سَرْمَدا

يا (طيبةَ) الأشذاءِ , مُذْ رفَّ الصَّبَا

آمنتُ أنَّ الحبَّ فيكِ تَعَدَّدا

روح ُالأماكنِ في رُبَاكِ تُحيطُ بي

وطبيعةُ الإلهامِ تُنْجِبُ فَرْقَدا

النَّخْلُ يَشهقُ بامتدادِ مطامحٍ

مازالَ ملءَ الكوكبيَّةِ سَيِّدا

وحمائمُ النَّجوى تلوحُ لخاطري

كالنِّيِّراتِ إذا الهديلُ تَوَقَّدا

وهناكَ في (وادي العقيقِ) بشارةٌ

ولكمْ لمحتُ على الجوانبِ هُدْهُدا

إيهٍ منوَّرَةَ الطيوفِ بلطفِها

ما جئتُ إلا بالهيامِ مُلَبَّدا

لمْ استطعْ رؤياكِ إلا مُغْرَقًا

فعليكِ تنعقدُ المحبَّةُ بالندى

فيكِ (ابنُ عبدِاللهِ) أَسَّسَ دوحةً

وبنى النفوسَ مِنَ (الإخاء) وشيَّدا

طاقاتُهُ تحوي الزُّهورَ جَميعَهَا

وبشَمْلِهِ وجهُ الصَّباحِ تَوَرَّدا

كَسَتِ السُّنون نوافذي بغبارِها

حتَّى إذا نبضُ الصَّفاءِ تَجَمَّدا

أسرجتُ يا وجهَ (المدينةِ) وجهتي

ولأنتَ في الآفاقِ بوصلةُ الهدى

أشتارُ من شهدِ النُّبوة ِلحظةً

قدسيَّةً فيها العُرُوجُ تَمَجَّدا

وَبِقَدْرِ أنفاسِ الخَلائقِ كُلِّهَا

أعلنتُ ميثاقَ السمَّاءِ مُجددا

———

ساعي بريدِ الشمس

مهداة إلى الشاعر علي بن المقرب العيوني.. عدَّاء المسافات الشعرية الطويلة، الذي حمل الرسائل الضوئية، وطاف بها حول الغربة من بلد إلى آخر..

سرى خارجَ المعنى على صَهْوَةِ المنفى
ولم يَلْقَ في مَسْرَى طموحاتِهِ سَقْفَا

بأضدادِهِ تبدو حقيقةُ ذاتِهِ
فكيفَ بها يشقى؟ وكيفَ بها يشفى؟

قَدِ اسْتَقْرَأَ الأيَّامَ في كلِّ موقفٍ
ولمْ يَرَ في الدُّنْيَا سوى ظلِّهِ إلْفَا

ومن فَرْطِ ما يهوى التُّرَابَ وَكُنْهَهُ
تَوَحَّدَ بِـ (الأحساءِ) في عشقِهِ الأوْفَى

ففي مُقْلَتَيْهِ نخلتانِ من الرُّؤَى
وفي قلبِهِ نبعٌ ترقرقَ واشْتَفَّا

إذا لمْ يَجِدْ مَاءً , ولمْ يَلْقَ تُرْبَة
تَمَسَّحَ بالمِصْبَاحِ  في لحظةِ الزُّلْفَى!!ً

وصَلَّى صَلَاةً لا انتهاءَ لِوِرْدِها
كَرَحَّالةِ العِرْفَانِ في سَيْرِهِ خَفَّا

يُحَرِّكُ في الآفاقِ آياتِ حُلْمِه
فلمْ يَعْرِفِ التَّسْكِينَ يَومًا ولا الوَقْفَا

على مَوْقِدِ الذِّكْرَى يُقَلِّبُ مُهْجَة
فيأسَفُ كيفَ الدَّهْرُ أوْسَعَهُ عَسْفَا

وكيفَ تَخَلَّى الوقتُ عن لَوْنِ نَبْضِهِ
وأغْفَلَهُ الرَّاوي ، وعن ذكرِهِ أغْفَى

لأحرفِهِ الحَمْرَاءِ رَدَّةُ فَعْلِهِا
تلاطمتِ النيرانُ إنْ قالَ : والَهْفَا..

من العَالَمِ الأقْصَى اسْتَمَدَّ هُوِيَّةً
وأَوْغَلَ في الأبعادِ ؛  كي يرميَ الطَّرْفَا

وعاشَ غريبًا غُرْبَةَ الدُّرِّ في الحَصَى
وماجَ على الدُّنْيَا بإشعاعِهِ الأصْفَى

وكمْ رَوَّضَ الإعصارَ ترويضَ حاذقٍ
وصَيَّرَهُ وردًا شَمَمْنَا به العَرْفَا

مراياهُ في ( بغدادَ ) موصولةُ الهوى
بأخرى له في ( الخَطِّ ) فَتَّانَةِ المَرْفَى

حوى سرَّ  ( وادي عَبْقَرٍ) في فؤادِهِ
وما الشِّعْرُ إلا صُورَةُ العَالَمِ الأخْفَى

أميرُ القوافي .. حَسْبُ عينيهِ رفعة
إذا ما أتتْ كلُّ القوافي لهُ لَهْفَىً

مُحَيَّاهُ رَمْزُ الأرْيَحِيَّاتِ والنَّدى
متى غابَ نصفُ البدرِ أعْطَى لهُ نِصْفَا

قصائدُهُ / الأشجارُ في رَوْضَةِ العُلَا
فَجَاوِزْ لها الأبْرَاجَ ؛ كي تعرفَ القَطْفَا

يُؤاخيهِ عن يمناهُ مستقبلُ المُنَى
وماضيهِ عن يسراهُ بالعذبِ ماجفّا

هُوَ الشَّاعرُ الكونيُّ .. ما إنْ تَحَرَّكَتْ
أناملُهُ إلا وجَفْنُ السَّمَا رَفَّا

وساعي بريدِ الشمسِ ، يَحْمِلُ في الحَشَا
رسائلَهُ حتَّى يُنَاوِلَها الكَهْفَا

يؤنْسِنُ أبياتَ القصيدِ بجودِهِ
فيُهْدِي لها عينًا ..  ويُهْدِي لها كَفَّا

منارُ ( العُيونيينَ ) فعلًا وحكمةً
وأنضجُهُمْ فكرًا ، وأنبلُهُمْ لُطْفَا

” وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً “
فكم ذاقَ من أهليهِ كأسَ الأسَى صِرْفَا

فصُودِرَ منهُ الضوءَ ، واقتيدَ رأيُهُ
وقيدُ الدُّجَى في معصميهِ قدِ الْتَفَّا

ولكنَّ روحًا بينَ جنبيهِ حُرَّةً
تَمَتْرَسَ فيها الوَعْيُ ، لم ترهبِ القَصْفَا

جَوَارِحُهُ أصْغَتْ إلى ظلِّ طائر
ليتركَ أصداءَ انْكِسَارَاتِهِ خَلْفَا

وطافَ طوافَ ( السِّنْدِبَادِ) على المَدَى
وهَاجَرَ نَحْوَ المَجْدِ يَسْتَعْذِبُ الكَشْفَا

وقدْ كانَ يا ماكانَ.. لاشيءَ عِنْدَهُ
سوى الأَمَلِ الرَّيَّانِ يهوى له رَشْفَا

قَضَى عُمْرَهُ في لُجَّةِ الحَقِّ كادِحًا
ولا تسألوني عَنْهُ : كمْ عاشَ بلْ كيفَا ؟

تُؤولُهُ الأذْهَانُ حتَّى تَعَطَّلَتْ
وفي لوحةِ التكوينِ  كمْ أتعبَ الوَصْفَا !

بداخِلِهِ سرُّ الوثائقِ ينطوي
فكمْ كانَ في أضْلَاعِهِ يَكْتُبُ الصَّحْفَا !

وظلَّ معَ التَّاريخِ شَاهِدَ عَصْرِهِ
بعينٍ رَأَتْ مِنْ حَوْلِهَا النَّزْعَ والحَتْفَا

تَقَاسَمَهُ النَّاسُ اختلافًا وفُرْقَةً
فَكَلٌّ على معناهُ من جوفِهِ أضْفَى

ولكنَّهُ الإنسانُ في كلِّ حالة
ألمْ تَرَ قوسَ اللهِ يحتضنُ الطَّيْفَا ؟!

سلامًا على ( ابنِ القريتينِ ) إذا انتمى
وأشْعَلَ آفاقَ الدُّنَا كُلَّهَا عَزْفَا

تَصَوَّفَ بالغَيْمَاتِ حتَّى إذا هَمَى
سقى الأرضَ تَحْنَانًا وأتْرَعَهَا عَطْفَا

إذا افْتُقِدَتْ لـ ( ابنِ المُقَرَّبِ ) سيرةٌ
كما اللغة الفُصْحَى إذا افْتَقَدَتْ حَرْفَا

كأنَّ هُنَا ( تَمُّوزَ) غابَ ولمْ يَعُدْ
فكانَ على ( عِشْتَارَ) أنْ تَذْرِفَ النَّزْفَا

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×