[قُم للمعلّم] معلم كفيف ألهم محمد المسلم اختراعات لدعم ذوي الإعاقة شاب سيهاتي عمل «كاشيراً».. ليصبح مهندساً صناعياً ومستشار أعمال

سيهات: شذى المرزوق

علاقة محمد المسلم، مع أحمد حسن علي المسلم، علاقة متشابكة، متداخلة، ومزدوجة. الأخير معلم الأول في سنوات دراسته الأولى، لكنه والده أيضاً، ومُلهمه في عالم الاختراع والابتكار.

في ظلال «اليوم العالمي للمعلم»؛ تعالوا نروي لكم حكاية هذه العلاقة، حكاية معاناة معلم/ أب، تحولت إلى باعث على الإنجاز، الاختراع والابتكار لدى طالب/ أبن. اختراعات أوصلته إلى العالمية.

تأثر محمد بمعاناة معلمه في الصف الأول الابتدائي، الكبير في السن، الكفيف، الذي كان يتهادى بين أروقة المدرسة، خلال تنقله بين صفوفها ومرافقها.

شاهد الطفل، معلمه الكفيف، وهو في «قمة العطاء»، رغم فقدانه بصره. عايش المسلم الظروف والصعوبات التي يواجهها المعلم المتفاني في المدرسة، وفي المنزل أيضاً حين يلعب دور الأب. لم يكتف بأن يشهد لمعلمه بـ«التميز» في العمل طالباً، بل حتى ابناً لأب يسعى ويجتهد لتمكين استقرار عائلته، رغم تقدمه في العمر.

أحمد المسلم معلم وأب محمد.

بين الشعور بالامتنان لعطاء معلم تسرق السنون عمره، وتثقل حركته؛ إلا أنه بقي مثابراً لم يتكاسل يوماً في عمله، ناضل بثبات لتقديم أفضل المستويات التعليمية للطلاب، وبين إعاقة بصرية لم تكن يوماً مصدر عجز للمعلم/ الأب أحمد المسلم. انعكست على نفس تلميذه/ ابنه محمد دافعاً قوياً لاختراع سبل سلامة، وأجهزة مساندة، مطوعاً وسائل تكنولوجية لخدمة المُسنين، كبار السن، المرضى، وذوي الاعاقة، متسلحاً بالعلم حيث نشأ وتربى في بيت يُقدر العلم واستمرار التعلم، مهما كانت الظروف.

كبر الطفل، وكبرت في داخله ذكريات ذلك المعلم، كانت تشغل تفكيره. اخترع المهندس الصناعي في شركة «أرامكو السعودية»، أجهزة مساندة وداعمة لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، بعد أن شهد بنفسه حجم المعاناة التي تعيشها هذه الفئة، متعاطفاً مع كبار السن وذوي الإعاقة، متأثراً بالمنجزين منهم.

كرس المسلم (31 عاماً) وقته وجهده مذ كان طالباً في الجامعة، لمساندة من هم بحاجة إليها.

مساعدة كبار السن وذوي الاحتياجات

يقول محمد لـ«صبرة» «بدأت الاختراع خلال سنوات دراستي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، عام 2011. وقتها كنت في عامي الـ22. شاركت في فكرة تصميم تطوير لجهاز أمان يُقلل حوادث السرعة وزيادة الأمان في السيارة، وتطوير مهارات السائق، وذلك في مسابقة أقيمت برعاية شركة الاتصالات السعودية وجامعة البترول، وتنافست فيها فِرق عدة من جنسيات مختلفة، وحصلت على المركز الأول عن «أفضل اختراع واعد».

بعدها؛ فكر محمد في اختراع الكرسي المساعد، وهو كرسي آلي، يساعد ذوي الاحتياجات الخاصة على القيام بالعادات اليومية من دون الحاجة لأي مساعدة، كالمشي بمستوى الإنسان الطبيعي، التسوق، الطبخ وغيرها. ويعمل الكرسي بشكل آلي 100٪، ببطارية تعمل لمدة 24 ساعة، قابلة للشحن.

يضيف «حرصت على ان تكون كلفة الكرسي مُنخفضة جداً، ليكون في متناول الجميع. كان ذلك الإنجاز في اختراع الكرسي المُساعد عام 2012».

شعر المسلم برغبة «جامحة» في تقديم سند ودعم أكبر لفئة كبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة تحديداً. ماتزال في جعبة الشاب الطموح الكثير من الأفكار التي تحتاج إلى التجسد على أرض الواقع، فباشر في العام الذي يليه (2013)، في العمل على اختراع آخر، يهدف إلى مساعدة ذات الفئة المجتمعية. كان عبارة عن جهاز يُسهم في تسهيل رياضتي الغوص والسباحة لذوي الاحتياجات الخاصة، بحيث يتمكن كبير السن، أو حتى ذوي الإعاقة من السباحة بسهولة، وممارسة هذه الرياضة المائية من دون مخاطر، وتبنت إحدى الشركات النيوزلندية فكرة المسلم واختراعه.

حاملاً شعار مشروع «ماكوين» الذي يتولى رئاسته التنفيذية.

«كاشير» أصبح مهندساً ومستشاراً

رغم اجتهاد المسلم في دراسته، ونيله مستويات دراسية (حاصل على بكالوريوس هندسة صناعية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن)، حيث عين موظفاً في شركة «أرامكو السعودية» مع صغر سنه حينها.

إلا أنه بدأ قصة كفاحه في العمل في سن أصغر من ذلك «بدأت العمل في سن الـ18، عملت «كاشيراً» في مطاعم عدة، في عمل جزئي يتزامن مع الدارسة في الجامعة. وبعد 3 سنوات من الدراسة؛ عرضت علي شركة كورية متخصصة في معدن «التيتانيوم» الالتحاق بها، في عمل جزئي بالتزامن مع الدراسة الجامعية أيضاً. بعدها عملت لمدة عام في شركة «GE جنرال إلكتريك» الأميركية. وبعدها التحقت في «أرامكو السعودية»، مهندساً صناعياً».

عمله في الشركة؛ لم يكن نهاية المطاف الوظيفي بالنسبة للمسلم. يضيف «مع عملي في «أرامكو السعودية»؛ عملت أيضاً مستشار أعمال في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. وبعدها أصبحت ممثلاً لمكتب المخترعين في المنطقة الشرقية».

مع رجل الأعمال سعود القصيبي الذي يحمل اختراع المسلم؛ الكرسي المساعد.

سجل إنجازات وتميز

وهو مايزال في أوائل عقده الرابع؛ حقق المسلم تميزاً في مجال عمله بطموح وشغف كبيرين، اتاح له:

حصد جائزة «أفضل مخترع واعد» عام 2011.

إنجاز أول اختراع؛ كرسي مساعد عام 2012.

اختراع جهاز الغوص والسباحة لذوي الاحتياجات للخاصة عام 2013.

ممثل مكتب المخترعين لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في المنطقة الشرقية.

مستشار أعمال مُعتمد لمشاريع ناشئة عدة.

شريك مؤسس والرئيس التنفيذي لمشروع «ماكوين»، وهي أول منصة تجمع بين ترفيه السفر والتقنيات المالية الحديثة، وأنشأت عام 2019.

رجلا الأعمال عبدالله السيهاتي وعبدالعزيز القصيبي.

دعم السيهاتي والقصيبي

يشرح محمد السلم تعلقه ورغبته في اختراع ما يسهم في تسهيل حياة المُسنين وذوي الإعاقة «والدي كان كفيفاً، ومنذ الصغر زرع في قلبي حب كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. وأشعر دائماً أنني بحاجة لتقديم شيء لهم».

يتابع «مع ما تعلمته من والدي (رحمه الله)؛ قدمت لي عائلتي كامل الدعم لتحقيق توجهاتي وطموحاتي، وما وصلت إليه الآن هو بفضل الكثير من الداعمين، في مقدمتهم العائلة، وأيضاً هناك جهات مؤسسية ورجال أعمال شجعوا هذا الطموح في نفسي، منهم: جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، مدينة الملك عبدالعزيز (بادر)، رجلي الأعمال: عبدالله السيهاتي، عبدالعزيز القصيبي».

للاطلاع على سيرة المعلم أحمد المسلم؛ زر الوصلة التالية:

«الهدي» أحمد المسلم صياد سرق «الجدري» بصره.. ومنحه روح «مقاتل»

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×