المرحوم الشماسي.. إنكار الذات وإيثار الآخر

المهندس علي بن حسين الملا

في اليوم الذي كان عليّ أن أشاركه زيارة لرئيس بلدية محافظة القطيف؛ ذهبتُ إلى المشاركة في جنازته. وهذه هي إرادة الله التي لا رادّ لها، ولا اعتراض عليها.

عاش الصديق المهندس عباس الشماسي عاملاً دؤوباً في خدمة الناس، وملأ وقته بالتواصل والتفاعل في سبيل قضاء الحاجات وتسهيل العقبات. وهذا ما عرفته فيه منذ أكثر من ثلث قرنٍ، وعرفتُه في سلفه شقيقه الحاج عبدالله “أبي حلمي” الذي كان مثالاً للتفاني وإنكار الذات، وبذل الجهد من أجل الآخرين.

كان آخر تواصلي معه في نهار يوم وفاته. تناقشنا حول بعض الأمور، واتفقنا على زيارة المهندس محمد الحسيني ـ رئيس البلدية ـ ظهر اليوم التالي. وكما هي عادته؛ فإن مواعيده جازمة ومحترمة، ولا تتأجّل في الغالب، إلا لأمر قاهر. اتفقنا وانتهى تواصلنا..

لكن ليل ذلك اليوم؛ ألغى الاتفاق، وحسم أمرُ الله ما تفاهمنا عليه.

بقدر الصدمة والألم الكبير؛ هناك ما يعزّي النفس ولو قليلاً. نعم؛ لقد فقدنا ابتسامته، ولكننا لم نفقد حضور سعيه في حياته. وخسرنا جهوده، إلا أننا نشاهد بصماته في مجتمعه، وآثاره المتشعبة؛ رآها الله ورسوله والمؤمنون. هذا الوجه الباسم بقي باسماً في أعماله وتضحياته وسيرة عطائه الذي استمرّ عقوداً طويلة.

ليس في محافظة القطيف شخصية ناشطة في اتجاه من الاتجاهات؛ إلا وللمرحوم الشماسي ذكرى معه أو قصة من القصص. قد تكون قصة شخصية، إلا أن غالبيتها قصص من ذلك النوع الذي تفهم منه أن الرجل يسعى بنزاهة وإخلاص إلى مساعدة أو مساندة.

أن تملك الوقت والجهد ومعها الروح الباسمة التي تكاد لا تقول “لا” لسائل، أو “آسف” لطالب خدمة، أو “المعذرة” لمستحق. هذا هو عباس الشماسي الذي عرفه مجتمعه في القطيف، من أقصاها إلى أقصاها. وهذا هو الرجل خسرناه من دون سابق تمهيد، وفقدناه بلا وداع، غير وداع التشييع.

فقدنا علماً، وحملنا بفقده ألماً. ولا حول ولا قوة إلا بالله. تغمده الله برحمته وأحسن إليه في آخرته، وجزاه الله عن وطنه ومجتمعه خير الجزاء، وبارك عقبه، ورزقهم الصبر.

اقرأ ايضاً

يوم القطيف “شمّاسي”.. بتوقيع ابتسامة “المهندس عباس”

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com