آل زايد يتيه في ردهات معرض الرياض ليحتفي بولادة رواياته الأربع سرد قصة الإمامين.. والباحثة عن كنز عسقلان
العوامية: معصومة الزاهر
لم يجد الكاتب عبدالعزيز آل زايد تشبيهاً يعبر به عن فرحته بالمشاركة في معرض الكتاب الدولي في الرياض، بأربع روايات دفعة واحدة، سوى بـ”فرحة أب يحمل وليده الأول بين راحة يديه بعد طول انتظار”.
يشارك آل زايد، ابن العوامية، في المعرض للمرة الأولى، وتحديداً في جناح J 72، بروايات: “البردة”، “كرائم الطيب”، “رائحة العندليب”، و”شذا الحبيب”.
وفي حديثه لـ”صُبرة” عن المشاركة؛ حرص آل زايد على ذكر تفاصيل زيارته للمعرض، والعقبات التي واجهته، بداية من تعثره في الوصول إلى الجناح المشارك فيه. وقال “وفقنا لزيارة المعرض هذا العام، مع نخبة من الكتّاب والمثقفين الشباب، وقد واجهتنا مشكلة الوصول إلى جناح دار البشير الذي يحتضن رواياتي، وذلك لتغير اسم الجناح من “دار البشير للثقافة والعلوم”، إلى “الدار العالمية الحديثة للنشر والتوزيع”، بسبب مشاركة دار البشير الإماراتية، ولا نظن أن إجراء تغيير اسم الدار صحيح، وإن تشابهت الأسماء”.
وأكمل “كانت لدينا ملاحظة أخرى؛ وهي أن بعض أجنحة دور النشر ضيقة، بالمقارنة مع انتاجاتها؛ رغم وجود العديد من الأجنحة الشاغرة في المعرض، وقد سررنا بوجود تفاعل كبير من الجمهور، وحضور لافت من أشهر دور النشر العربية. وما أحزننا غياب ثلة من الكتّاب البارزين عن المعرض، وقد أبلغنا البعض أنه لم تصلهم دعوات للمشاركة، وهذه ثغرة نتمنى سدها في الأعوام المقبلة”.
الفرحة الكبرى
لا ينكر آل زايد، فرحته الكبرى بمشاهدة رواياته في المعرض “لا أخفي فرحة الابتهاج، حيث كنت في شوق عارم لمشاهدة أول إصداراتي، وبعد جهد، وصلنا لجناح الدار الذي كان قصيًا، وحين شاهدت الروايات؛ نبض القلب بالسعادة، أخذتني لحظة الشوق، تسرب إلي شعور جميل، بأن تضع كتابك الأول بين يديك، شعور رائع أن ترى سطورك التي كتبتها كائنًا ورقيًّا ينبضُ بالحياة، وقد أبصر النور، وأصبح مخلوقًا كتابيًا، يعيش في رفوف المكتبات ويسرح في عيون القرّاء”.
باكورة الإنتاج
بنوع من التفصيل؛ يتناول آل زايد رواياته الأربع، قائلاً “هناك رواية البردة، وهي باكورة الإنتاج، رواية تاريخية نبوية، مركبة من عدّة حكايات، الأساس فيها حكاية صاحب قصيدة البردة الإمام شرف الدين محمد بن سعيد الصّنهاجيّ البُوصيريّ، منذ لحظة ولادته، مرورًا بتنقلاته ورحلاته، حتّى استقراره في الديار المصريّة وانتاجه للبردة درة المدائح النبوية”.
أكمل “هناك أيضاً “مهاجرون نحو الشرق”، وهي سلسلة روائية تاريخية، تتكون من ثلاث روايات، الأولى “كرائم الطيب”، وتتحدث عن مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبدالقادر الجزائريّ، وتسرد حكاية المستشرقة البريطانية النبيلة الباحثة عن كنز عسقلان الليدي استر استانهوب، إضافة إلى حكاية مترجم كتاب ألف ليلة وليلة المستشرق المغامر السير ريتشارد بيرتون، في هذا الجزء، تبدأ حكاية الشاب الجزائري جلال الفارس، وتمتد هذه الحكاية على طول السلسلة لكونها رابطة العقد”.
الإمام العارف
أما الرواية الثانية، التي تحمل عنوان “رائحة العندليب”؛ فتتحدث عن سيرة الإمام العارف الشيخ ماء العينين القلقمي، وسيرة ابنه الشاعر المقاوم الشيخ أحمد الهيبة، الذي يستكمل مسيرة والده في مجابهة الاستعمار. تسرد الرواية مقتطفات من أجواء مكة المكرمة في رحلة المستشرق البريطاني جوزيف بيتس، وهو أول مستشرق يزور البقاع المقدسة، كما تسرد الرواية حكاية المستشرقة الألمانية “أنّا ماري ميشل”، التي تقع في علاقة روحيّة غرامية مع الشاعر الصوفي الكبير مولانا جلال الدين الروميّ.
تتحدث الرواية الثالثة “شذا الحبيب” عن سيرة البطلة الجزائرية المقاومة للاستعمار الفرنسي لالة فاطمة نسومر، وقبلها تتحدث عن حكاية المقاومة الفرنسية القديسة جان دارك، وتسرد الرواية كذلك حكاية المستشرق الأبرز المدافع عن الدين الإسلامي ونبيه الكريم، ويليم مونتغومري وات، حيث يلتقيه شاب مسيحي، يرغب في التعرف على الإسلام ونبيه، يدعى “سيبستيان”، كما تسرد الرواية كذلك حكاية متخيلة أخرى للمستشرقة البارزة كارن أرمسترنغ.
اقتباسات “البردة”
”!مَن أنت؟”
تراقصتْ حروفُها قُبُلاتٍ متسارعةً غضّة، تنتظر شروقَ الشّمس، التي لاحتْ خيوطُها في الأفق الوَسيم، انفلقتْ من بيْضةِ حشاشتِه أبياتٌ شاعريّة مُعْلنة بدايةَ الغرام
”وهل يهمّك أمرُ هذه البُرْدَة المحروقة؟!”.. “كيف لا وهي بردةٌ نبويّة خالطتْ جسدَ النّبي المبارك؟!”، قالها وكلُّه ألمٌ وتحسّر، تحدّث الرجلُ كمَن يمتلك أخبارًا وفيرةً ترضي محدّثَه: “ولكنْ لم تكنْ للنّبي بردةٌ واحدة؛ فهناك البردةُ الصّفراء التي أوصى بها النبيُّ لأويس القرني، وهي محفوظةٌ في الخزائن”.
أنْهكني التعبُ، فغطّتْ عيوني بالنّوم بعدَ أنْ أفرغتُ جهدي، هذا هو النبيُّ الكريم، مسحَ بيدِه المباركة ناصيتي إلى أسفلِ ذقني، وألقى عليَّ بردتَه الخضراء.
اقتباسات “كرائم الطيب”
عشْرة جيادٍ تقدح سنابكها بالشّرر، أغارتْ على القافلة، أطلقوا في السّماء طلقتيْن كنايةً عنِ السيطرة والتّصميم. اضطربَ قلبُ اللّيدي “استانهوب”، واحتقنَ وجهُها بحُمرة قانية، إنَّهُ الموتُ الذي لا مفرّ منه.
نفخ بوقُ المعركة، وقُرعَت الأجراس، هجمَ المغاربة ليحتلّوا مؤخّرة السفينة، فبدأتْ العصيّ تلعب فوق الجَماجم، تهشّم الرّؤوس والأكتاف. استخدمَ المغاربةُ أسلحتهم، إلّا أنّ النّبابيت أطولُ أثرًا؛ لهذا تكسّرت العظام والجماجم.
مسحَ جفونَه المحجوبة بالدّمع: “اللّهم صلِّ على خاتم النبيّين، عددَ نجوم السماوات وأمواجِ البحار، ورمالِ الصّحراء، يا ذا الجلالِ والإكرام، صلِّ عليْه ما نبتت حقولُ القمح، وما أثمرت النخيل”.
اقتباسات “رائحة العندليب”
أتذكّر جيدًا أنّ نومي كان في وقتِ القيلولة، وهو أفضلُ أوقات النهار، وقرأتُ في مطالعاتي أنّه وقت الرؤيا الصّالحة، وذكرتُ في كتابي (أحلام الخليفة) عنْ تأثير الزّمان في الرؤيا، حيث قلت “الوقتُ الذي تكتسي فيه الأشجارُ بالورق يُعدّ من أفضلِ أوقات السّنة التي تحدث فيها الرّؤيا الصّالحة”. أتخطر أنّ الثلج بدأ بالذّوبان، والطيور أخذتْ تغرّد فوق الشجر، مؤذنة بقدومِ فصل الرّبيع رغمَ البرودة، كنتُ أرتدي معطفًا أسودَ، وحين غفتْ عيناي من شدة ألمي…
ماذا يقصد إقبالُ بماءِ زمزم؟!، فأخذتُ أفتّش عن أسرارِ ماء زمزم ورمزيّته، فطالعني كلامُ الإمام السيوطي، ذي الكتب الغفيرة، يتحدّثُ عنْ رحلته للحجّ، فتأمّلتُ النصّ الذي أمامي بعنايةٍ فائقة، إذْ كان مكتوبًا هكذا: “لمّا حججتُ شربتُ مِن ماء زمزم لأمور،…..”.
طوى الشّيخُ ماء العينين الخُطى لرؤية آخرِ عنقوده ومسْك ختامه، وهو يحدّث نفسه: “إنّ يوسف وُلدَ من راحيل متأخّرًا، فكان هو وارثَ يعقوب، وصاحبَ الفضل والشّرف، حتّى أنّ رؤياه انطبقتْ بسجود أبيه له إكرامًا، فهل يفْضلُ على المفضول إلّا الفاضل!؟”.
اقتباسات “شذا الحبيب”
اقتربَ الجندي، يحتزّ رأسه، سدّدت لالة فاطمة نسومر بحربتها رميةً موفقة اخترقت بطنَ الفرنسي، وسقط على الأرض صريعًا يخورُ في دمائه، أخلت على الفور قدمَها من الركاب، وشقتْ منديلًا من ردائها شدّت به جرحَ الشريف.
شربَ الدكتور صبابة التّوت، لكنّه لم يمتْ، ليتجرّع كاسات الألم، رمق كأسَ سيسلي الذي لم ترتشفه، فأخذه وشربَه كمَن يشرب السّم، خرجَ من مكتبه بعد أن ألغى اجتماعاتِه معتذرًا، فغابَ عن عمله، وجلسَ في داره حبيسَ الفراش.
“اعْلمي يا ابنة العم أنّي رأيتُ في ليلةٍ سبقت ولادتك بها؛ جدّتي فاطمة الزهراء، وقد قدّمت لي فاكهة من الجنّة في منديل أحمر، لم أشمّ أزكى من رائحتها، ولا أحلى من طعمها”.. “هل قلت منديل أحمر؟!، ولم يكن أخضر!”، “نعم منديل أحمر”، “لا ريبَ أنّ الأحمر دلالة على ابن الزهراء الحسين”.