“گاري” عماد يُغنيه عن الناس.. ويحميه من البطالة…! "حمّالي" سوق الخضار يفخر بمهنته ويتمنّى تطويرها

إعداد: زكية الأسعد، تحرير: صُبرة

ظاهريّاً؛ يبدو أن عماد علي يعمل من أجل كسب رزقه الشريف من كدّ يمينه على عربة صغيرة، في سوق الخضار.

لكنّ ما وراء الظاهر هو أن الشاب الثلاثيني يقدّم نموذجاً للطبيعة القطيفية “الكدّادة”، وفي الوقت نفسه يحافظ على مهنة انقرضت من أسواق المحافظة… مهنة “الحمّالية“…! على الرغم من أنه ليس سعودياً، وليس قطيفياً.

يصحو عماد علي صباحاً، ويتّجه إلى سوق الخضار في مدينة القطيف، منتظراً المتسوّقين أن يطلبوا إليه حمل مشترياتهم إلى مكانٍ قريب، أو إلى مواقف السيارات، لقاء مبالغ صغيرة.

بلغة السوق؛ هو “حَمّاليْ”.. وهذه المهنة؛ كانت جزءاً من حركة أسواق القطيف، ينشط العاملون فيها بدءاً من تحميل وتنزيل البضائع الكبيرة من السفن وإليها في الميناء التاريخي، وانتهاءً بنقلها بين المحلّات والزبائن.

يمكن القول إن “الحمّالِيّة” شكلوا قطاعاً عريضاً في حياة القطيف القديمة، وقد ربط هذا القطاع الحركة التجارية بعضها ببعض، وأدّى دور الشحن والنقل والتوصيل، عبر أجيال متلاحقة ومستمرّة. كانت مهنة محلّية صرفة، تُستخدم فيها الدواب والعربات الخاصة “القواري”، وقبل ذلك؛ تُستخدم فيها العضلات في التحميل والتنزيل والتخزين.

وبسبب تنوّع أعمال النقل والتوصيل؛ عُرف العاملون في “الشحن” بـ “الحمّارة”، لأنهم يعملون على نقل البضائع والتمور بكميات كبيرة. وقد استخدم “الحمّارة” الحمير وحدها، أو الحمير التي تجرّب عربات “الگاري”.

أما الذين استخدموا عربات بلا حمير، أو عملوا على التنزيل والتحميل والنقل بواسطة أجسادهم؛ فقد عُرفوا بـ “الحمّالية”، ولهم وظائف متعددة، بينها نقل البضائع بين المحلات التجارية، أو بين المحلات والزبائن، ويُعتبر هذا العمل خفيفاً، نوعاً ما، لأنه لا يتطلّب تعاقداً مكتوباً، بل يتمّ سريعاً بين مقدّم خدمة ومستفيد منها.

الحمّالية.. كدّادة من أبناء المجتمع يعملون على عربات تُصنع محلياً (الصور من الإنترنت)

أجندة يوم

صباح كلّ يوم يتجه الشاب عماد ـ المتزوج حديثاً ـ إلى سوق الخضار، وهو واحدٌ من قلّة قليلة يمارسون هذه المهنة التي يخجلُ من ممارستها كثيرون.. لكنه يعرف أنه يكدُّ ليكسب رزقه من عرق جبينه.. ذلك مصدر فخر، وهو على هذه المهنة منذ ١٢ عاماً.

يومياً؛ يعمل على فترتين؛ الفترة الأولى من الـ 5 صباحاً إلى الـ 12 ظهراً. ثم يعود في الـ 4 عصراً إلى الـ 8 مساءً. يقود عربته الصغيرة المعروفة محلياً بـ “الگاري” أو “العربية”، ينقل عليها الفواكه والخضار حسب رغبة الزبون. ومما يجمعه من زبائنه يؤمّن قوته اليومي.

مشاوير

“أحياناً أذهب على نقل مشاوير خاصة بالسيارة.. ثم أعود إلى السوق”.. هكذا قال عن مصدر دخله الآخر. ويقول “أنا راضٍ عن نفسي وعن دخلي في هذه المهنة والحمد لله، والعمل ليس عيباً بل هو جد واجتهاد واعتماد على النفس وهي حرفة قديمة زاولتها من صغري حتى الآن، ولكن لا يمنع أن أطمح للأفضل وتطوير نفسي ومهنتي”.

سألته “صُبرة”: هل كل من تحمل له الخضار والفواكه يدفع لك مقابلاً..؟

فأجاب: بعضهم لا يدفع بحجة أن لا يوجد لدية كاش او نقود حالياً، سوف يعطيني في المرات القادمة.. وكثير من الأحيان لا أحصل على شئ ممن أخبرني بذلك.

وعلى الرغم من أن “الحمّالية” افراد يعمل كلٌّ منهم منفرداً؛ فإن عماد علي” يتمنى من المسؤولين أن يخصصوا عربات نقل معينة وسهلة الحركة، وأيضاً لباساً مخصصاً للمهنة، وتحديد سعر ثابت للنقل مدعوم، حتى نكون سواسية وتكون مهنة ذات ضوابط والتزام من قبل أصحاب العربات المتنقلة داخل السوق”.

عربة حمّالي قديمة (الصورة من الإنترنت)

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×