القطيف ترثي شريفة الشملان: رائدة اجتماعية وصانعة مبادرات مليحة الجشي: ربع قرن من المواقف.. أحلام القطري: مدعاة فخر السعوديات

زكية العوامي: داعمة لكل عمل نسائي.. سعاد الخنيزي: وطنيتها تجاوزت الطائفية

القطيف: ليلى العوامي

لم يكن خبر وفاة الأديبة شريفة بنت إبراهيم الشملان بالنسبة لمجتمع القطيف هيناً، فالفقيدة كانت قريبة جداً من مجتمع القطيف وأهلها ومؤسساتها الإجتماعية والثقافية، بحكم عملها في الشؤون الاجتماعية لمدة 27 عاماً، شغلت فيها منصب مدير عام للإشراف الاجتماعي النسائي في المنطقة الشرقية، فضلاً عن كونها كاتبة وأديبة.

وأجمع من تواصلت معهم “صُبرة” على أن الراحلة الشملان كانت امرأة “استثنائية” بكل ما تعنيه الكلمة، سواء في علمها أو عملها، وطريقة تعاملها مع الآخرين، كما أجمعوا على أن الراحلة كانت قدوة للنساء والفتيات من حولها، في طرق إثبات الذات، وبناء الشخصية النسائية المثقفة والمؤثرة في محيط مجتمعها، بما تملكة من رؤية خاصة، وقدرة على الإقناع والتأثير.

رحلت الشملان أمس الأول (الخميس) بعد معاناة استمرت أياماً، مع مرض “كورونا”، ودفنت في مقابر الدمام.

أنموذج مميز

البداية كانت مع المشرف على منتدى الثلاثاء الثقافي جعفر الشايب، الذي وصف الراحلة شريفة الشملان بأنها أنموذج متميز للمرأة السعودية. وقال “كانت من الرواد الذين حملوا على عاتقهم مهمة تنمية وتطوير المجتمع في زمن كانت تعاني فيه المرأة مصاعب وتحديات كبيرة”.

وأتبع “بعد تخرجها في جامعة بغداد، عملت في إدارة الشؤون الاجتماعية، واهتمت بالعمل على تطوير برامج الاشراف النسائي، حتى أصبحت مديراً عاماً له، وأسهمت في هذا المجال عملياً وكتابياً، لدرجة أنها كتبت بحوثاً حول عدة قضايا تتعلق بالعمل الاجتماعي والخيري النسوي”.

وقال “لا أحد ينكر دورها في تأسيس القسم النسائي في فرع هيئة حقوق الانسان في المنطقة الشرقية، الذي بذلت فيه جهوداً كبيرة لمعالجة القضايا الحقوقية بكل جدية ومثابرة”.

ولم ينس الشايب الحديث عن الإنتاج الأدبي لشريفة الشملان “معروف عنها شغفها بالمطالعة والتأليف، وتركت في الساحة الثقافية مجموعات قصصية تعالج العديد من قضايا المجتمع بأسلوب أدبي رفيع، وكانت عضواً في نادي القصة السعودي وجمعية الثقافة والفنون، ولا غرو إذن وهي بهذه السيرة العطرة أن نالت تكريماً من جهات عدة، من بينها وزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة الثقافة والإعلام، ومنتدى الثلاثاء الثقافي،  واثنينية عبد المقصود خوجة”.

ودعاً شريفة

وبنبرة حزينة، ترحَّمت سعاد عباس الخنيزي على الشملان، وقالت “خبر وفاتها كان مؤسفاً، إن كل من عرف الفقيدة يصيبه الأسى والحزن لوفاة هذه السيدة الفاضلة”.

وتسترجع الخنيزي ذكرياتها مع الشملان “تعود معرفتي بها إلى سبيعنات القرن الماضي، من خلال عملي التطوعي في لجنة التنمية الاجتماعية في القطيف، حيث كانت  تعمل في وزارة الشؤون الاجتماعية، وخلال سني العمل المشترك، وجدت فيها الإنسان ذات الحس الراقي والاخلاق العالية  والاخلاص في العمل والرغبة في تقديم العون لكل من يعمل معها، وكان تعاونها ودعمها  للعمل التطوعي حافزاً لنا نحن المتطوعات، ودافعاً لنا لمواجهة الصعوبات والتحديات التي  واجهتنا كنساء نسعى لخدمة المجتمع وتنميته”.

وأكملت “تميزت الفقيدة بحسها الانساني، وشعورها الوطني وتجاوزها للطائفية المقيتة، التي جسدتها على أرض الواقع، ليس فقط في قصصها ومقالاتها الصحافية، وإنما في ممارساتها ومواقفها العملية، ما أكسبها مودة واحترام كل عرفها  وعمل معها، تغمدها الله بالرحمة والمغفرة، وأسكنها فسيح جنانه، وألهم أهلها وذويها ومحبيها الصبر والسلوان”.

اسم يتردد

وبعبارات لا تخلو من فخر، تتباهى الدكتورة أحلام القطري بقربها من شريفة الشملان “كان اسمها يتردد على مسامعي بإعجاب، وبالتحديد في سنوات مراهقتي المبكره، وبدء استشعاري العمل الاجتماعي والتطوع، وشاءت الأقدار أن التقيها في محاضرة لها قبل قرابة عقدين في مدينة الدمام، لا يحضرني الآن اسم المناسبة أو الجهة الداعية لها، ولكن أتذكر أنها كانت تتحدث فيها عن الاسراف في المجتمع الخليجي والسعودي على وجه الخصوص، وكانت تتحدث أمامنا بارتجال، ولكن بصدق وتمكن، وتتناول الظاهرة بنقد لاذع، بعدما أخذت تتفشى في المجتمع بصوره مقلقه في وقت سابق”.

وتُكمل القطري “لفتني أكثر أسلوبها الجاد، والمغلف بروح الدعابة التي تضحك الجمهور، بينما هي مسترسلة في النقد الصادق، وكأن القضية قضيتها الشخصيه، وتأتي بحجج ودلائل تؤكد بها وجهة نظرها، وأتذكر أنها خرجت من المحاضره حاملةً ذلك القدر  من الاحترام والتقدير، بعدها تعرفت إليها عن قرب”.

وتضيف القطري “بعد انخراطي في العمل الاجتماعي، لم تعد الشملان على رأس مكتب الاشراف الاجتماعي في الدمام، إذ تقاعدت، وجاءت بدلاً عنها لطيفة التميمي”.

وقالت “شريفه أو “أم وائل” كما تُكنى، كانت تتحلى بصفات كثيرة، على رأسها التواضع الجم، والصدق، والعمل الجاد، كل ذلك مُكلل بحس وطني عالٍ لبلدها ومجتمعها، فهذه السيده دون شك، مدعاة لفخرنا جميعاً كسيدات سعوديات بل وعربيات، كانت من أوائل النساء السعوديات اللائي تعلمن تعليماً جامعياً، في تخصص الصحافة، الذي يندر أن تقتحمه السيدات، وبالرغم من انها لم  تخضه كمهنة،  إلا انها استمرت على تماس  كبير وموضوعي معه، حتى وقت قريب، كل هذه السنوات كانت تكتب عن هموم وطنها ومجتمعها، منذ أن كانت على رأس مكتب الإشراف الاجتماعي في الدمام، مُحاطة بالحب والتقدير الكبيرين من قبل العاملات معها، وكان هذا يتناهى إلى مسامعنا، ما أصابنا بعدوى الحب والتقدير  لشخصها،  وقبل 3 سنوات وبالتحديد في مارس ٢٠١٨ كرمت من قبل منتدى الثلاثاء الثقافي من جملة من كُرموا، وكنا نتوق وقتها لرؤيتها، غير أنها للأسف لم تحضر، وانتدبت ابنة أخيها لحضور التكريم  نيابة عنها”.

خلوقه متعاونة

وركزت زكية السيد سعيد العوامي على خصال الفقيدة “رافقتها منذ عام 1401، وتابعت مسيرتها منذ كانت رئيسة مكتب الإشراف، حيث كانت تشرف على مركزنا في القطيف، وأتذكر أنها كانت دائماً تشجع على أي مشروع يخدم المجتمع، كما أنها دائماً موجودة في جميع الفعاليات، تشجع وتحفز وتدعم”.

وتتابع “الفقيدة شريفة الشملان هي زميلة عمل، سيدة خلوقة ومتعاونه ومحبة لعملها، كانت دائماً معنا في كل مناسبة نقيمها في مركز الخدمة الأجتماعية في القطيف، أو ما يسمى الآن مركز التنمية الاجتماعية”.

الكلام لاينتهي

وفضلت مليحة أحمد الجشي أن تبدأ حديثها عن الشملان بالدعاء الصادق لها  “اللهم أجزل لها خيرك ومنك وفضلك، اللهم أرحمها، ووسع مُدخلها، وأجعل قبرها روضة من رياض الجنة ياكريم”.

وتابعت “رحلت المرأة الطيبة بعد مسيرة عمل طويلة، قدمت فيها الكثير من العطاء، وطبعت ذكرياتها في قلوب الكثير ممن عرفها وعاش معها، ربما لطهارة قلبها، ونقاء روحها، وصدق مشاعرها، هو ما حفظ لها كل ذلك العبق من التقدير والمحبة في قلوبنا”.

وعادت مليحة بالذاكرة إلى الوراء، وقالت “بدأت رحلتنا العملية معها عام 1400، واستمرت ما يقارب 24 عاماً في مكتب واحد، واجهنا الكثير من المواقف المختلفة، ولم تُشعرنا أنها مديرة مكتب، بل أخت ومعلمة فاضلة، أحببناها واحبتنا، اشتركنا معاً في كثير من المناسبات؛ ندوات ومهرجانات ودورات داخل المنطقة وخارجها، أوكلت لنا الكثير من الأعمال التي صقلت قدراتنا وأعطتنا الثقة في انجازاتنا”.

وتكمل “من المواقف الصعبة التي واجهتها في بداية عملي، أوكلت لي إدارة المكتب الذي كان يتطلب اتصالات وأعمالاً ومتابعة مع الإدارة العليا، ووافقت بعد اقناع  منها، وقمت بالعمل كما هو مطلوب كل ذلك بسبب ثقتها ودعمها الكبيرين، كما أوكلت لي إدارة أسبوع العمل الاجتماعي مع كل الجمعيات في المنطقة الشرقيه النسائية والرجالية من بداية التخطيط له حتى الانتهاء، واستمر شهرين متتاليين، وبفضل الله وثقتها، عملت في الكثير من المجالات داخل المكتب وخارجه”.

وقالت “المواقف مع الشملان كثيرة لاتعد ولاتحصى، وهكذا استمرت علاقتنا ممتازة حتى بعد التقاعد، شاركتنا في كثير من مناسباتنا، لاتتردد في تلبية الدعوة من أي فرد منا”.

اقرأ أيضاً

القطيف ترثي شريفة الشملان: رائدة اجتماعية وصانعة مبادرات مليحة الجشي: ربع قرن من المواقف.. أحلام القطري: مدعاة فخر السعوديات

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×