[مثَل] لا يغرُّكْ حياْبَهْ؛ ترى لوحَهْ شَرَشْ…!
مثلما أن “الهنّاب” هو الجزء الأول من مقدّمة السفينة، فإن “الحياب” هو الجزء الأخير من مؤخرتها. هذا ما يقوله أهل البحر . وبعض المهتمّين بثقافة البحر قال إن “شرش” كلمة آرامية(1).
ومعنى المثل أن المنظر الخادع في مؤخرة السفينة “الحياب”؛ يُخفي عيباً عميقاً، هو أن خشبها “شرَِشْ”. ولا أعرف معنى الكلمة الأخيرة. إلا أنني وجدت المثل في صيغة أخرى تقول:
لا تغرك حُمرة حيابَه (حجابه) ترى ليحانه شريش(2)..!
وهذه الصيغة شائعة كثيراً في الواقع الافتراضي. وقال شارحٌ للمثل، في موقع إماراتي، إن كلمة “شريش” تعني “رخيص”، وأن “حياب” تعني “جسد السفينة”. والمعنى النهائيّ هو أن الطلاء الجيد للمحمل يُخفي خشباً رخيصاً لا يُساعد على صموده في اللجة.
تتفق الصيغتان على معادلة الظاهر والباطن، الحقيقة التي لا يراها المبهور بالمنظر الخلّاب. ولهذا المثل صيغة مختلفة شكلاً، إلا أنّها مكشوفة ومتطابقة في التقنية اللغوية، ووردت بصيغتين:
لا تغرُّكْ ملابْسَهْ؛ ترى ….. يابْسَهْ..!
لا تغرُّكْ ملابْسَهْ؛ عليه ……. يابْسَهْ..!
وكلا المثلين يُضمرُ إيحاءً إيروتيكياً على نحو من الأنحاء. الإشارة إلى المؤخرة، خداع البصر، فكرة اختباء المحتوى الرديء خلف ظاهر جيد. لكنّ الأمثال تُضربُ ولا تُعارَض، ولا تُقاس. هذا ما ترسَّب في عقيدة الأمثال، مستورها، ومكشوفها.
والله أعلم.
—————-
(1) بذلتُ جهدي بحثاً عن الكلمة في “معجم المفردات الآرامية القديمة”، فوجدتُ أن معنى “شرش” هو: سلالة، نسل، جذر. وهو معنى بعيد عن مقصود المثل.
(2) وجدتُ أيضاً أن كلمة “شريش” هي إحدى تسميات شجرة “النيم” الهندي، وهي معمّرة وصلبة، ولا أظنّ لها ارتباطاً بالمعنى.
حبيب محمود