حياً وميتاً.. نرجسية الجواهري وفحولته تثيران الجدل في الرياض روح شاعر العرب الذي أبى أن يكسر عنق العراق تعود إلى العاصمة السعودية بعد 3 عقود

الرياض: صُبرة

مطلع تسعينيات القرن الميلادي الماضي؛ زار شاعر العرب الكبير محمد مهدي الجواهري، العاصمة السعودية الرياض، التي احتفت به أيما احتفاء، حتى أن ولي عهد البلاد حينها الأمير – الملك لاحقاً – عبدالله بن عبدالعزيز، أمسكه من يده ليصاحبه في جولة في المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية).

اليوم، وبعد قرابة ثلاثة عقود من تلك الزيارة؛ عاد الجواهري إلى الرياض، أو فلنقل عادت روحه لتحلق في سماء العاصمة السعودية، فجسده ارتحل عن دنيانا في 27 يوليو من عام 1997.

عودة من بوابة معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي اصطبغ هذا العام بصبغة عراقية، فالعَراق الذي كان أبو فرات يأبى أن «يكسر عنقه»، فينطقه – كما الآخرين – العِراق، «ضيف شرف» هذه النسخة من المعرض.

وبحسب وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، «يأتي اختيار العراق في سياق العلاقات الأخوية التي تجمع الشعبين الشقيقين السعودي والعراقي، وفى إطار الجهود المشتركة من البلدين لتعزيز التعاون في جميع المجالات التنموية، ومنها المجال الثقافي»، منوهاً بالثقافة العراقية وعمقها وتنوعها.

محمد مهدي الجواهري خلال تكريمه في اثنينة عبدالمقصود خوجة بجدة. (المصدر مجلة فكر)

أمسية الجواهري

البارحة شهد المعرض أمسية بعنوان «عوالم الشاعر محمد مهدي الجواهري الإنسانية والإبداعية»، حضرها عدد كبير من مثقفي المملكة والدول العربية، الذين اتفقوا على أنهم يقفون أمام شاعر «استثنائي»، اتخذ الشعر وسيلة للتعبير عن الذات، والتمرد على أي أوضاع لا ترضيه.

وكان لدى ضيوف الأمسية الكثير والكثير مما يقولونه حول الشاعر الجواهري، الذي عاش نحو قرن من الزمان، يكتب فيه الشعر في كل الأوقات والظروف، واشتهر بثنائياته التي يمكن تلخيصها في: ثنائية الشعر والحياة، الذات والنرجسية، اللغة والتراث، السياسة والغزل، والحب والعقل. وشهدت الأمسية جدالاً حول سؤال مهم: هل الجواهري معارض للسلطة في بلاده، أم مُهادن لها؟

يرى البعض أنه رغم قرب الجواهري من السلطة؛ إلا أنه في المقابل كانت لديه «شلته” من المثقفين والمعارضين، الذين كان  يلتقيهم في المقاهي التي كتب فيها قصائده.

في المقابل، هناك من كان يدافع عنه، ويرد عنه تهمة «انحيازه للسلطة»، بأنه كتب 47 قصيدة في مديح الحكام، مقابلها 128 قصيدة في هجائهم، سواءً بالأسماء الصريحة أو بالمضمون.

وفي جبهة ثالثة؛ هناك آخرون يرون أن الجواهري «عاش تناقضين؛ تناقض رغبته المشاركة في السلطة، ورغبته في مواجهتها، وهذا ما جعله يعيش في المنفى».

محمد مهدي الجواهري خلال تكريمه في اثنينة عبدالمقصود خوجة بجدة. (المصدر مجلة فكر)

إلغاء المسافة

نجح الجواهري في قصائد أن يعيد كتابة تجاربه بشكل شعري، فيلغي المسافة بين الداخل والخارج، بل يعمد إلى تغييب الخارج على أنه داخلي، وتضخيم الداخل على أنه خارج.

وأشار متحدثون في الأمسية إلى أن «سر الفحولة الشعرية لدى الجواهري لا يتمثل في عمود الشعر والقواعد القوية فحسب، بل في قدرته على قوله الشعر في أشد المحن، من دون أن يبالي بالسلطة. وكانت قصائده السياسية أقرب لخطب مفتوحة، ما عرّضه للمحن والسجن والنفي».

نشأ الجواهري (26 يوليو 1899 – 27 يوليو 1997) في النجف، في أسرة أكثر رجالها من المشتغلين بالعلم والأدب. ودرس علوم العربية وحفظ كثيرًا من الشعر القديم والحديث، ولا سيما شعر المتنبي. اشتغل بالتعليم في فترات من حياته، وبالصحافة في فترات أخرى، وأصدر جرائد «الفرات»، «الانقلاب» و«الرأي العام»، أول دواوينه «حلبة الأدب» 1923، وهو مجموعة معارضات لمشاهير شعراء عصره كأحمد شوقي وإيليا أبي ماضي.

محلية وعالمية

ويحظى المعرض بوجود أكثر من 1000 دار نشر محلية وعالمية، تزخر بالمعارف والثقافات المختلفة من أرجاء المعمورة، مع وفرة في الفعاليات ما بين أنشطة وندوات وورش وأمسيات وحفلات وجوائز تكريم وبرامج ثقافية متنوعة تزيّن واجهة الرياض التي اختارتها وزارة الثقافة مقراً جديداً للمعرض.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×