من غربة الابتعاث.. «رسائل منتدى أوكلاند» تصل إلى القطيف مؤلفه محمد زكي العوامي.. طبيب قلب مهموم بالقضايا الثقافية
القطيف: نداء آل سعيد
لم يشأ الدكتور محمد زكي العوامي، المبتعث للدراسة في نيوزيلندا، أن تمر سنوات الغربة من دون توثيق دقيق للنشاط الثقافي والفكري في كتاب، يمكن الرجوع إليه وقت الحاجة.
من هنا، أراد أن تكون الاجتماعات الشبابية “منتجة ومثمرة فكرياً وعلمياً”. وقال “كنا في الجلسات نراجع ونناقش موضوعات ثقافية وفكرية وأدبية، خصوصاً ونحن في بلاد المهجر، حيث نلتفت لأفكار لا يلتفت لها من هم داخل الوطن، كوننا نحتك بالآخر المختلف عنا في الدين، وليس فقط في المذهب”.
أطلق العوامي على كتابه الصادر عن مؤسسة الانتشار العربي، عنوان “منتدى أوكلاند الثقافي، رسائل هموم الغربة ووعي الحياة”، وهو يضم 288 صفحة.
الكتاب عبارة عن رسائل منتدى أوكلاند الثقافي، ويحمل في طياته: تعميق الهوية خارج حدود الوطن، ورسالة الانفتاح والتعرف على العالم، ليعكس طابع حياة الجالية العربية في نيوزيلندا.
قسم العوامي الكتاب إلى 3 أبواب بعناوين: المنتديات الثقافية العربية، الحركة الثقافية العربية في المهجر، أما الفصل الثالث فقسم إلى 4 أبواب، وهي: الفصل الأول: هويتنا في المهجر والارتقاء بها، والثاني: نحو صحة أفضل، والثالث: الانفتاح والتعرف على العالم من حولنا، والرابع: حديث حول الأعمال والهوايات.
قصة الكتاب
تحدث الكاتب عن قصة الكتاب “قررنا تخصيص جزء من جلساتنا الاجتماعية في نيوزيلندا لرفع المستوى الثقافي والاستفادة من بعضنا في الخبرات والتجارب الحياتية، وفي خلال مسيرتنا هذه، اهتممنا بتدوين المحاضر والبحث حول ما تمت مناقشته، والرجوع إلى المصادر لتوثيق المعلومات، وبعد ذلك حررتها وانتقيت منها ما يناسب وضعه في سياق كتاب يقدم للقارئ العربي”.
وتابع “أستطيع التأكيد على أن الكتاب هو نتاج ثقافي بكر، يمثل الجالية العربية في نيوزيلندا، التي كنت جزءاً منها لأكثر من عقد من الزمن، هذا الكتاب يحكي شيئاً من همومها، ويمد يد الاتصال مع أخواننا في كل مكان”.
محتوى الكتاب
وفي حديثه لـ”صُبرة”، تطرق العوامي إلى الطابع العام لمحتوى الكتاب قائلاً “يحوي مجموعة من الدراسات التي قمنا بها عبر عدة سنوات في نيوزيلندا، بدايةً من الحديث العام حول المجالس العلمية والأدبية، إلى تعريف القارئ العربي بتاريخ وثقافة نيوزيلندا، وأخيراً بإعداد مجموعة من البحوث الشيقة حول الهوية العربية والإسلامية في بلاد المهجر، وإسهاماتها في بث الوعي في بلداننا الأم والتكامل معها”.
وأكمل “هناك تنوع في البحوث المقدمة التي تهدف إلى رفع مستوى الوعي لدى القارئ العربي، منها ما يتعلق بمنهجية التعامل في قراءة النصوص العلمية والتعامل معها، وأخرى لرفع مستوى الوعي الصحي، وثالثة تتعلق بالجانب الديني، وتأثيراته من منظور الأقليات المسلمة في بلدان الغرب وغيرها من البحوث”.
صعوبات وتحديات
عن الصعوبات التي واجهت ظهور الكتاب إلى النور، قال العوامي “من أكبر المصاعب؛ إيجاد الوقت وسط كل التزامات العمل والأهل، ولكن دعم زوجتي (أم زكي) وأهلها، ساعدني كثيراً في إيجاد الفسحة اللازمة للبحث والكتابة”.
من التحديات أيضاً – بحسب محمد العوامي – “الرجوع إلى المصادر، وصعوبة الوصول إلى المعلومة، والتثبت منها وتوثيقها في الهوامش، والاستشهاد والاستدلال، فبعض المصادر تحتاج إلى مصادر أخرى”.
شهادة قاريء
يقول زكي آل عبداللطيف، وهو أحد قرّاء الكتاب “وسط الكثير من المراجع العلمية والأدبية، يبعث الدكتور محمد زكي العوامي برسائله المحملة بالوعي والمشوبة بهموم الغربة عبر كتابه منتدى أوكلاند الثقافي بأبوابه الثلاثة، ليرجع بالقارئ إلى التاريخ، وينتقل به بالجغرافيا، مستطلعاً أصول المجالس والمنتديات والصالونات الثقافية، محلياً وعربياً وعالمياً”.
يضيف آل عبداللطيف “لم ينس العوامي أن يذكر دور المنتديات في دول المهجر، ومنها نيوزلندا، ماراً بالرابطة القلمية والعصبة الأندلسية، ليستعرض بعد تلك المقدمات؛ رسائله المنوعة، بين تعزيز الهوية والرقي بها إلى كثير من القضايا العلمية والصحية والاجتماعية، وليصل القارئ بعد هذه الوجبة الثقافية الدسمة إلى تعزيز ما جاء في شطر بيت الشعر المعروف: خير صديق في الأنام كتاب”.
طبيب مشغول بالثقافة
ولد الدكتور محمد العوامي في مدينة الدمام، ونشأ في مدينة القطيف، حتى أكمل سنوات الدراسة الأساسية، وانتقل بعدها مبتعثاً إلى نيوزيلندا، تخرج عام 2008 في جامعة “أوتاغو”، وحصل على درجة التخصص في الطب الباطني من الكلية الملكية في منطقة أسترالاسيا، وزمالة طب القلب من الجمعية الأسترالية والنيوزيلندية لطب القلب، يعمل برتبة مستشار في مستشفى مانشستر الجامعي في المملكة المتحدة، وطبيباً متخصصاً في علم القلب والقسطرة التداخلية.
يجد العوامي في القراءة خارج مجال العمل والتخصص هدفاً يرافقه دائماً، حتى في اختبارات الجامعة، ويحرص على أن يكون له نشاط في القراءة. ويرى أن “الأطباء الناجحين في مجالاتهم ويمتلكون ثقافة كبيرة خارج مجالاتهم، ينعكس ذلك على طريقة تفكيرهم في التعامل مع المرضى والزملاء، فالمعرفة العامة تساعد في معرفة طبائع الناس للتواصل معهم”.