هل تسعى إدارة «الخليج» إلى تأسيس سياسة إخراس المنتقدين بـ «سيف القانون»؟ أكدت عدم منع إبداء الرأي «ما لم يقصد به التشهير والإساءة»

سيهات: شذى المرزوق

قد تكون قضية نشر معلومات حول إصابة مدرب نادي الخليج للسباحة بـ «كورونا»؛ أولى القضايا التي شرعت إدارة النادي في استخدامها تفعيلاً لدور إدارتها القانونية المشكّلة حديثاً. ملخص القصة هي أن أحد مستخدمي التواصل الاجتماعي نشر معلوماتٍ تقول بإصابة المدرب بالفيروس.

إدارة النادي بادرت إلى نفي المعلومات، وكشفت عن رفع قضية «تشهير»، ليردّ ناشر المعلومات على إدارة النادي بعدم تصديق النفي. والقضية ما زالت قيد الإجراء.

قد تكون هذه القضية الأولى من نوعها، منذ أن لوّحت إدارة النادي باستخدام «سيف القانون» عبر إدارة قانونية والتعاقد مع محام لتمثيلها في مقاضاة «المُشهرين والمسيئين إلى الكيان».

إدارة النادي، التي ما تزال «مكلفة»، وفي انتظار تزكيتها في الجمعية العمومية الوشيكة؛ لم تغلق أبواب إبداء الرأي وحتى النقد والانتقاد والخلاف والاختلاف، «ولكن بوعي»، على حدّ ما راحت تنشر أدبياتها الأخيرة.

الكيان السيهاتي

في سيهات؛ لا يتعاملون مع “الخليج” باعتباره مجرد «ناد رياضي»، بل «كيان» أو «بيت» يعني كل سيهاتي وسيهاتية، ومن حق أي أحد يسكن هذه المدينة أن يناقش شؤونه، ويبدي وجهة نظره حيال كل صغيرة أو كبيرة فيه. كما هو حال كلّ نادٍ مشابه في العالم.

إدارة النادي تبدي تفهمها لهذا الأمر – على الأقل وفقاً لما تُعلن – ولكن موقفها «المرن» هذا يقابله آخر «متصلب»، ليس نحو «المعارضين» أو من يبدون رأيهم بوعي، بل ضد «المسيئين والمشهرين» كما تقول.

إلا أن تشخيص الحد الفاصل بين «الانتقاد» و «الإساءة» يبدو «أمراً صعباً» على عامة الناس، في ظل ضعف الخلفية القانونية لديهم، بخلاف إدارة النادي، التي ستؤصل للقضايا المتوقع أن ترفعها مستقبلاً، من خلال الإدارة القانونية والمحامي المتعاقد معها.

هنا؛ قد تتعدى حدود القضية النادي الخلجاوي، إلى أندية بقية محافظة القطيف، وربما أندية المملكة عموماً، فهو قد يؤسس لأسلوب إداري جديد لإخراس المنتقدين بـ«سيف القانون».

نعم للنقد.. لا للتشهير

وفق منطق إدارة النادي؛ فإنها قررت «وضع حد لكل من يسعى إلى المساس في الكيان، من إشاعات يقصد بها التشهير وبيان سلبيات العمل الإداري والرياضي داخل المنشأة، من دون الاتكاء على معلومات صحيحة».

في هذا الصدد؛ تضع إدارة النادي خطوة تفعيل إدارة للشؤون القانونية، تهتم وتتابع كل من يتعدى حاجز النادي المُلقب بـ «شيخ الأندية» في القطيف، بعمر تجاوز 75 عاماً.

وتحت شعار «انتقد بوعي»، وجّه النادي رسالة مضمونها «توخي الحذر من التعامل مع ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي، من عمليات تشهير في النادي». واعلنت الإدارة عن استحداث إدارة للشؤون القانونية، وتوكيل محام للترافع في هذه القضايا.

الضرب بيد من حديد

فهل ينوي «الخليج» الضرب بيد من حديد على أيدي من يرى أنهم يسيؤون إلى النادي…؟ أم أنه يُلوح ضاغطاً على الجانب النفسي والمعنوي للمهتمين بالنادي، أو حتى المعارضين لإدارته، بردعهم عن إبداء الرأي أو توجيه أي انتقادات؟

أشد منتقدي النادي تحاشوا الإجابة عن هذا السؤال الذي طرحته عليهم «صُبرة»، مكتفين بالقول إن «إدارة النادي جديدة، ومن حقها تحديد خياراتها في التعامل مع الأمور».

متطلبات الحوكمة

بيد أن إدارة نادي الخليج قالت لـ«صُبرة» «إن استحداث وتفعيل إدارة الشؤون القانونية هو من متطلبات الحوكمة التي شددت عليها وزارة الرياضة، وما فعله النادي كان في هذا الاتجاه، ونشر رسالة مجتمعية هادئة، تبين هذا الجانب الذي يجهله الكثير من محبي النادي».

ونفت الإدارة السعي لمنع أي نقد أو رأي أو توجيه موجه إلى الإدارة الخلجاوية، موضحة أن «ما قمنا به من تطبيق وتنفيذ لهذا البند من بنود الحوكمة الجديدة والمطلوبة من الجهات المعنية، لم يمنعنا من توجيه رسالتنا المجتمعية إلى كل من يهمه أمر النادي التي بدأناها بعبارة «أبواب النادي مفتوحة للجميع»، لنستمع ونتناقش ونفكر معاً حول كل ما يخدم النادي ويرقى به».

حكاية مدرب السباحة

قد يكون آخر ما تم نشره في حساب نادي الخليج، شاهداً على تفعيل إدارة الشؤون القانونية، بعد صدور بيان ببدء اتخاذ الإجراءات القانونية في حق شخص «قام بالتشهير وإطلاق اتهامات ضد العاملين في النادي على خلفية موضوع المخالفات الاحترازية»، وفقاً لمنطق إدارة النادي.

وبحسب مصادر إدارية «جاء البيان بعد أن قامت الإدارة بالتواصل معه، للوقوف على الأمر واستيضاحه. ومع ذلك؛ نشر المعني عبر حساباته في وسائل التواصل أن الإدارة أصدرت «بياناً مغلوطاً» بحسب تعبيره، على خلفية إصابة أحد العاملين فيها بـ «كورونا».

رغم إشارة الإدارة في بيانها، إلى تفاوت المدة الزمنية التي تبين فيها إصابة العامل، وأنه كان في إجازة مرضية وقتها. إلا أن الرد لم يلق صداه عند الشخص المعني، الذي استكمل نشر رأيه واعتقاداته عبر وسائل التواصل، متهمًا الإدارة بالتقصير.

وأوضح في رده على حسابه في «سناب تشات» أن الإدارة تقدمت بخطوة التواصل الإداري معه، ودعوته إلى «فتح مجال الحديث الواعي والمباشر، للتفاهم حول الموضوع والاستماع إلى شكواه، ومع ذلك فضل التصعيد، والتوجه إلى الجهات المعنية. حينها استكمل نادي الخليج الأمر القانوني من جهته».

وقالت الإدارة «قمنا بكل ما ينبغي علينا عمله في هذا المجال، بالشكل الذي يليق في الخليج. وجهنا رسالة «انتقد بوعي»، حذرنا من مغبة الانجرار وراء الإشاعات والتعامل معها من دون التثبت في الأمر، فتحنا مجال أكبر لاحتضان الجميع؛ معارضاً كان أم محباً، نوهنا عن استحداث الإدارة القانونية الجديدة، وفقاً لما تتطلبه الحوكمة، وفق التغيرات النوعية في الرياضة السعودية، وحتى في الخلاف الأخير قمنا بما يلزم، ولم نتخذ أي إجراء قبل فتح المجال للشخص المعني بالجلوس على طاولة الحديث، وهو ما رفضه تماماً».

 «صُبرة» توجهت إلى الشخص المعني، لإيضاح ملابسات الخلاف الذي ترتب عليه الإجراء القانوني، إلا أنه امتنع عن الحديث «حتى يتم البت في ذلك من الجهات المعنية».

وجاء رفضه بطريق غير مباشر أيضا، من طريق تدوينة على أحد حساباته في منصات التواصل الاجتماعي.

رأي

الدواْ قبل الفلعة…!

أثير السادة

أثير السادة

جميل أن يكون لنادي الخليج إدارة قانونية ومحامون كجهة ضامنة لحفظ حقوق النادي وسمعته، غير أن بيانات الخليج الأخيرة تبدو وكأنها أخذت بالأمور ناحية لغة جافة في التعاطي مع الإعلام وما يثار من أخبار وإشاعات تتصل بالنادي.

هنالك في الرياضة ـ كما في سواها ـ تجاوزات وتعديات تدخل ضمن الجرائم المعلوماتية، وربما الرياضة بطبيعتها ساحة للانفعالات والصدامات والعواطف المتباينة عند الناس، لذلك من المتوقع دائماً أن تذهب منصات الحوار باتجاه السخونة والخشونة في الحوار، وربما الوصول إلى مستويات خارجة عن حدود المتعارف عليه ذوقا واخلاقا.

وفي الخليج تحديداً، ولطبيعة التجاذبات الاجتماعية، كانت هنالك حوادث متكررة لهذا اللون من التعديات، قيل أن بعضها وصل إلى لمحاكم، وبعضها انتهى بالتراضي.

ولعل الإدارة الجديدة ـ وكمحاولة لتحصين نفسها من هذا الداء ـ “جهزت الدوا قبل الفلعة” كما يقول المثل.

لكني أود أن أشدد على أمرين:

الأول ألا تأخذ الأصدقاء في النادي العزة بالإثم فيطمعوا في دخل جديد تحت عنوان الملاحقات القانونية، حتى لا تصبح هذه العصا وسيلة لتكميم الأفواه وتخويف الناس من مناقشة أحوال النادي وأداء الفرق الرياضية فيه،

والثاني ألا يتناسى الأصدقاء أن هنالك فسحة عاطفية يتحرك فيها الجمهور وينشط ويقدم من خلالها أراءه وتعليقاته، بعضها مدفوع بدافع الحب والغيرة، وبعضها الآخر محمول على الغضب والكره أحياناً.

ليس على النادي أن ينشغل بصغائر الأمور، وتوافه التعليقات، تحت أي يافطة كانت، وأن تقنن المتابعات والاعتراضات على ما يمس شرف العاملين والتزاماتهم الأخلاقية، فنحن حتماً مع سيادة القانون، وسيادة لغة الاحترام، لكن نحن أيضاً مع إيجاد قاعدة لتفاهمات تحفظ للنادي علاقته مع جماهيره التي ستبقى تتابع وتعبر عن مواقفها، حتى لا يأتي اليوم الذي يحاسب فيه الواحد منهم على وصف إداري بالسئ، أو لاعب بالردئ، وحتى لا يحمل المشجع البسيط على محامل الجريمة لمجرد عجزه عن اختيار العبارات المناسبة في توصيف موقفه من هذه الإدارة أو ذاك الفريق.

نطمع من إدارات الأندية في أن تملك الشجاعة في الاعتراف بالخطأ وتصويبه، كما نطمع منها أن تبذل المزيد في مد جسور الثقة بينها وبين الجمهور، بعيدا عن لغة التهديد والوعيد، ولتكن الحالات الفاقعة فرصة لتقديم أداء إعلامي ذكي، يحتوي كل هذه التحديات إلى فرصة لتقديم صورة إيجابية عن النادي.

اقرأ أيضاً:

الخليج: مدرب السباحة أصيب بالتهاب في عينه وليس “كورونا”

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×