قطع المياه بلا إنذار…!

حبيب محمود

الانتقال الفعّال الذي حققته المملكة في الانتقال إلى “الحكومة الإلكترونية”؛ واحدٌ من مفاخر وطننا بالفعل. بلاد باتساع قارة، تتوزّع على 13 منطقة، تتفرع منها مئات المحافظات والمراكز والمدن والقرى والهجر، ويقطنها ما يتجاوز 30 مليون إنسان..!

كلّهم مشمولون بأنظمة تقنية آمنة وموثوقة؛ تتعامل مع أدقّ احتياجاتهم بفعالية وسرعة، وتضمن تسهيل شؤون كلّ إنسان منذ ولادته.. أمنه، تسجيله، صحته، تعليمه، زواجه، إنجابه، تجارته، تقاضيه، ملكياته، إيجاره، قيادة المركبة، سفره، تنقله، عناوينه.. كلّ شيء تحوّل إلى “حكومة إلكترونية” مسخّرة لخدمته ورفاه حياته وأموره..!

ووسط هذه النعمة السابغة؛ تظهر شركة المياه الوطنية وكأنها تعيش في عصر ليس له علاقة بكلّ هذه الإنجازات. يصدمك أن مؤسسة خدمية مهمة جداً تفكّر بطريقة الإجراء المفاجيء الذي يقطع المياه عن الناس، دون سابق إشعار..!

ما يجري في شركة المياه الوطنية سببٌ من أسباب الخجل الذي يستدعي العلاج العاجل. ما يجري فيها لا يليق بالإنجازات العظيمة التي حققتها حكومة المملكة لمواطنيها في قطاع الخدمات بالذات.

اليوم، أعلنت الشركة عن أنها سوف تبدأ إرسال فواتير المياه إلى المشتركين عبر رسائل الجوال، مستنسخة بذلك تجربة شركة الكهرباء وشركات الاتصالات.. وهذا جيد، وتُشكر شركة المياه عليه، ويساعد على حلّ مشكلة ضياع الفواتير، وعدم وصولها إلى المشتركين.

ولكن هناك كلمة اسمها “لكن”، من حق المشتركين على الشركة أن تراها، بل وتقرأها جيداً، بل وتحترم ما تعني المياه لـ “الكائن الحي”، فضلاً عن المواطنين والمقيمين الذين تسميهم الشركة “مشتركين”..!

ليس من معقول أحد أن يصحو صباحاً على انقطاع تام للماء عن مسكنه. ذلك أشدّ سوءاً وقسوة من انقطاع الكهرباء التي لا يمكن الاستغناء عنها أيضاً.

وفي شركة الكهرباء نجاح إلكتروني قديم؛ هو إشعار المشترك ـ عبر جواله ـ بقيمة الفاتورة، ومنحه مُدد كافية لحل مشكلته معها، بل وتعطيه فرصة لتأخير تسديد ثلاث فواتير، وتوقف إجراءات قطع التيار في شهر رمضان المبارك، بل وتمنحه فرصة لسداد نصف الفاتورة إذا عجز عن سداد مبالغها المتراكمة..

وفوق ذلك كله؛ لا تقطع التيار عنه إلا بعد إشعاره وتحديد موعد القطع ليتدبّر أمره..!

أليس بإمكان شركة المياه أن تتبع إجراءً مماثلاً يتحلّى بالمسؤولية والرحمة، بدلاً عن قطع “شريان الحياة” عن المتخلفين عن سداد الفواتير، دون إشعار سابق بقطع المياه، إشعار يمنح فرصة ليتدبّر رب الأسرة أمره، ويُعالج مشكلة الدفع، أو ارتفاع الفاتورة…؟

سداد فاتورة المياه حق استهلاكيّ، لا جدال في ذلك. وتأخر السداد مشكلة لا تُلام فيها الشركة، بل المستهلك. ولكنّ هناك أساليب أقلّ قسوة من قطع الماء المفاجيء.

ودور المسؤولين في الشركة أن يبتكروا الأساليب التي تضمن حقّ الشركة، وتحترم حاجة أساسية للمواطن.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×