قراءة النص المسرحي .. حدث منبري أم حالة بصرية
أثير السادة* |
يجهد عباس الحايك منذ زمن للدفاع عن النص باعتباره ركيزة العمل المسرحي، في الوقت الذي تنزاح فيه الممارسة باتجاه الانتصار لمعطيات التصعيد البصري للنص، أي أفعال السينوغرافيا والإخراج، والتي ستجعل من المخرج الواجهة الأبرز في كل أشكال الفعل المسرحي.
ولذلك عمد مع الإعلان عن ولادة بيت المسرح إلى تدشين ملتقى لقراءة النص المسرحي، كبيان أول عن نواياته وتطلعاته من هذا البيت، فالنص الذي يشكو من ضآلة حصته من القراءة واختصاصها بأهل الصنعة، يراد منه أن ينفتح كأي نص سردي باتجاه كل الناس، ضمن قراءة حية لا يمكن الجزم بأنها قادرة على منحه كل الاستحقاقات الممكنة.
من فسحة الإلقاء المتاحة للقصص والشعر في منابر المنتديات والنوادي جاءت ذريعة الحايك للمضي في مشروع الدعوة لجلسة استماع للنص المسرحي، فهذا سرد وذاك سرد، وهنا حكاية كما هنالك حكاية، غير أن النصوص التي يعرف الحايك جيدا بأنها طويلة وعصية على الإمتاع في لحظات السرد الباردة ستبحث عن رافعة أدائية وبصرية لتستحيل إلى فرجة ممكنة، ولو في الحد الأدنى الذي يدوزن شكل التلقي الأولي لجمهور قد يذهب بعيدا عن النص في لحظة التململ.
ليلة البارحة تلبس المتناوبون على الإلقاء صورا مختلفة على مستوى الأداء الصوتي، فصالح زمانان تخير طريقا أقرب لصورة الشعر، فيما اختار ابراهيم الحارثي أن يتمثل صورة الراوي، في حين انحاز حسين عبدعلي إلى روح الممثل التي تسكنه وهو يطرز وقفاته وطبقات صوته بأفعال الممثلين..لم تكن الأدائيات والتكوينات البصرية المصاحبة مشغولة بمحاكاة النص بقدر انشغالها بتأثيث فضاء الإلقاء بتلوينات تطرد الرتابة عن مشهد لا ضامن لتماسكه إلا قدرة النص والملقي على السواء في ضبط إيقاع العلاقة مع الجمهور.
ليس بالإمكان قراءة نصوص طويلة في هكذا احتفالية، هذا ما يعرفه من هندس لشكل الملتقى، وهذا مايعرفه كتاب النصوص الذين اقتطعوا من كتاباتهم ما يحتمل الإلقاء، وقد كان بادياً انصراف بعض النصوص عن تضمين الحالة المشهدية في كتاباتها، ويكفي دليلا التعثر المتكرر لبعضهم في ضبط قراءتها، ولعل ذلك دليل على البون بين كاتب يسكن في مساحة الأدب، ومخرج وممثل يركن في خانة الأداء الجسدي والهندسة البصرية.
______________
*من صفحته على الفيسبوك